للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: أحمد حشمت


إحياء اللغة العربية
وطبع نوادر مصنفاتها

كانت العلوم العربية والآداب العربية في الدول العربية في الشرق والغرب
والجنوب والشمال زينة الدنيا وأساس عمرانها ومدنيتها، وعنها أخذت أوربا مدنيتها
وعلومها وفنونها، وارتقت فيها بعد أن تدلى العرب وضعفوا بذهاب دولهم وتغلب
الأعاجم عليها، وإنما ترتقي العلوم والفنون بتأييد الدول القوية لها.
لم يقم في الشرق الإسلامي بعد الدول العربية الأصلية والمستعربة دولة قوية
إلا الدولة العثمانية، ومن سوء حظ الشرق والإسلام أن كان الترك المؤسسون لها
من أهل البداوة، ولم يجعلوا عاصمتهم في مدينة من مدن الحضارة العربية كبغداد
والشام ومصر فيتعربوا، ولو فعلوا لتجددت الحضارة العربية الإسلامية واستمر
نموها، وكنا نحن السابقين لأوربا. ولكنهم لم يفعلوا ذلك؛ جهلاً منهم لا رغبة في
جعل لغتهم هي لغة العلم والحضارة؛ لأن لغتهم بقيت على بدواتها لم تدون، ولم
بوضع لها نحو ولا صرف ولا بيان في عهد قوتهم وعظمتهم، وإنما حاولوا ذلك في
هذا العصر، فالدولة العثمانية كانت سبب ضعف اللغة العربية بجهلها لا تعمدًا منها
إذ لم تكن دولة علم ولا حضارة، بل دولة حرب وقوة.
ويحاول كثير من ساستها اليوم أن يحيوا لغتهم؛ ويجعلوها اللغة الطبيعية
للشعوب العثمانية كلها، ولو كان ذلك ممكنًا لكانوا معذورين في عرف السياسة
الجنسية، ومعذولين في حكم الديانة الإسلامية، ويرى كثير منهم أن اللغة العربية
هي العقبة الكؤد في طريق مقصدهم هذا، فهم يحاولون إماتة هذه اللغة وإن كان
موتها موتًا للدين الإسلامي (وحاش لله أن يميته) ، ولهذه السياسة المبنية على
العصبية الجنسية الجاهلية، يمنع بعض حكام الترك العرب من إنشاء المدارس في
بلادهم؛ كما فعل متصرف نابلس في منع فضلاء وجهائها من إنشاء مدرسة فيها؛
وحجته في ذلك أنهم يحيون اللغة العربية فتضعف اللغة التركية عندهم، ولا نذكر
هنا ما فعلوه في المحاكم وغيرها من مصالح الحكومة في الولايات العربية، فأوجب
الشكوى واللغط.
رأيت كثيرًا من العرب العثمانيين خائفين على اللغة العربية أن تموت بمقاومة
بعض حكامهم لها، ويجهل هؤلاء أن الله تعالى قد سخر لهذه اللغة أمم الإفرنجة
يتدارسون ويحيون موات علومها وآدابها، وإن لها دولة هي أقوى من الدولة العلية
حضارة وإن كانت دونها جندية؛ وهي تحت سيادتها دون سياستها وإدراتها ألا وهي
الحكومة المصرية العربية.
التعليم في الأزهر وملحقاته من المدارس الدينية في هذه البلاد كله باللغة
العربية، وجميع مدارس الحكومة والمدارس الأهلية فيها تدرس اللغة العربية وتعلم
بعض الفنون بها؛ وبعضها بإحدى لغتي العلم في الغرب الإنكليزية والفرنسية، وقد
شرعت الحكومة تستعد لجعل تدريس جميع الفنون بالعربية.
وقد شعرت في هذه العام بإحياء المصنفات العربية القديمة في الفنون المختلفة
بطبعها في مطبعتها المشهورة، واسترشدت في ذلك بصديقنا أحمد زكي بك الكاتب
الثاني لمجلس النظار؛ لما له من الخبرة الواسعة في هذا الباب وقد جاءنا منها
الرسالة الآتية في بيان هذا المشروع، وها هي ذي بنصها:
الحكومة الخديوية المصرية
مجلس النظار

إحياء الآداب العربية
اجتمع مجلس النظار بسراى رأس التين بالإسكندرية في يوم الإثنين ٢١شوال
سنة ١٣٢٨ (٢٤أكتوبر سنة ١٩١٠) .
تحت رئاسة الجناب الخديوي المعظم عباس حلمي الثاني.
بحضور صاحب العطوفة محمد سعيد باشا، رئيس المجلس وناظر الداخلية.
وأصحاب السعادة سعد زغلول باشا ناظر الحقانية.
وحسين رشدي باشا ناظر الخارجية.
