للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


حظر أخذ العلم الشرعي من الكتب بدون توقيف

(س١٨) من صاحب الإمضاء في الإسكندرية.
حضرة الإمام العالم العامل الأستاذ الشيخ محمد رشيد رضا أمد الله في أجله ,
ونفع المسلمين بعلمه.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: فقد جاء في كتاب الإمام ابن حجر
الموسوم بالفتاوى الحديثية صحيفة نمرة ٢٠ من طبع مطبعة الجمالية ما يأتي:
كل من أخذ العلم عن السطور كان ضالاًّ مضلاًّ؛ ولذا قال النووي رحمه الله:
من رأى المسألة في عشرة كتب مثلاً لا يجوز له الإفتاء بها؛ لاحتمال أن تلك
الكتب كلها ماشية على قول أو طريق ضعيف اهـ.
فما رأيكم في ذلك؟ وإذًا فما فائدة الكتب الدينية والمجلات العلمية؟ ألا يجب
بناء على ذلك أن نَدَعَهُمَا بطون المكاتب , حتى يتيسر لنا أخذها عن صدر عالم ,
أو ما معنى هذا الكلام؟ أفيدونا ولكم من الله الجزاء , والسلام عليكم ورحمة الله
وبركاته.
محمد عثمان
(ج) يعني الفقهاء أن علم الدين لا يوثق به إلا إذا أخذ بالتلقي عن أهله من
العلماء الراسخين، وأن الجاهل إذا احتاج إلى العلم بمسألة فبحث عنها في بعض
الكتب , وإن تعددت فأخذ بما رآه مدونًا فيها؛ يكون ضالاًّ بأخذه بها في نفسه،
مضلاًّ في فتواه بها لغيره، إن لم يكن هو عالمًا يقدر أن يميز بين ما يراه في الكتب ,
فيعرف بالدليل صحيحه من غيره وحقه من باطله , لاحتمال أن يكون ما رآه قولاً
ضعيفًا دليلاً أو مدلولاً.
وأنا قد اختبرت بنفسي أفرادًا من الناس تعرض لهم المسألة , فيأخذون بعض
الكتب ويراجعون فيها عنها في مظانها؛ فيجدون شيئًا لا يفهمونه حق الفهم؛
فيعملون به ويفتون ويحتجون ويجادلون، وهم لا يفهمون ما يقولون وما يكتبون،
لضعفهم في العلوم التي يتوقف عليها فهم المسألة من عربية وشرعية، وقد انتقد
بعضهم علينا بعض ما نشرناه في المنار , فنشرناه لهم على عادتنا وبينا لهم أنهم لم
يفهموا النقول التي استدلوا بها على آرائهم كلها أو بعضها.
ومنهم من ذكرنا في الرد عليهم بعض قواعد الأصول , فطعنوا في علم
الأصول نفسه , واحتجوا على طعنهم بأنه مبتدع ما أنزله الله تعالى ومثله النحو
والمعاني والبيان في ذلك , فتأمل وتدبر.
هذا سبب ما كتبه الفقهاء , وهو لا ينافي الانتفاع بكثير من الكتب السهلة
العبارة والمجلات وغيرها ومراجعة أهل العلم فيما يخفى على القارئ منها.