للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


الأخبار والآراء
(المعارف والأمة والحكومة)
نشر (المؤيد) الأغرّ في العدد ٢٦٩٢ رسالة لمكاتبه في الأستانة العلية بحث
فيها صاحبها في وسائل الارتقاء وحث الأمة الإسلامية على الأخذ بها، فأصابت
مواقع الاستحسان من نفوس القارئين، وقد نبهت جريدة (الشام) الغرّاء على هذه
الرسالة في عدد ١٧٩ وشكرت لكاتبه عنايته واعترفت بحسن قصده , إلا أنها
استنكرت من الرسالة أعرف ما فيها وأفضله وأجدره بالعناية والشكر فقالت: إلا أننا
رأينا عبارة مستنكرة، وذلك عند قوله: (إن في دار السعادة جمعيات ومجالس لجميع
الأمم، وهذه الجمعيات والمجالس تشتغل دائمًا لتشييد المدارس، وفي
سائرالمشروعات المفيدة، أما المسلمون فقلّ بينهم مَن يلتفت لمثل ذلك، وليس بين
الجرائد مَن يذكر عبرة تعتبر بها الأمة) اهـ إنكارها بحروفه.
ثم ردت هذه الجريدة على العبارة المستنكرة بقولها: (نقول: إن المكاتب قد قال
ما قال عن غير خبرة، فإن الحكومة السنية عنيت بأمر المعارف كثيرًا حتى أسست
المدارس العالية والمتوسطة والابتدائية، وهذه مدارس الأستانة العلية تُخرِّج كل عام
مئات من الطلبة، وقد امتلأت عقولهم بالعلوم المتنوعة والمعارف، وتحلت نفوسهم
بالأدب والكمال، وهل أعظم دليل على إتقانهم تلك العلوم الحكمية والطبيعية
والرياضية والأدبية من تلك الشهادات العظيمة التي يأخذونها من تلك المدارس،
وليس بعد ما تقدم على الأهلين أن يسعوا أبدًا (تأمل وتعجب!) فإن الحكومة السنية
قامت أحسن قيام بهذه المهمة الشريفة، فكفتهم مؤونة العمل، والدعاء والثناء هما من
أخص وظائف عبيد الدولة العلية، أعلى الله منارها) . اهـ بحروفه.
(المنار)
لا شك أن هذا الكلام أشبه بالتهكم منه ببيان الحقيقة، ولولا أن أوهام
جماهير الناس متعلقة بالحكومات، وأنها المكلفة بكل شيء، ويصدقون أن الرعية
عبيد ليس عليهم إلا الشكر والخضوع لحكامهم وليس عليهم (أن يسعوا أبدًا) لما
احتجنا إلى التنبيه على انتقاد جريدة (الشام) على مكاتب (المؤيد) المصيب، هذا
المكاتب لم يتكلم في سبق الدولة في ميدان المعارف ولا في تقصيرها، وإنما تعجب
من اجتهاد جميع الطوائف غير المسلمة في المعارف والأعمال النافعة، فهل السبب
في هذا أن دول تلك الطوائف مقصرة فاجتهدت الرعايا لتكمل نقص دولها، وأن دولة
المسلمين سبقت جميع الدول فأغنت الرعية عن السعي؟ كيف وإن بعض تلك
الطوائف من رعية الدولة العلية ومدارسها مباحة لهم، وهم السابقون إلى المدارس
الأجنبية التي تنشأ في بلاد الدولة، ويشيدون مع ذلك لأنفسهم مدارس أهلية،
ويقومون بمشروعات عملية مفيدة، ثم إذا كان يخرج من مدارس الأستانة مئات من
التلامذة يحملون الشهادات الصادقة أو الكاذبة، فكم يخرج من مدارس الحجاز منبع
الحكمة ومهبط الوحي، ومن مدارس بغداد والبصرة موطن التمدن العربي والعز
الإسلامي؟ اللهمّ إنه ليس فيها شيء من هذه المدارس التي تخرج التلامذة الذين
يعمرون البلاد بمعارفهم ويغمرونها بعوارفهم، ونحن نعلم أن الدولة العلية - أيدها الله
تعالى - عاجزة عن تعميم المعارف في جميع ولاياتها، فيجب على جميع العارفين
بحال الوقت - وفي مقدّمتهم أصحاب الجرائد - أن يحثوا الأمة على مساعدة الدولة في
ذلك، وفيما يتبعه من السعي بالأعمال النافعة، لا أن يقنعوها بأن وظيفتها العبودية
والشكر للحكام والدعاء لهم فقط، فإن مساعدتنا لحكامنا على الإصلاح بالأعمال أنفع
لنا ولهم من الأقوال.