وإسماعيل سري باشا ناظر الأشغال العمومية والحربية.
وأحمد حشمت باشا ناظر المعارف العمومية.
ويوسف سابا باشا ناظر المالية.
وحضر الجلسة جناب المستر هنري بول هرفي المستشار المالي.
كاتب السر الثاني أحمد زكي بك.
اطلع المجلس على المذكرة المقدمة من صاحب العطوفة محمد سعيد باشا
رئيس المجلس، وعلى التقرير الذي كتبه صاحب السعادة أحمد حشمت باشا ناظر
المعارف العمومية عن الوسائل المقتضي اتخاذها لإحياء الآداب العربية بالديار
المصرية.
وبعد المفاوضة قرر المجلس الموافقة على جميع الاقتراحات التي تضمنتها تلك
المذكرة، وتكليف نظارتي المعارف العمومية والمالية بتنفيذها.
... ... ... ... ... ... ... ... ... رئيس المجلس
... ... ... ... ... ... ... ... ... (محمد سعيد)
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... كاتب سر
... ... ... ... ... ... ... ... ... (أحمد زكي)
مذكرة
مرفوعة إلى مجلس النظار
كان من دأب الحكومات التي تناوبت الحكم على وادي النيل منذ الزمان القديم
طلب المباراة في ميادين السبق؛ لرفع منار العلوم ونشر رايات العرفان؛ سعيًا
وراء الفخر المخلد والمجد المؤبد، وكان من همها على الأخص توجيه عنايتها إلى
إعلاء شأن اللغة العربية وآدابها؛ بما كانت تبذله من الرغائب لانبعاث الهمم من
رقدتها، وانعقاد العزائم على خدمتها، وتعضيد أهل العلم وذوي الفضل على دوام
البحث والاستنباط.
غير أن نوب الزمان وطوارئ الحدثان تناولت هذه العناية فيما تناولته،
فأخمدت نارها، وحجبت أنوارها، فانحلت العزائم، وتلاشت الهمم، وكادت محنة
الدهر تقضي على ملكة الاختراع والابتكار بين أهل هذه الديار، وتفقدهم ميل النفس
إلى التصنيف والتأليف، ثم تفرع على ذلك اندثار دور الكتب واندراس آثارها بيننا،
بعد أن كانت قائمة على الدهر، تشهد للأمة المصرية بعلو كعبها وجميل أثرها في
هذا الباب.
وما زالت يد الزمن تعبث وتدمر، حتى سخر الله لهذه البلاد محيي مواتها،
وباعث رفاتها، ذلك الرجل العظيم محمد على الكبير، رأس هذه الأسرة المالكة،
فَزَاوَجَ بين ترقية الأمة المصرية ماديًّا وأدبيًّا، ومزج بين إصلاحها معاشًا ومعادًا،
حتى منحه التاريخ لقبًا ينطبق عليه بكل حق وعدل وهو (محيي مصر) .
ثم كانت سيرة خلفائه الفخام من بعده على نحو ما رسم وقدر، فكان من
حسنات المغفور له إسماعيل باشا أن جمع من هنا وهناك ما أبقته عوادي الأيام من
حطام تلك الدور النفيسة دور الكتب القيمة، فتلقف شواردها وضم أشتاتها، وأسس
دار الكتب الخديوية القائمة الآن، وأفاض عليها هو وابنه توفيق على الأخص ما
يضمن طول بقائها ودوام الانتفاع بها، فكانت غلة العقار المحبوس عليها كفيلة بتقدم
هذا المعهد وارتقائه.
ولكننا لا نزال نرى إلى اليوم أن دار الكتب هذه لم تتجاوز في مهمتها
المطلوبة منها، وهي نشر العلوم والمعارف حد الاستعداد والتأهب للعمل، وقد آن
الوقت الذي يجب أن تخطو فيه خطوتها الواسعة في هذا السبيل، وتبرز للملأ من
جليل الأعمال ما فيه سرعة ارتقاء الآداب والعلوم.
وأمامنا اليوم فرصة حاضرة، حانت لنا بالنظر في المفكرة التي وضعها
حضرة أحمد بك زكي الكاتب الثاني لأسرار مجلس النظار، وَضَّمَنَها ما عَنَّ له من
وجوه الإصلاح وضروب الوسائل التي من شأنها إحياء الآداب العربية بديار مصر.
وقد زَيَّلَهَا بِنُبَذٍ قصيرة عن عدة كتب ومصنفات بخط اليد، توصل إلى نقل صورها
بطريقة التصوير الشمسي في القسطنطينية والبلاد الأجنبية.
