للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


الهدايا والتقاريظ
(دائرة المعارف)
صدر المجلد الحادي عشر من هذا الكتاب المفيد، أو كما عرَّفه واضعه الأول
بقوله: (قاموس عام لكل فن ومطلب) ، ويبتدئ الجزء الحادي عشر بلفظ الصُّلبَة
من حرف الصاد، وينتهي بالكلام على الدولة العثمانية من حرف العين، والكلام
في الدولة يبتدئ من الصفحة ٧١٧ وينتهي بالصفحة ٧٥٢، وهذا ما عدا تراجم
السلاطين؛ فإن ترجمة كل سلطان مذكورة على حدتها بحسب الحروف.
وفي هذا المجلد من مباحث العلوم: الكلام على الصوت والطيف الشمسي،
ومن مباحث الصناعة أشرفها - أعني - صناعة الطباعة، ويسهل على الذكي أن
يعرف أكثر ما فيه من المباحث والتراجم، والكلام على الحيوان والنبات والبلاد
بالتفكر فيما بين الصاد مع اللام، وبين العين مع الثاء من الأسماء، فنشكر لصديقنا
العالم الفاضل سليمان أفندي البستاني عنايته بإتمام هذا العمل النافع، ولمساعديه
الفاضلين نجيب أفندي، ونسيب أفندي البستاني، ونحث أهل العلم وأنصاره على
إسعادهم بالإقبال على الكتاب.
***
(ميزان الجواهر في عجائب هذا الكون الباهر)
كتاب جديد التأليف والطبع، بل والأسلوب والوضع، وهل هو كتاب توحيد
وتنزيه، أم كتاب أخلاق وآداب، أم كتاب فكاهة ونزاهة، أم كتاب طبيعة ونبات،
أم هو تفسير آيات بينات؟ من قرأ وصف، ومن ذاق عرف، مؤلف الكتاب
صديقنا الأستاذ الفاضل الشيخ طنطاوي جوهري معلم البلاغة والإنشاء في المدرسة
الخديوية، وقد حذا به حذوًا يحكي أسلوب (رسائل إخوان الصفا) المشهورة في
مزج العلوم الكونية بالآيات القرآنية، والمؤاخاة بين المنازع الفلسفية والمشارع
الدينية، إلا أنه نزهه من الحكايات الخرافية، والسفسطات النظرية، ولم يقصد من
الكتاب تحرير فن مخصوص ببيان مسائله، وتحرير دلائله؛ وإنما هو أفكوهة
علمية دينية فيه فائدتان لصنفين من الناس: صنف عكف على فنون العربية والفقه
ومثل السنوسية والجوهرة من كتب العقائد، فهو يتوهم أن علوم الكون بعيدة عن
الدين ومذاهبه، وصنف اشتغل بمبادئ الفنون العصرية على الطريقة الأوربية التي
لا تستلفت الذهن من الصنعة إلى الصانع، ولا تعرج بعقله من الكون إلى المكون،
فهذا الكتاب يهديه إلى ذلك، وقد سبق الإمام الغزالي إلى هذه الطريقة في كتاب
التفكر من الإحياء، واستن صاحبنا بسنته، هذا ما لاح لي من مطالعة صفحات منه
متفرقة ومطالعة خاتمته، وقد التزم طبع الكتاب صديقنا الأستاذ المرشد، والمسلم
الموحد الشيخ علي أبو النور الجربي، ووكل أمر نشره إلى مريده الفاضل عبد
الحميد بك الطوبجي ويُطلب منهما، ومن المطبعة المتوسطة، ومن مكتبة المدارس
بالصليبة، وثمنه عشرة قروش.