***
(قرار أمير المؤمنين)
صدرت إرادة مولانا أمير المؤمنين بنهي الجرائد عن نشر الآيات القرآنية
والأحاديث النبوية صونًا لها من الابتذال؛ لأن هذه الجرائد عرضة للتمزيق والرمي
بالأرض وغير ذلك، ولا يخفى أن هذا الأمر مخصوص بالنشرات دون المجلات التي
حكمها حكم سائر الكتب، وهذا أمر من الخليفة موجه لجميع المسلمين؛ لأنه يتعلق
بأمر ديني لا إداري ليكون مخصوصًا بالمملكة العثمانية، وإننا نرى بعض الجرائد
في مصر تدعي الدعوة إلى طاعة الخليفة والإخلاص له، وإنما يظهر صدق دعواها
بامتثال مثل هذا الأمر، وبطاعة الجناب الخديوي والإخلاص له؛ لأنه نائب الخليفة
فعسى أن تبرهن على صدق الدعوى بترك نشر الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة،
وترك الإيهامات الباطلة التي تنافي الإخلاص لولي الأمر والتعريض بما لا يرضيه،
والله الموفق.
***
(أصل ثروة روتشيلد)
ثروة روتشيلد أذهلت العالم؛ لأنها صارت محورًا تدور عليه رحى السياسة
الأوروباوية، وإليك بيان أسباب هذه الثروة وكيفية جمعها نلخصه عن العالم منقولاً
عن بعض المجلات الإنكليزية الشهيرة.
مؤسس بيت روتشيلد رجل اسمه ماير امشل روتشيلد ولد في مدينة فرنكفورت
منذ ١٥٩ سنة، ودرس عند الحاخامين بعض العلوم الدينية، فلم تنطبق على رغائبه
لأنه كان يعتقد أن المال ضالة الناس وهو غايتهم الكبرى، وبناء عليه وجّه أفكاره
إلى الاشتغال بمهنة الصيرفة، فدخل في بنك (أوبنهيم) في مدينة هانوفر فلم تمض
عليه عدة سنين حتى برع في فن الصيرفة، وأظهر من الأمانة والإخلاص في شغله
ما خوّله ثقة الناس به حتى لقبوه (باليهودي الأمين) وهذه الشهرة أكسبته صداقة
كثير من العظماء وأرباب المناصب، منهم البرنس لند كريف من عائلة (هس)
الذين كانوا مصدرًا لثروته وتقدمه ونجاحه.
ففي سند ١٧٠٦م زحفت جنود فرنسا على جرمانيا تريد الاستيلاء على إمارة
هس فأرسل البرنس يستدعي روتشيلد لثقته به، وأخبره بأنه عازم على الهرب،
وأنه لا يقدر على نقل ثروته الطائلة من قلعة هس، وأنه يقيمه محافظًا عليها إلى أن
تنقشع سحابة المخاوف، وكانت تلك الأموال تزيد على عشرة ملايين ليرة إنكليزية
أودعها روتشيلد في أرض الدار على عمق بضعة أقدام ثم جاءت الجنود الفرنساوية،
ونهبت القلعة وأخذت أموال روتشيلد، ولكنها لم تعثر على الأموال المدفونة
تحت الأرض، وبعد انجلائها من هناك جاء البرنس لند كريف واستلم
أمواله بغير نقص ولا زيادة، فسُرّ من أمانة روتشيلد وأعطاه مبلغًا عظيمًا على
سبيل الهبة، ثم قدّم له جميع ثروته ليشتغل بها مدة عشرين سنة بدون عوض ولا
مقابل، فاشتغل الرجل بتلك الملايين من الليرات بدون عوض مدة عشرين سنة
وربح أرباحًا عظيمة تزيد على ما استلمه أضعافًا، ثم أرجع مال صديقه إليه وصار
من أعظم أغنياء العالم، ومازالت ثروته تزداد حتى ضربت بها الأمثال وصارت
الدول تستدين منه الأموال وتعتمد عليه عند تدبير أمور مالياتها، فتأمل.
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... (الحاضرة)
***
(المفتاح)
مجلة علمية صحية تاريخية أدبية مصورة، تصدر في منتصف كل شهر من
القاهرة لمنشئها الكاتب الأديب توفيق أفندي عزوز وقيمة الاشتراك فيها ٤٠ غرشًا
مصريًّا تدفع سلفًا، وقد صدر العدد الأول منها مصدّرًا بآخر رسم لسمو الخديو المعظم
ومشتملاً على كثير من الفوائد العلمية والأدبية، وفي آخره نبذة من رواية (غيرة
المرأة) تعريب صاحب المجلة، فنرجو الإقبال على هذه المجلة؛ ليكثر أمثالها في
البلاد.
***
(التمثيل)
مجلة سياسية أدبية انتقادية، تصدر مرتين في الشهر مؤقتًا، مدير أشغالها
محمد أفندي أمين، وقيمة الاشتراك فيها ١٥ غرشًا في السنة، وقد صدر العدد الأول
منها مصدّرًا بفاتحة في بيان فائدة التمثيل، ونبذة في تعاسة الأمة، يليها باب الألحان
والأشعار الغزلية، ثم باب أشهر الممثلين والممثلات، فنرجو لها التوفيق والنجاح.