وقد مضى على واضع هذه المفكرة زهاء عشرين سنة، وهو يوالي البحث
والتنقيب عن أنواع الطرق الموصلة إلى تعميم المعارف واستنهاض الهمم لاجتياز
باب العمل في فنون الإصلاح المطلوب؛ لإحياء العلوم والآداب العربية؛ ولذلك
قابل أصحاب الحل والعقد ما شرحه من سديد الآراء ومحكم الوسائل بعين الرضا
والقبول، وعهدت الحكومة الخديوية إلى صاحب السعادة أحمد حشمت باشا ناظر
المعارف العمومية أن ينظر في الأمر؛ ويقرر فيها ما يرشدها إلى الطريق القويم في
هذا الباب.
ولست أرى وسيلة لشرح ما رآه سعادته في هذا الموضوع أفضل من إلفات
مجلس النظار إلى نص التقرير الجليل؛ الذي يشير فيه إلى وجوب العمل على
حسب الخطة التي رسمها صاحب المفكرة؛ مع بيان الوسائل الفعالة لإبراز هذا
المشروع إلى حيز الوجود، ولقد بادرت بإبلاغ هذا التقرير إلى نظارة المالية
مشفوعًا برأيي في الموافقة عليه من جميع الوجوه، مع تأييد كل ما أشار به سعادته
من الاقتراحات النافعة لتجديد الآداب العربية.
ولما درس سعادة سابا باشا ناظر المالية هذا المشروع، كتب إليّ كتابًا تاريخه
١٨أكتوبر سنة ١٩١٠ قال فيه: (إن نظارة المالية تشاهد بمزيد الرضا ونهاية
الامتنان تلك المجهودات التي مازال يبذلها أحمد بك زكي، وإنها توافق بتمام
الارتياح على الغاية التي يسعى ورائها في سبيل تجديد الآداب العربية) .
وختم سعادته كتابه بأن نظارة المالية مستعدة لأن تخصص لهذا الغرض مبلغ
الألف جنيه مصري المربوط في الميزانية؛ لتشجيع الأعمال الأدبية.
فهذه الأريحية الكريمة تدعونا إلى تدقيق البحث في الأسباب التي يكون من
شأنها استمرار هذه الحركة المباركة؛ بما يضمن ظهور آثارها بدون انقطاع.
وبما أنه من الضروري النظر في تدبير الوسائل التي تكفل لهذا العمل ما
يقتضيه من البقاء والاستمرار، وبما أن المصنفات التي نقلها حضرة أحمد زكي بك
بالفتوغرافية؛ هي ذات قيمة عظيمة من الوجهة العلمية والتاريخية والأدبية، وبما
أن معظم هذه المصنفات التي أشار إليها هي من وضع المؤلفين المصريين، ولا
نكاد نرى لها أثرًا في البلاد التي تولدت فيها وظهرت بها.
فلهذه الأسباب
أقترح على مجلس النظار تكليف نظارة المعارف العمومية بما يأتي:
أولاً - المبادرة بدون تأخير في تدبير الوسائل التي تضمن إحياء الآداب
العربية؛ حسب البيانات التي أوضحها سعادة أحمد حشمت باشا في تقريره المؤرخ
في ١١ رمضان سنة ١٣٢٨ (١٥سبتمبر سنة١٩١٠) .
ثانيًا - تخصيص المبلغ الاحتياطي المتكون بدار الكتب الخديوية لهذا الغرض
ثالثًا - الابتداء في إحياء الآداب العربية بطبع ونشر الموسوعتين الكبريين
المعروفتين باسم (نهاية الأرب في فنون الأدب) لشهاب الدين النويري (ومسالك
الأبصار في ممالك الأمصار) لابن فضل الله العمري.
رابعًا - الاستمرار على موالاة هذه النهضة التجديدية بطبع ونشر بقية الكتب
التي أشار إليها حضرة أحمد زكي بك، حسب الكشف المرفق بهذه المذكرة، ثم
سائر المخطوطات العربية الأخرى الكثيرة الندرة العظيمة الفائدة.
هذا وإنني أرى من جهة أخرى أن ضمان النجاح لهذه الحركة الخصيبة،
يوجب على مجلس النظار أن يسهل على نظارة المعارف العمومية القيام بمهمتها
بالفلاح الذي نبتغيه لهذا الإصلاح؛ فلذلك يحسن بحكومة الجناب الخديوي المعظم أن
تكلف نظارة المالية بأمرين اثنين أيضًا، وهما:
أولاً - جعل مبلغ الألف جنيه تحت تصرف نظارة المعارف العمومية بصفة
إعانة خصوصية؛ لطبع الموسوعتين المذكورتين قبل.
