للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


الهدايا والتقاريظ

(الصراط المستقيم)
كثرت شكوى الباحثين في الإصلاح - ورأسه إصلاح التربية والتعليم - من
كتب القرون المتوسطة وما بعدها وَوُعُوَرة مسالكها وصعوبة أسلوبها وعدم موافقتها
للتعليم فقيّض الله تعالى لهم من أنفسهم من يسعى في إحياء كتب السلف ليستعان بها
على إحياء اللغة والدين. ومن يشتغل بتأليف كتب جديدة يستعان بها على التربية
والتعليم. فبينا جمعية إحياء العلوم العربية تشتغل بطبع (المخصص) وتسعى
باستنساخ مدونة الإمام مالك وكتاب الأم للإمام الشافعي لتطبعهما، ومنشئ هذه المجلة
يشتغل بطبع (دلائل الإعجاز) بعد طبع (أسرار البلاغة) إذا بالشيخ أحمد زناتي
ناظر مدرسة القبة الخديوية وأستاذ العربية والدين فيها يؤلف الكتب القريبة التناول
في التعليم، القوية التأثير في علم الدين.
وأكبر مؤلفاته نفعًا، وأحسنها صنعًا، كتاب في علم الدين سماه الصراط
المستقيم، وقد جعله ثلاثة أقسام: قسم في العقائد وقسم في العبادات وقسم في الآداب
وفي كل قسم فصول في الواجبات الاعتقادية والعملية والأدبية. يبتدئ الفصلَ
بالآيات الكريمة الواردة في الواجب الذي يتكلم عنه فيه ثم يأخذ الحكم مما تهدي إليه
مع بيان معناها. فهكذا يجب أن تكون كتب الدين لتطمئن بها القلوب، وتؤثر في
النفوس. وقد التزم في الكتاب بيان أسرار العبادات والآداب الدينية، ومنافعها
الدنيوية والأخروية، وبعد فراغ المؤلف من كتابه عرضه على الأمير العباس - أيده
الله تعالى - فسُرّ به وأمر بأن يطبع على نفقة الخاصة الخديوية، فطبع في المطبعة
الأميرية طبعًا متقنًا على ورق جيد، وجعل في جانب كل صفحة منه جدولين يذكر
في أحدهما بإزاء الآيات القرآنية التي افتتحت بها الفصولُ اسم السورة وفي الثاني
عدد الآية، ولو كان هذا البيان عامَّا لجميع الآيات القرآنية في الكتاب لكان النفع أتم.
وصفحات الكتاب ٤٠٠ وثمنه ١٢ قرشًا صحيحًا.
* * *
(الهداية إلى الصراط المستقيم)
اختصر المؤلف كتاب الصراط المستقيم بكتاب سماه بهذا الاسم، وهو مثل
الأول في ترتيبه وأسلوبه إلا أن حجمه نصف حجمه، والغرض من الاختصار أن
يكون المختصر كتاب تعليم يرتقي منه التلميذ إلى المطول، ويهتدي بتلقي هذا دراسةً
إلى فهم ذاك بنفسه. وقد طبع الكتاب الثاني على نفقته الخاصة أيضًا وفق الله مولانا
الأمير إلى ما فيه إحياء العلم والدين. وثمنه ثمانية قروش صحيحة، فَنَحُثُّ كل
من يطلب فهم الدين على مطالعة الكتابين.