***
(تقويم المؤيد لسنة ١٣١٩)
ما زال الكاتب الفاضل محمد أفندي مسعود يزيد هذا التقويم إتقانًا عامًا فعامًا،
وهذه سنته الرابعة قد زادت على السنة الماضية في كل ضرب من ضروب الزيادة،
زيادة الصفحات، وزيادة السطور فيها، وزيادة المواضيع العلمية والأدبية،
وزيادة الجودة في الورق والتجليد، ومن لطيف اختراع واضعه أن اتفق مع بعض
كبار التجار الذين يحتاج كل أحد إلى سلعهم على أن يبيعوا من عنده هذا التقويم
بأقل مما يبيعون من سائر الناس بمقدار مخصوص في المائة، بأن وضع في كل
نسخة من التقويم أوراقًا تقدم إلى المحل التجاري، فتكون المراعاة بها، وبهذا
الاختراع يكون التقويم كالقراطيس المالية المضمونة الربح، وقد اشتهر التقويم عند
جميع طبقات الناس، وصار سمير الأدباء في السهر، ورفيقهم في السفر، وهو
جدير بذلك.
***
(دعاوى وضع اليد)
جرت سنة الارتقاء في العلم بأن يتولد من العلم الواحد عند اتساع دائرته علوم
متعددة تُفرد بالتأليف؛ ليسهل على طلابها الإحاطة بها وإحصاء جزئياتها، فقد كان
علم الطب والعلاج علمًا واحدًا، ثم انقسم إلى علوم متعددة كعلم وظائف الأعضاء،
وعلم التشريح بأقسامه، وعلم الصيدلة ... إلخ، بل أفرد علماؤه الأمراض العصبية
بالتأليف، وكذلك أمراض العيون وأمراض الأذن، بل وأمراض الأظافر، وكذلك
كان علم العربية واحدًا، ثم انقسم إلى نحو وصرف واشتقاق ووضع ... إلخ، ومن
الارتقاء في علم الحقوق والتأليف فيه بالعربية ما نراه يظهر من المؤلفات من
فروعه، ومن ذلك كتاب المحاماة الشهير لسعادة أحمد فتحي بك زغلول رئيس
محكمة مصر، وكتاب (دعاوى وضع اليد) الذي نشره من أيام المحامي البارع
والقانوني الشهير مراد أفندي فرج أحد المحامين في محكمة الاستئناف بمصر، ولم
تسمح لنا الشواغل بمطالعته؛ ولكن اجتهاد مؤلفه في فنه، وانصراف همته إلى
التأليف في هذا النوع بخصوصه يعطياننا أملاً ورجاء في توفية الموضوع حقه.
***
(احتجاب)
رسالة لطيفة في حكم احتجاب النساء في الشريعة الإسلامية، ألّفها باللغة
التركية العلامة الشيخ عبد الله جمال الدين أفندي قاضي مصر السابق، تغمّده الله
تعالى برحمته، وعرَّبها الأديب الفاضل الشهير بلقب (أصمعي) بإذن المؤلف،
وطبعها بإذن ورثته، ويظهر من مقدمة الرسالة أن المؤلف كانت تحدثه نفسه
بوضعها من زمن بعيد، ثم قويت العزيمة عندما رأى رسائل تدعي (أن أسباب
تأخر الإسلام في الترقي العصري والمدنية هو بقاء نساء الإسلام أسيرات في أيدي
الرجال المتحكمين عليهن وعدم خلاصهن من قيود التستر والحجاب) ، هو إذن يرد
على أصحاب تلك الرسائل؛ ولكن يا له من ردٍّ أدبي نزيه، وكيف لا وهو لمن
يصح أن يكون في آدابه قدوة في عصره لكل فقيه؟ وقد أورد في الرسالة على
اختصارها زبدة ما قاله المفسرون والفقهاء وشراح الحديث في وجوب عفة النساء
وتحجبهن، ولولا أن الجرائد اليومية سبقتنا إلى نشره لأوردنا شيئًا منه، وقد
راجت الرسالة حتى إن ناشرها أخبرنا بأن نسخها نفدت، وما ذلك إلا لشهرة مؤلفها
بالفضل، رحمه الله تعالى وجزاه على حسن نيته خير الجزاء.