للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


القسم برب موسى وعيسى وإبراهيم
وأبجد وهوز ... إلخ

(س ٣٩ و٤٠) من عبد الحافظ أفندي علي (بشربين) .
سيدي العلامة المفضال منشئ مجلة المنار الغراء.
بعد الاحترام:
سُئِلت مرة، وسألت علماءنا مرارًا عن اليمين المتداول بين الناس وهو:
(والله العظيم رب عيسى وموسى وإبراهيم) ؛ ظنًّا مني أنه لا بد من حكمة يُعْرف
العالم العامل، ولكني من الأسف لم أهتد على الجواب الشافي الكافي، وسألت أيضًا
العلماء والأوداء عن معنى: (أبجد هوز حطي ... إلخ) ، فلم أقف على الحقيقة.
(فنرجوكم إجابتنا في العدد الآتي، ولكم الشكر وأمضيه باحترام) .
(ج) أما القسم المذكور فلا أعرف له حكمة، ولا أرى البحث عنه أمرًا ذا
بال، ويسبق إلى الذهن أنه جرى على لسان بعض محبي السجع، فاستحسنه الناس
وسمعت بعض العامة يحذف منه اسم عيسى، فخطر لي أنه ربما كان من أقسام
اليهود وسرى منهم إلى المسلمين.
وأما أبجد هوز ... إلخ، فهي كلمات ضبطوا بها حروف المعجم، ولهم فيها
روايات، جَمَعَ المشهور منها الشيخ حسين والي في كتاب الإملاء. قال:
(هذا وكان تعليم الحروف في أول الأمر على ترتيب: أبجد هوز حطي
كلمن سعفص قرشت ثخذ ضظغ) . قال في القاموس: وأبجد إلى قرشت وكلمن
رئيسهم ملوك مدين، ووضعوا الكتابة العربية على عدد حروف أسمائهم، هلكوا
يوم الظُّلة، فقالت ابنة كلمن
كلمن هدم ركني ... هلكه وسط المحله
سيد القوم أتاه الـ ... حتف نارًا وسط ظله
جُعِلت نارًا عليهم ... دارهم كالمضمحله
ثم وجدوا بعدهم ثخذ ضظغ فسموها الروادف. اهـ فهم قوم شعيب - صلى
الله عليه وسلم - ويوافقه ما في الخطط المقريزية.
ورُوي عن عبد الله بن عمرو بن العاص وعروة بن الزبير أنهما قالا:
(أول من وضع الكتاب العربي قوم من الأوائل نزلوا في عدنان بن أدين
أول أسمائهم - أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت - فوضع الكتاب العربي على
أسمائهم، ووجدوا حروفًا ستة ليست من أسمائهم؛ وهي ثخذ ضظغ فسموها
الروادف اهـ.
أما الفقهاء فقد قال منهم محمد: سمعت بعض أهل العلم يقول: إنها أسماء ولد
سابور مَلِك فارس أمر من كان في طاعته من العرب أن يكتبوها، قال: فلا أرى
لأحد أن يكتبها؛ فإنها حرام اهـ. وقال سحنون: سمعت حفص بن غَياث يُحَدِّث
أن أبا جاد أسماء شياطين) اهـ. وبنى على ذلك كراهة تعليمها الصبيان.
انتهى المراد من كتاب الإملاء.