ثانيًا - إصدار الأوامر اللازمة إلى مطبعة بولاق الأهلية؛ للإسراع في إنجاز
أعمال الطبع بكل ما في الإمكان، وأملي وطيد في أن المجلس يتكرم بالموافقة على
ما أبديته في الاقتراحات؛ ليجري العمل بانتظام وفق المرغوب، فإن إنجاز هذا
المشروع على أجمل حال مما يجمل بحسنات هذا العصر ويكون غرة
في جبين الدهر تشهد بارتقاء العلوم والآداب بيمن مولانا الخديو ناشر رايات
العدل، ورافع أعلام العلم والفضل.
... ... ... ... ... ... ... ... ... رئيس مجلس النظار
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... محمد سعيد
... ... القاهرة في ١٧شوال سنة ١٣٢٨، ٢٠أكتوبر سنة ١٩١٠.
كشف
بأسماء الكتب المشار إليها في المذكرة السابق
وهي التي ستتخذ أساسًا لإحياء الآداب العربية بمصر.
موسوعات
نهاية الأرب في فنون الأدب لشهاب الدين النويري.
مسالك الأبصار في ممالك الأمصار لابن فضل الله العمري.
جوامع العلوم لفريعين تلميذ أبي زيد أحمد بن سهل البلخي.

أدب وبلاغة وإنشاء
الفاخر للمفضل الضبي.
ديوان الحماسة الصغرى المعروف بالوحشيات لأبي تمام.
سر الفصاحة لابن سنان الخفاجي.
التسهيل بالتمثيل وهو المعروف بتسهيل السبيل إلى تعليم الترسيل للحميدي
رسائل وخطب وأشعار السلطان الملك الناصر يوسف صلاح الدين الأيوبي من
جمع حفيده.
مجموعة ترسل القاضي الفاضل عبد الرحيم البيساني.

حديث
فنون العجائب.
إكرام الضيف.

آداب الملوك
كتاب التاج للجاحظ.
محاسن الملوك.
رسائل الملوك، ومن يصلح للسفارة، ومن أمر بإرسال رسول، ومن نهى
عن ذلك، وكيف ينبغي لمن أرسل إلى ملك أن يعمل في الاحتياط لنفسه ولمن أرسله ومن ذم من الرسل ومن حمد لأبي علي الحسن المعروف بابن الفراء.
كتاب تنبيه الملوك (وسياساتهم في تدبير الأمم والممالك) .
التاريخ
كتاب المغتالين من الأشراف في الجاهلية والإسلام لمحمد بن حبيب.
ذيل تجارب الأمم وتعاقب الهمم في وقائع العرب والعجم، لابن مسكويه تأليف
أبي شجاع أحد وزراء الدولة العباسية.
درر التيجان وغرر تورايخ الزمان لأبي بكر بن عبد الله بن أيبك الدواداري
المصري.
كنز الدرر وجامع الغرر له أيضًا.
التراجم
إنباه الرواة على أنباه النحاة، للقاضي الأكرم الوزير القفطي.
نزهة الألباب في الألقاب لابن حجر.
التأليف الطاهر في شيم الملك الظاهر، القائم بنصرة الحق أبي سعيد جقمق
لابن عربشاه.
هدية العبد القاصر إلى الملك الناصر أبي السعادات محمد بن السلطان الملك
الأشرف لعبد الصمد الصالحي.
سبك النضار وكسب المفاخر، ونثر الدر ونظم الجواهر من سيرة المقر
الأشرف السيفي إقباي الأسد الظاهر، كافل المملكة الغزية في أيام قايتباي لعبد الله
ابن محمد بن عبد الله الزكي الغزي الحنبلي.
النسب
شجرة النسب النبوي الشريف، تأليف السلطان الملك الأشرف أبي النصر
قانصوه الغوري.
الجغرافيا
صور الأقاليم الإسلامية لأبي زيد أحمد بن سهل البلخي (بالخرط) .
صورة الأرض وصفة أشكالها ومقدارها في الطول والعرض، وأقاليم البلدان
ومحل الغامر منها، والعمران من جميع بلاد الإسلام بتفصيل مدنها، وتقسيم ما تفرد
بالأعمال المجموعة إليها بالخرط.
هيئة أشكال الأرض ومقدار صورها في الطول والعرض (بالخرط) .
نزهة المشتاق في اختراق الآفاق، المعروف بكتاب رجار (Roger)
للشريف الإدريسي، بالخرط.
رحلة
تاريخ الأمير يشبك الظاهري، وهو رحلة الجنود المصرية وفتوحاتهم في آسيا
الصغرى في أيام السلطان الملك الأشرف قايتباي.
علم حفظ الصحة
كمال الفرحة في دفع السموم وحفظ الصحة، للقوصوني الطبيب في عصر
السلطان قانصوه الغوري.
علوم طبيعية وميكانيكية
سرور النفس بمدارك الحواس الخمس، لابن المكرم صاحب لسان العرب
الباهر في علم الحيل.
