للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


الجمعية الخيرية الإسلامية
الاحتفال بمدرستها في القاهرة

احتفلت الجمعية الخيرية الإسلامية في يوم الأربعاء الأسبق بمدرستها في
القاهرة احتفالاً رأسه مفتي الديار المصرية وحضره كبار العلماء والوجهاء وفي
مقدمتهم شيخ الأزهر ومدير الأوقاف. وقد كان الاحتفال على نحو الاحتفالات
السابقة حسنًا ونظامًا وموضع إعجاب بما امتاز به تلامذة الجمعية على سائر
المتعلمين من أمثالهم، وهو أنهم لا يحفظون شيئًا بدون فهم ولذلك كان رئيس الجمعية
والاحتفال يناقش التلامذة في كل ما يسألون عنه فيحسنون الجواب. ولما أراد
الرئيس توزيع الجائزة التي باسم المرحوم علي باشا مبارك ذكر من خدمته للمعارف
ثلاثة أمور عظيمة: أحدها تعميم المدارس في المديريات وثانيها إبطال الضرب من
المدارس وكان الضرب فيها مفروضًا رسميًّا، فالتأديب فيها كان (بالكرباج) كتأديب
المذنبين والمجرمين في شريعة محمد علي باشا وقوانينه. وقد قال الأستاذ الرئيس
في هذا المقام كلمة جليلة وهي: إن علي باشا مبارك أبطل بمنع ضرب التلامذة
التربية بالإهانة والقسوة وجعل التعليم مقرونًا بكرامة النفس وهي قوام التربية، فإن
المعاقبة على الذنب بالإهانة والقسوة لا تؤدب النفس؛ لأنها تخفي الأخلاق الذميمة
ولكنها لا تمحوها بل تزيدها وتقويها فتكون كامنة حتى إذا تسنى لها الظهور تظهر
في أقبح الصور. وأمّا الذي يمحو الأخلاق الذميمة فهو الإقناع بقبحها وضررها
وحسن المعاملة وتكريم النفس حتى تتكرم عن الشوائن وتأنف من كل ما ينافي
الشرف.
وأما الأمر الثالث فهو إنشاء مدرسة دار العلوم التي تسمى الآن (مدرسة
المعلمين الناصرية) قال: إن تلامذة هذه المدرسة يؤخذون من طلاب العلم في
الأزهر فيضمون إلى العلوم الأزهرية جملة صالحة من العلوم الكونية التي تقرأ في
المدارس.
وقد تخرج في هذه المدرسة كثيرون خدموا المعارف في مصر خدمة نافعة،
فمنهم معلمو العربية في جميع مدارس الحكومة وبعض المدارس الأخرى ومنهم
المشتغلون في المعارف بالتفتيش في المدارس والكتاتيب وهم محافظون على زيهم
المصري زي أهل العلم الديني، ولهذه المحافظة تأثير عظيم في التربية العربية.
وبعد ذلك وزعت المكافأة السنوية التي يتبرع بها الشيخ عبد الرحيم الدمرداش
للنابغين من تلامذة مدرسة الجمعية في القاهرة وهي ألف قرش. ثم انفض القوم
بختم الاحتفال داعين للمدرسة بزيادة النجاح وللجمعية ببلوغ الكمال.