للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


الهدايا والتقاريظ

(القسطاس المستقيم)
بحق لقّبت الأمة الإسلامية الإمام أبا حامد الغزالي بحجة الإسلام، فقد كان في
بدايته حجة المتكلمين والفقهاء المقلدين، وفي نهايته حجة الأئمة المجتهدين، بل
حجة العلم والدين , ومن أجل ما كتبه في نهايته وأنفعه كتاب (القسطاس المستقيم)
وهو مصنف مختصر يشرح فيه مناظرة جرت بينه وبين رجل من أهل مذهب
التعليم الباطني الداعين إلى القول بالإمام المعصوم في كل عصر.
وقد جاء في رسالة المحاورة الثامنة بين المصلح والمقلد فصل من فصول هذا
الكتاب فكانت نموذجًا أغنانا عن التطويل في تقريظه، وفيه أن الموازين التي
تُعرف بها الحقائق ثلاثة في الجملة، وخمسة في التفصيل، وقد استخرجها كلها من
القرآن. وقد طبع هذا الكتاب من عهد قريب الفاضل المهذب الشيخ مصطفى
القباني الدمشقي بمطبعة الترقي الشهيرة، وأضاف إليه هوامش لإيضاح بعض
العبارات وتفسير بعض الكلمات، وذكر في أول الكتاب ترجمة الإمام الغزالي
رضي الله تعالى عنه ونفعنا به والمسلمين، وثمن الكتاب ثلاثة غروش أميرية،
وهو ثمن بخس بالنسبة إلى ورقه الحسن وطبعه الجيد، وأما بالنسبة إلى فوائده فلا
يوفيه حقه إلا من عمل بهديه القويم، ووزن بقسطاسه المستقيم، وهو يطلب من
مكتبة الترقي ومكتبة هندية ومكتبة جمالي وخانجي بالقرب من الأزهر.
***
(المرأة المسلمة)
كتاب جديد يقارب كتاب (المرأة الجديدة) في حجمه، ويخالفه في مباحثه غالبًا
لحضرة الكاتب الفاضل محمد فريد وجدي، وأكثر مباحثه في المرأة اجتماعية
نظرية يحتج عليها بما كتبه بعض علماء الغرب وفلاسفتهم في انتقاد تربية النساء،
وطرق تعليمهن والإفراط في حريتهن، ومعلوم أن طريقة العلماء والسياسيين
الأوربيين في الانتقاد أن يغلو كل فريق منهم في طرف يخالف فيه الآخر؛ لتظهر
خفايا الأمور للجمهور لأجل العمل بها عند ظهور بارقة الحقيقة بين تصادم الأفكار
وقدح زناد الأنظار، ومن أراد معرفة المرجح عندهم فلينظر إلى ما عليه العمل لا
إلى جمل في جريدة أو كتاب، وكذلك الحال عند كل أمة. فالحالة التي عليها نساؤنا
هي المرجحة عند مجموع أمتنا، وإن ذمها بعض العقلاء والفضلاء، ولن تتغير
حتى تتغير شؤون التربية وأحوال المعيشة والعلم بالمصلحة، وهذه الكتابات في
شأن النساء المهمل عندنا التي دفع الناس إلى الخوض فيها تأثير كتابي الفاضل قاسم
بك أمين ستكون من أسباب التغيير ولو بعد حين.
وكتاب (المرأة المسلمة) مؤلف من مقدمة وثلاثة عشر فصلاً وخاتمة،
لخص فيها جميع الفصول في تسع نظريات، وقد صدق وأنصف بتسميتها نظريات
وهي:
(١) المرأة أضعف من الرجل جسمًا، وأقل منه قبولاً للعلم؛ لأن وظيفتها
الطبيعية تقتضي ذلك لا لأن تكون خاضعة للرجل.
(٢) كمال المرأة في موهبة روحانية مُتعت بها أكثر من الرجل، وهي
الشعور الدقيق والعواطف الرقيقة واستعدادها لتضحية نفسها في سبيل الخير، وهذه
المواهب إذا نمت فيها تكون لها مكانة تُحنى لها الرؤوس إجلالاً؛ ولكنها لا تنمو إلا
تحت قيادة الرجل ولو فاقته فيها واستطاعت أن تأسره بها؛ ولكنها لا تأسره بها لأنها
لو فعلت بطل مضاء سلاحها وزايلتها بهجة موهبتها، فتقع فيما لا ترضاه لنفسها.
(٣) إن هذا الكمال لا تناله المرأة إلا إذا كانت زوجة لرجل، وأمًّا لأطفال
تربيهم تربية صحيحة.
(٤) إن اشتغال المرأة بأشغال الرجال قتل لمواهبها، وإذهاب لبهجتها،
ومدعاة إلى هبوطها، ومفسدة لتركيبها، ومجلبة للخلل في أمتها، وإن عمل المرأة
الغربية خارج بيتها يعده علماء بلادها جرحًا داميًا في فؤاد الأمة، وأثر من آثار
أسر الرجال للمرأة ويعملون بكليتهم على تضييق دائرته.
(٥) إن الحجاب ضروري للنساء لصلاح النوع الإنساني كله على العموم،
وصلاحها على الخصوص؛ لأنه ضمانة استقلالها وكفالة حريتها لا علامة ذلها
وعنوان أسرها، وقلنا إنه لا يمنع كمالها بل يهيئه، وإنه وإن كان له شيء من
المضارّ كما هي طبيعة كل شيء؛ فإن مزاياه وفوائده لا تُقَدَّر، ومن أظهرها أن
يجبر المرأة إلى عدم تخطي دائرة وظيفتها الطبيعية التي فيها كل سعادتها ويوجهها
لتنمية خصيصتها السامية التي هي سلاحها الوحيد في هذه الحرب الحيوية.
(٦) المرأة في المدنية المادية ليست كاملة، ولا سائرة إلى الكمال.
(٧) إن طرق التعليم في كل ممالك أوروبا وأمريكا غير صالحة للنساء
بشهادة أصحابها أنفسهم.
(٨) إن تعاليم الديانة الإسلامية بالنسبة للمرأة موافقة لفطرتها تمام الموافقة
فهي كالقالب التام التركيب لجميع خصائصها وملكاتها، بمعنى أن تلك الخصائص
لو نمت على حسب تلك التعاليم لبلغت المرأة المسلمة أعلى شأو يمكنها أن تبلغه
بدون أن تتعدى حدودها الطبيعية.
(٩) لا ينقص المرأة المسلمة لكي تبلغ أكمل نقطة يمكن أن يناله جنسها إلا
تعلم مبادئ العلوم الضرورية ليس إلا.
هذا مجمل مسائل الكتاب، ويُطلب من مؤلفه ومن مطبعة الترقي