الجامع بين العلم والعمل النافع في صناعة الحيل (بالأشكال والصور) .
علم الحيوانات
الدر المطابق على علم السوابق (في طب الخيل، وقد ظفر به ملك الأرمن
في خزائن العباسيين عندما هاجمها مع التتر فنقله إلى بلاده وأمر بترجمته، ثم
ضاعت النسخة العربية الأصلية، وقد ظفر جنود مصر بالترجمة في بلاد الأرمن
حينما فتحوها، فترجمه إلى العربية ابن الخليفة العباسي بمصر بمساعدة بعض
الأسرى من الأرمن.
طب الطيور (مستخرج من خزانة الرشيد) .
علم المعادن
الجماهر في الجواهر لفيلسوف الإسلام بالهند أبي الريحاني البيروني.
أزهار الأفكار في جواهر الأحجار للتيفاشي.
علم الفلك
التفهيم لصناعة التنجيم لأبي الريحان البيروني.
علم الساعات والعمل بها لرضوان بن محمد الخراساني بخط بيلك بن عبد الله
القبجاقي.
علم الموسيقي
كتاب العود والملاهي للمفضل الضبي.
كشف الغموم والكرب بشرح آلة الطرب، بالصور والأشكال.
علم الحرب
العز والمنافع للمجاهدين بآلات البارود والمدافع لابن غانم الأندلسي بالأشكال.
الأنيق في المناجيق (بالصور والأشكال) .
التذكرة الهروية في الحيل الحربية للسانح الهروي.
ديانات قديمة
فلسفة الوثنيين (وهو قطعة بقيت من كتاب نمسطس الذي أحرقه بعضهم،
وترجمها أحد المسلمين مع شرح الأناشيد والألحان الموسيقية الخاصة بديانة الوثنيين
وبديانة المجوس) .
كتاب الأصنام لابن الكلبي.
فنون متنوعة
لطائف المعارف للنيسابوري.
عين السبع مختصر طرد السبع للصلاح الصفدي.
الإلمام بآداب دخول الحمام.
الكوكب الدري في أجوبة السلطان الغوري.
نفائس المجالس السلطانية في حقائق الأسرار القرآنية؛ لجمعية من العلماء في
عصر السلطان الغوري وهو في جملتهم.
الترقق في العطر للفيلسوف الكندي.
كتاب الأطعمة المستعملة في مصر على عهد سلاطين المماليك.
الوصلة إلى الحبيب في وصف الطيبات والطبيب.
إحياء الآداب العربية
مقتبس من التقرير المقدم إلى صاحب العطوفة محمد سعيد باشا رئيس مجلس
النظار.
(من صاحب السعادة أحمد حشمت باشا ناظر المعارف العمومية)
بتاريخ ١١ رمضان سنة ١٣٢٨، ١٥سبتمبر سنة ١٩١٠.
رئيس مجلس النظار عطوفتلو أفندم حضرتلري
تفضلتم عطوفتكم بدعوتي؛ لدرس المفكرة المقدمة من حضرة أحمد بك زكي
(عن الأسباب والوسائل المؤدية لإحياء العلوم والآداب العربية بمصر) مع مجموعة
الكتب التي استنسخها حضرته بالفوتغرافية، واستحضرها من الآستانة وأوربا،
ولقد أمعنت النظر في هاتين المسألتين، وأُبْدِي اليوم لعطوفتكم ما أراه في هذا
الشأن.
إن هذه المفكرة تشرح بأجلى بيان؛ ما كان للقاهرة من التأثير في رفع منار
العرفان وترقية الآداب العربية، فإنها بفضل مركزها وعناية أهلها، أصبحت في
أوائل العصور الحديثة محطًا لرجال أهل العلم ومبهطًا لطلاب الفضل.
ولقد أشار صاحب المفكرة إلى مبلغ الأريحية التي يجود بها ملوك مصر
وسلاطينها؛ وإلى مقدار المساعي المتواصلة التي بذلها رعاياهم؛ لإعلاء شأن
الحضارة الإسلامية وازدهاء رونقها في بلاد الشرق، فكانت النتيجة من هذا العمل
المزدوج أن ظهرت في سماء المعارف العربية كتب جليلة حافلة بالبحث في
الموضوعات المفيدة في كل فن ومطلب. ولكن سوء الحظ قضى بأن لا يصل إلى
أيدينا من تلك المصنفات الثمينة سوى النزر اليسير.
ثم جاء دور الأفول، فكان من دواعي الانحطاط أن مصر أضاعت ذخائرها
وكنوزها في أثناء التقلبات التي أصابتها، والمحن التي توالت عليها مما لا فائدة من
ترديد ذكراه الآن.