* * *
(حجج القرآن)
كتاب من أجل ما كتب علماء الإسلام في خدمة الدين للإمام أبي الفضائل أحمد
ابن محمد بن المظفر بن المختار الرازي جمع فيه الآيات القرآنية التي تحتج بها
الفرق المفترقة من الإسلام في المسائل المختلف فيها بينهم ليعلم الناظر في
الحجج مجتمعة لديه. ممثلة أمام عينيه، أيها أحق بالقبول. وأدل على المدلول،
وقد ذكر في فاتحته أن أصل الفِرَقِ ثمانٍ: الجبرية وفي مقابلتها القدرية، والمرجئة
وفي مقابلتها الوعيدية، والصفاتية وفي مقابلتها الجهمية، والشيعة وفي
مقابلتها الخوارج. قال: (ومن هذه الفرق الثمان تشعبت الفرق الثلاث
والسبعون) أي التي ورد بشأنها الحديث المشهور. وأبواب الكتاب ثلاثون بابًا في
كل باب فصول كثيرة جمعت المسائل بدون أن يطلع على هذه الآيات التي يحتج
بها كل فريق على رأيه، ولا نعرفها مجموعة في غير هذا الكتاب. لهذا نقول: إن
إحياء هذا الكتاب خدمة جليلة للإسلام؛ فجزى الله الشيخ أحمد عمر المحمصاني
الأزهري خير الجزاء أن طبعه ونشره بين الناس بثمن بخس وهو قرشان صحيحان.
ومن طلبه من الخارج فليرسل مع الثمن قرشًا لأجرة البريد، وهو يوجد في إدارة
المنار بمصر وفي مكتبة هندية ومكتبة المليجي ومكتبة الرافعي ومكتبة المؤيد
ومكتبة الهلال.
* * *
(حياتنا التناسلية) أو (دليل العازب وطبيب المتزوج)
كتاب يدل اسمه على موضوعه، مؤلفه الطبيب سعيد أبو جمرة الذي تلقى
الطب في المدرسة الكلية ببيروت وأتمه في (كلية ماريون سمس) في الولايات
المتحدة، وهو ببحث عن أعضاء التناسل في الذكور والإناث وما يعرض لها
من العلل والأمراض قبل الزواج وبعده. وعبارته سهلة يفهمها كل قارئ ولا
غنى لقارئ عنها، فإن أكثر الناس عرضة للأمراض والأدواء التي تتولد في هذه
الأعضاء أو في البدن كله من استعمالها فيما يحرّمه الدين والطب (وكل ما ثبت
ضرره طبًّا فهو محرم شرعًا) ومن ذلك العادات الضارّة التي تكون من الشبان في
حال الانفراد ويحسبونها هينة وما هي بهينة، وإنما هي علة العلل والأدواء
والأمراض القاتلة. ولو علم الناس ما وراءها لأعانهم العلم على مغالبة الشهوة،
ومحاربة اللذة؛ لأنه هو الركن الركين، بعد تربية الدين، وأين التربية الدينية من
قوم يذكر أطباؤهم ومرشدوهم عجائب صنع الله تعالى وحكمه وآياته في الآفاق
وفي أنفسهم فيسندونها إلى شيء مجهول يسمونه: الطبيعة، ولا يسندونها إليه
جلّت قدرته كما فعل صاحب كتابنا هذا.
وإننا لا نرى في هذا الكتاب غير هذا العيب. ونقول على كل حال: إنه ينبغي
لأهل كل بيت اقتناء هذا الكتاب ومطالعته والاستعانة به على تربية الأولاد. وهو
مطبوع في مطبعة الهلال وعدد صفحاته مئتان ونيف وثمنه ١٢ قرشًا مصريًّا،
ويطلب من مكتبة الهلال بمصر.
* * *
(نيل الأرب في موسيقى الإفرنج والعرب)
الموسيقى فن من الفنون التحسينية يرتقي في الأمم بارتقاء المدنية
والحضارة ويتدلّى بتدليهما. والميل إليه طبيعي في الإنسان بل الميل إلى حسن
توقيع النغم معهود في الحيوان الأعجم. ولقد كان للعرب حظ منه أيام مدنيتهم
فذهب بذهابها. ولما دالت الحضارة إلى الأمم الغربية ارتقى عندهم هذا الفن حتى
صار ركنًا من أركان الفنون الحربية، كما أنه ركن من أركان التربية النفسية،
وكان من موضع العجب أن المصريين اشتغلوا بتقليد الإفرنج من زمن طويل،
وأخذوا عنهم كثيرًا من علومهم، ولكنهم لم يضعوا لنا كتابًا مصنفًا أو مترجمًا في فن
الموسيقى حتى ظهر هذا الكتاب في هذه السنة لمؤلفه أحمد أفندي أمين الديك. ومن
عرف المؤلف يحكم بأنه إنما ألف هذا الكتاب بباعث طبيعي، وشعور بأن قومه في
حاجة إلى هذا الفن، وأنه أراد أن يكون البادئ بسدّ هذه الحاجة. وإنما قلنا هذا؛ لأنه
شاب بعيد من التفرنج ومذاهبه متمسك بالدين عملاً وآدابًا على أن الشائع في قومه
أن الموسيقى من الفنون المذمومة في الدين، وما المذموم في الدين إلا هذا التخنث
الشائع عندهم في الغناء، أما الموسيقى فهي نافعة في الحرب والآداب والأخلاق،
هذا وإننا لا نحكم على الكتاب من الجهة الفنية لأننا نعترف مع الخجل بأننا لا
نعرف الفن. والكتاب مطبوع بالرسوم وأشكال (النوتة) بالمطبعة الأميرية
وثمنه خمسة قروش.
* * *
(الاتجار بالنساء)
هي القصة العاشرة من (روايات مسامرات الشعب) معربة بقلم حسن
أفندي توفيق الدجوي من ضباط البوليس ومعرِّب كتاب (التربية الحديثة) وقد صدّر
القصة صاحب مطبعة الشعب بكلمة للصحافة المصرية يطالبها فيها بانتقاد هذه
القصص التي يقصد بنشرها خدمة الأمة، وينتقد تقريظ الجرائد بمدح كل كتاب أو
قصة تنشر وتمني الرواج لها.
الانتقاد واجب وإن كان يسيء ناشري الكتب كما جربنا. وإذا لم يسمح وقت
أصحاب الجرائد وكتابها بقراءة الكتاب كله أو بعضه، فلا يجوز لهم تقريظه؛ لأن
التقريظ حكم لا بدّ فيه من العلم بالمحكوم عليه. ولقد طالعنا قصة الاتجار بالنساء
هذه ظنًّا منا أن الذي حمل ناشرها على تعريضها للنقد هو ثقته بأنها تعلو عليه لما
فيها من الإرشاد النافع فألفيناها مشحونة بأخبار الفسق والفحش والكيد وسفك الدم
والانتقام. ومثل هذه الحوادث التي تشرحها القصة يؤثر الكلام عنها في النفس أسوأ
تأثير ويكون غذاء رديئًا للنفوس المستعدة للشرور؛ لأنها لم تتربَّ تربية صالحة.
وأين التربية الصالحة في هذه البلاد؟
يحتج ناشرو أمثال هذه القصة بأنها لا تخلو من بيان سوء عاقبة المجرمين.
ونحتج عليهم بأن الكتابة في تمثيل عواقب الجرائم والمآثم يشترط فيها أن يكون ما
يكتبون فيه شائعًا فيمن يكتبون لهم بحيث تفيدهم الكتابة عظة وعبرة، ولا تزيدهم
علمًا بوجوه المنكرات وطرق السيّئات؛ لأن ما لا شبهة فيه أن كل قارئ يوجه فكره
إلى ما يناسب طباعه ورغائبه من الكلام ويغفل عن غيره. والجرائم المشروحة في
هذه القصة لم تأت على الشرط بخلاف قصة (الحال والمآل) التي قرظناها من قبل
فإنها جاءت على الشرط؛ لأنها ذكرت منكرًا معروفًا فاشيًا في مصر وبينت سوء
عاقبته لذلك أثنينا عليها وأنكرنا على هذه ولعل كلامنا في الموضعين يكون حاملاً على
الرغبة عن الضارّ إلى الرغبة في النافع والله الموفق.
* * *
(روايات الحدّاد)
أحسن القصص التي تنشر في مصر لهذا العهد عبارة ما عربه فقيد التحرير
نجيب أفندي الحداد وقد أُهديت إلينا قصتان منها منذ أشهر أضعناإحداهما واستعار
الأخرى أحد أصدقائنا ولم يُعدها فكتبنا هذه الكلمة لئلا يتوهم المُهدي أننا أغفلنا
تقريظهما إجحافًا بحقه.