فانطفأ ذلك السراج الوهاج، وخبا ذلك الذكاء المصري بيد أن شعاعًا ضيئلاً
من الأمل تبدى في الأفق، فانبعث معه ذلك الذكاء من مرقده بعد أن كان الناس
يظنونه قد دخل في خبر كان، ولكنه في الحقيقة إنما كان في سبات لا في ممات،
والفضل في تجدد هذه الحياة الأدبية راجع إلى محمد علي الكبير وإلى حفيده
إسماعيل.
لذلك توخى صاحب المفكرة أن يستفيد من هذه اليقظة الأدبية، فأخذ يعمل على
إيجاد الوسائل اللازمة؛ لتجديد عهد الآداب العربية في ظل خديوينا المحبوب عباس
الثاني؛ الذي تعود أن يقفوا آثار الفخام في سلوك المكارم وتجديد مفاخر المآثر.
وللوصول إلى هذه الغاية التي ما زال ينشدها واضع المشروع، قد اقترح
حضرته تنظيم دار الكتب الخديوية تنظيمًا، يشمل جميع فروع الإصلاح التي
تستوجبها مكانتها؛ لتأتي بالثمرة المطلوبة وتقوم بالخدمة الواجبة عليها.
وإنني أوافق حضرته من هذه الوجهة موافقة تامة؛ ولذلك شرعت فعلاً في
درس هذه الإصلاح درسًا دقيقًا؛ لأتمكن في وقت قريب من جعل خزانة كتبنا
النفيسة كفيلة بالقيام بجميع الأغراض التي أنشئت لأجلها أو التي يحق لنا انتظارها
منها، حتى تتكون من أقوى العوامل في نشر أنوار العلوم العربية.
ثم أشار صاحب المفكرة إلى أنه يجب إرجاع المطبعة الأهلية إلى مجيد عملها
السابق، وذلك بطبع التآليف التي تفخر بها علماء مصر، حتى يتسنى لأهل الجيل
الحاضر أن يشمروا عن ساعد الجد، ويواصلوا سلسلة الابتكار في العلوم والآداب
التي بدأ بها أجدادهم الأمجاد.
وقد رأى صاحب المشروع من الواجب عليه أن لا يقف عند الإشارة إلى
نظريات مبهمة، أو إبداء رغائب مجردة عن وسائل التنفيذ، مما لا يكون كفيلاً
باستكمال وسائل النجاح؛ فلذلك أفرغ وسعه وبذل جهده، ولم يضن بشيء من ماله
ووقته وراحته، حتى تيسرت له كل الأسباب المؤدية لتحقيق الخطة التي رسمها
لنفسه، وذلك أنه قرن العلم بالعمل وأتبع القول بالفعل، فانتهز فرصة الانقلاب الذي
حصل في الدولة العلية وشخص إلى الآستانة، وتمكن هناك من استخدام الفتوغراف
في نقل جلائل المؤلفات التي تزدهي بها الآداب العربية، خصوصًا تلك التي كانت
فيما مضى من أجمل الذخائر في الخزائن المصرية.
ولم تقف همة هذا البحاثة عند حد التنقيب، وتلمس تلك الآثار من كنوزها في
القسطنطينية، بل واصل سعيه أيضًا في ربوع العلم بأوربا؛ لاستيفاء كل المعدات
ولإتمام عمله على أحسن حال.
هذا، وقد ألمع في مفكرته بإيضاح وجيز إلى كل واحد من هذه المصنفات
النادرة، فكتب نبذة قصيرة تكشف عنها اللثام، وتبين الفوائد التي تعود على اللسان
العربي والأمة المصرية من العناية بطبعها وتعميم نشرها.
ولقد رأيت من الواجب أن أستعلم عما إذا كان لهذه المصنفات أو لبعضها أثر
ما في دار الكتب الخديوية أو في إحدى مكتبتي الأزهر الشريف والمجلس البلدي
بالإسكندرية، فوافتني هذه المعاهد الثلاثة ببيانات تسمح لي بالتصريح بأن المؤلفات
التي نقلها حضرة أحمد بك زكي، واستحضرها لا توجد أصلاً ضمن مكاتبنا
ومجاميعنا الأهلية، وإنها لم تطبع حتى الآن، وإن في طبعها نفعًا عظيمًا للمتنورين
من أبناء مصر وسائر أهل العلم على الإطلاق.
ولا ريب في أن حكومة الجناب العالي الآخذة بناصر الآداب العربية العاملة
على ترويجها وتعميم الانتفاع منها، ستقدر هذه الكنوز حق قدرها، وتعمل على
اقتنائها وإضافتها إلى خزانة كتبها النفيسة، خصوصًا وأن معظمها مما جادت به
قرائح البارعين من المصريين.
وليس من الصواب أن يقف عمل الحكومة الخديوية عند هذا الحد من الاغتباط
بالحصول على هذه المجموعة؛ وإضافتها إلى دار الكتب الخديوية، بل يتحتم علينا
أن نبادر إلى السعي في طبعها، بحيث لا يمضي قليل من الزمن حتى تصبح منهلاً
سائغًا للقاصد وموردًا عذبًا لكل طالب.
ونحن إذا نظرنا إلى أهل الشر وإلى العلماء المستشرقين في هذه الأيام، تراهم
جميعًا يتهافتون إلى الوقوف على كل ما له ارتباط بالحضارة الإسلامية، ولا شك
عندي في أن الحظ الأوفر في هذه النهضة المباركة؛ ينبغي أن يكون لمصر إن لم
تكن هي القائدة لحركتها والمدبرة لشؤونها؛ وذلك نظرًا لمركزها الطبيعي ولما كان
لها من الأيادي البيضاء على العلوم والآداب، وبهذه المناسبة أرى من الواجب علينا
أن نشكر المعاهد العلمية الغربية؛ لما تبذله من المساعي في تأييد هذه الحركة
والأخذ بناصرها، ولا غرو فإن المستشرقين الذين تفتخر بهم المدارس الجامعة في
بريطانيا العظمي وسائر أوربا وأمريكا، لا يألون جهدًا في العمل على نشر الكتب
التي صنفها جهابذة العرب، وبحثوا فيها عن شتى الموضوعات وأبعدها عن مجال
الخواطر والأوهام، فهؤلاء المستشرقون لا يزالون يدأبون على العمل مع الصبر في
التحصيل، والدرس والبراعة في التنقيب والبحث، وبذلك تيسر لهم أن ينشروا
طائفة كبيرة من أمهات الكتب العربية النفيسة وقد يترجمونها في بعض الآحايين إلى
لغاتهم، أو يتخذونها موضوعًا لمباحثهم كيما يشاركهم قومهم في الاستفادة منها، وهم
بهذا المسعى يبثون فينا روح الأمل باسترجاع كنوز آدابنا الشرقية رويدًا رويدًا،
ومن المؤكد أن هذا الأمل لا يلبث أن يدخل حيز الإمكان ويتحقق في عالم الوجود،
إذا ما تعهدته مصر بالقسط الواجب عليها من المساعدة والمعاونة على إحياء العلوم
والآداب العربية.
ولقد آن للحكومة الخديوية أن تعضد العلماء المصريين، وتفتح لهم مجال
البحث؛ ليتمكنوا من الاستمرار على التنقيب والتأليف، فيعيدوا في مصر عصر
آبائهم، ويصنعوا مثل ما صعنوا، وإني لعلى يقين من أنهم سيجدون في المجموعة
التي توفر حضرة أحمد بك زكي على تكوينها، وإيجاد جميع الوسائل التي تبعث
فيهم روح العمل فَيَخْضَلّ عود الدرس ويثمر بما يعود بالنفع العام على مصر
وغيرها من أقطار الشرق.
وأرى لاطِّراد هذا الحركة أن نبدأ منذ اليوم بطبع الموسوعتين اللتين تفتخر
بهما مصر والعرب على الإطلاق، وأعني بهما: (نهاية الأرب في فنون الأدب)
للنويري، و (مسالك الأبصار في ممالك الأمصار) لابن فضل الله العمري؛ لأن
هذين الأثرين الجليلين قد انعدما من بلادنا في جملة ما أضاعته من الكنوز الغوالي؛
على إثر ما انتابها من الطوارق والطوارئ.
ولقد أعيى العلماء الغربيين استكمال هذين الأثرين النفيسين، فلم يوفقوا إلى
جمع أشتات هذه الضالة المنشودة، مع ما بذلوه من الجهد في كثير من الأزمان،
حتى أتاح الله ذلك لأحد مواطنينا، فتيسر له بعد متاعب احتملها مدة عشرين عامًا،
واهتدى لجمع المواد والأجزاء التي يتألف منها هذان السفران، وأثبتها كلها
بالفتوغراف، فحق لنا بعد ذلك أن نهنئ أنفسنا على هذا النجاح الباهر.
وإذا أخذنا في طبع هاتين الموسوعتين يسعد الجناب الخديوي العالي الذي
تفضل فأظهر عنايته العالية بأمرهما، فلا شك أن الإقبال على اقتنائهما سيكون عامًّا
عند جميع الطبقات، وخصوصًا عند الفئة المولعة بالدرس وأرباب العقول المستنيرة
بمصر والشرق، بل يتعداهما إلى الجامعات ودور الكتب في البلاد الأجنبية
والمستشرقين الذين يقدرونهما حق قدرهما؛ لأنهم طالما استفادوا منهما.
وعلى ذلك فإنني أشير بتشكيل لجنة من أهل الدراية، تختارها نظارة المعارف
العمومية؛ لتهيئة هذين السفرين للطبع، ويكون من خصائصها النظر في الأصول
وضبطها بالدقة قبل تسليمها للمطبعة الأهلية؛ لأن الطبع إذا ما باشرته الحكومة
الخديوية بنفسها وأشرفت عليه برعايتها، يجب أن يكون مستوفيًا لكل أسباب الكمال؛
ليجيء مناسبًا لحاجات العلم والنقد في العصر الحاضر.
وبهذه المناسبة أقوال: إن الضرورة والعدل يقضيان بأن تكون إدارة هذا
المشروع من الوجهة الفنية موكولة إلى حضرة أحمد زكي بك؛ لواسع علمه وعظيم
شهرته خصوصًا وأنه هو البادئ بالتفكير في هذا المشروع الخطير، والمهتدي إلى
جمع شوارده بعد أن كانت مبعثرة هنا وهناك.
ولا جرم أن طبع هاتين الموسوعتين في مطبعة بولاق، سيكون جامعًا لما
ينبغي من الدقة والجمال، خصوصًا بعد أن دخل التحسين الجديد على حروفها،
ونظرًا لما هي عليه الآن من كمال الاستعداد، وبذلك تعود هذه المطبعة إلى ما كان
لها من المكانة السامية، والأثر النافع في نشر نور العرفان العربي.
أرى أيضًا مخابرة نظارة المالية؛ لتأمر المطبعة الأهلية بتوسيع نطاق القسم
الأدبي، حتى يتسنى له طبع ثلاث ملازم أو أربع في اليوم الواحد، فذلك أمر يتحتم
علينا الوصول إليه بقدر رغبتنا في تسهيل أمر الطبع، حتى لا يمضي زمن طويل
على ظهور هذا العمل الجسيم في جيز الوجود.
ولعل سعادة ناظر المالية يسمح بتخفيض شيء من مصاريف الطبع؛ للمعاونة
على ترويج هذا العمل الأدبي العميم الفائدة، الذي من شأنه المساعدة على ترقية
الأفكار وتعميم المعارف؛ إذ بفضل هذه المنحة يمكننا أن تزيد في عدد النسخ بغير
زيادة في النفقات والأكلاف، وبذلك يتسنى لنا أيضًا تخفيض قيمة الاشتراكات
وأثمان البيع تخفيضًا محسوسًا؛ يساعد على زيادة الإقبال وتسهيل أسباب الانتفاع.
بقي علينا أن ننظر في تدبير المال اللازم للمشروع في هذا العمل الخطير،
وهو متوفر لدينا لوجود المبلغ الاحتياطي في دار الكتب الخديوية، فإن هذا
الاحتياطي مخصص بطبيعة الحال؛ لإحراز واستنساخ وطبع المخطوطات العربية
وقد بلغ في آخر أغسطس الماضي ٩٣٩٢ جنيهًا مصريًا، ويجب الإشارة إلى أن
استخدام ذلك المبلغ الاحتياطي في هذا السبيل النافع، ستنتج عنه ثمرة مفيدة لدار
الكتب الخديوية من الوجهة المادية المحضة؛ فضلاً عما يترتب عليه من المزايا
الأدبية الكثيرة.
وعلى كل حال، فلو فرضنا أن هذا المشروع لا يكون من ورائه مغنم مادي،
فإن الحكومة الخديوية ينبغي لها أن تغتبط بهذا المسعى الذي يفضي إلى إفاضة نور
الأدب العربي في بلاد الشرق؛ وذلك لأن الجامعات في بلاد الإنكليز والمطابع
الأهلية في ديار أوربا؛ هي التي تأخذ دائمًا على عاتقها طبع المؤلفات الأهلية
الكبيرة القيمة الواسعة الحجم، ولو أدى إلى ذلك خسارة مالية فادحة، وذلك لقصور
يد الأفراد عن القيام بما تقتضيه من النفقات الجسيمة. أما مشروعنا هذا فإنه بعيد
عن ذلك بالمرة؛ لما فيه من المكاسب التي تدعو إلى الإقدام عليه والاهتمام بشأنه.
فإذا صادفت هذه الآراء والاقتراحات ما أبتغيه لها من حسن القبول لدى
عطوفة الرئيس؛ رجوته أن يسمح لي باتخاذ الوسائل اللازمة لإنجاز هذا المشروع
على أحسن حال؛ لكي يزيد في شرف هذا العصر الأسعد المشمول بيمن خديوينا
المحبوب الأمجد، الحامي لواء العلم والأدب، الراغب في تقدم لسان العرب.
... ... ... ... ناظر المعارف العمومية
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... أحمد حشمت