بأحكام السفر والإقامة لشيخ الإسلام أحمد بن تيمية رحمه الله تعالى (تابع لما نشر في الجزء الماضي) وأما الجمع بالمدينة لأجل المطر، أو غيره فقد روى مسلم وغيره من حديث أبي الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال: (صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر والعصر جميعًا والمغرب والعشاء جميعًا من غير خوف ولا سفر) وممن رواه عن أبي الزبير مالك في موطئه، وقال: أظن ذلك كان في مطر. قال البيهقي: وكذلك رواه زهير بن معاوية وحماد بن سلمة عن أبي الزبير في غير خوف ولا سفر، إلا أنهما لم يذكرا المغرب والعشاء وقالا: (بالمدينة) ورواه أيضًا ابن عيينة وهشام بن سعد عن أبي الزبير، بمعنى رواية مالك وساق البيهقي طرقها وحديث زهير رواه مسلم في صحيحه، ثنا أبو الزبير عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر والعصر جميعا بالمدينة في غير خوف ولا سفر. قال أبو الزبير: فسألت سعيدًا لِم فعل ذلك؟ قال: سألت ابن عباس كما سألتني، فقال: أراد أن لا يَحْرِج أحدًا من أمته، قال: وقد خالفهم قرة في الحديث فقال: في سفرة سافرها إلى تبوك، وقد رواه مسلم من حديث قرة عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفرة سافرها في غزوة تبوك فجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء، فقلت: لابن عباس ما حمله على ذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته. قال البيهقي: وكان قرة أراد حديث أبي الزبير، عن أبي الطفيل عن معاذ، فهذا لفظ حديثه، وروى سعيد بن جبير الحديثين جميعًا فسمع قرة أحدهما ومن تقدم ذكره، والآخر، قال: وهذا أشبه، فقد روى قرة حديث أبي الطفيل أيضًا، قلت: وكذا رواه مسلم فروى هذا المتن من حديث معاذ ومن حديث ابن عباس، فإن قرة ثقة حافظ، وقد روى الطحاوي حديث قرة عن أبي الزبير؛ فجعله مثل حديث مالك عن أبي الزبير، حديث أبي الطفيل، وحديثه هذا عن سعيد، فدل ذلك على أن أبا الزبير حدث بهذا وبهذا، قال البيهقي ورواه حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير، فخالف أبا الزبير في متنه، وذكره من حديث الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر، قيل له: فما أراد بذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته، وفي رواية وكيع قال سعيد: قلت لابن عباس: لم فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: كيلا يحرج أمته، ورواه مسلم في صحيحه. قال البيهقي: ولم يخرجه البخاري مع كونه حبيب بن أبي ثابت من شرطه، ولعله إنما أعرض عنه والله أعلم لما فيه من الاختلاف على سعيد بن جبير، قال: ورواية الجماعة عن أبي الزبير أولى أن تكون محفوظة، فقد رواه عمر وابن دينار عن أبي الشعثاء عن ابن عباس بقريب من معنى رواية مالك عن أبي الزبير قلت: تقديم رواية أبي الزبير على رواية حبيب بن أبي ثابت لا وجه له، فإن حبيب ابن أبي ثابت من رجال الصحيحين، فهو أحق بالتقديم من أبي الزبير، وأبو الزبير من أفراد مسلم، وأيضًا فأبو الزبير اختلف عنه عن سعيد بن جبير في المتن تارة يجعل ذلك في السفر كما رواه عنه قرة موافقة لحديث أبي الزبير عن أبي الطفيل، وتارة يجعل ذلك في المدينة كما رواه الأكثرون عنه عن سعيد. فهذا أبو الزبير قد روى عنه ثلاثة أحاديث: حديث أبي الطفيل عن معاذ في جمع السفر، وحديث سعيد بن جبير عن ابن عباس مثله، وحديث سعيد بن جبير عن ابن عباس الذي فيه جمع المدينة، ثم قد جعلوا هذا كله صحيحًا؛ لأن أبا الزبير حافظ فلم لا يكون حديث حبيب بن أبي ثابت أيضًا ثابتًا عن سعيد بن جبير وحبيب أوثق من أبي الزبير؟ وسائر أحاديث ابن عباس الصحيحة تدل على ما رواه حبيب فإن الجمع الذي ذكره ابن عباس لم يكن لأجل المطر، وأيضًا فقوله بالمدينة يدل على أنه لم يكن في السفر، فقوله: جمع بالمدينة في غير خوف ولا مطر، أولى بأن يقال من غير خوف ولا سفر، ومن قال أظنه في المطر؟ فظن ظنه ليس هو في الحديث، بل مع حفظ الرواة، فالجمع صحيح، قال: من غير خوف ولا مطر، وقال: ولا سفر، والجمع الذي ذكره ابن عباس لم يكن بهذا ولا بهذا. وبهذا استدل أحمد به على الجمع لهذه الأمور بطريق الأولى، فإن هذا الكلام يدل على أن الجمع لهذه الأمور أولى، وهذا من باب التنبيه بالفعل، فإنه إذا جمع ليرفع الحرج الحاصل بدون الخوف والمطر والسفر، فالحرج الحاصل بهذه أولى أن يرفع، والجمع لها أولى من الجمع لغيرها. ومما يبين أن ابن عباس لم يرد الجمع للمطر، وإن كان الجمع للمطر أولى بالجواز بما رواه مسلم من حديث حماد بن زيد عن الزبير بن الخريت عن عبد الله ابن شقيق، قال: خطبنا ابن عباس يومًا بعد العصر حتى غربت الشمس وبدت النجوم، فجعل الناس يقولون الصلاة الصلاة. قال: فجاء رجل من بني تيم لا يفتر: الصلاة الصلاة. فقال: أتعلمني بالسنة (لا أم لك؟) ، ثم قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء، قال عبد الله بن شقيق: فحاك في صدري من ذلك شيء فأتيت أبا هريرة فسألته فصدَّق مقالته. ورواه مسلم أيضًا من حديث عمران بن حدير عن ابن شفيق، قال: قال رجل لابن عباس: الصلاة؛ فسكت، ثم قال: الصلاة. فسكت، ثم قال: (لا أم لك) أتعلمنا بالصلاة؟ كنا نجمع بين الصلاتين على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. فهذا ابن عباس لم يكن في سفر ولا في مطر، وقد استدل بما رواه على ما فعله فعلم أن الجمع الذي رواه لم يكن في مطر، ولكن كان ابن عباس في أمر مهم من أمور المسلمين يخاطبهم فيما يحتاجون إلى معرفته، ورأى أنه إن قطعه ونزل فاتت مصلحته، فكان ذلك عنده من الحاجات التي يجوز فيها الجمع، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجمع بالمدينة لغير خوف ولا مطر، بل للحاجة تعرض له كما قال: أراد أن لا يحرج أمته، ومعلوم أن جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - بعرفة ومزدلفة لم يكن لخوف ولا مطر ولا لسفر أيضًا، فإنه لو كان جمعه للسفر، لجمع في الطريق ولجمع بمكة، كما كان يقصر بها، ولجمع لما خرج من مكة إلى مِنى وصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ولم يجمع بمِنى قبل التعريف ولا جمع بها بعد التعريف أيام مِنى، بل يصلي كل صلاة ركعتين غير المغرب، ويصليها في وقتها، ولا جمعة أيضًا كان للنسك، فإنه لو كان كذلك لجمع من حين أحرم فإنه من حينئذ صار محرمًا، فعلم أن جمعه المتواتر بعرفة ومزدلفة لم يكن لمطر ولا خوف، ولا لخصوص النسك ولا لمجرد السفر، فهكذا جمعه بالمدينة الذي رواه ابن عباس، وإنما كان الجمع لرفع الحرج عن أمته، فإذا احتاجوا إلى الجمع جمعوا. قال البيهقي: ليس في رواية ابن شقيق عن ابن عباس من هذين الوجهين الثابتين عنه نفي المطر، ولا نفي السفر، فهو محمول على أحدهما، أو على ما أوله عمرو بن دينار، وليس في روايتهما ما يمنع ذلك التأويل، فيقال يا سبحان الله! ابن عباس كان يخطب بهم بالبصرة، فلم يكن مسافرًا ولم يكن هناك مطر، وهو ذكر جمعًا يحتج به على مثل ما فعله، فلو كان ذلك لسفر أو مطر، كان ابن عباس أجل قدرًا من أن يحتج على جمعه بجمع المطر أو السفر، وأيضًا فقد ثبت في الصحيحين عنه أن هذا الجمع كان بالمدينة، فكيف يقال لم ينف السفر وحبيب بن أبي ثابت من أوثق الناس، وقد روى عن سعيد أنه قال: من غير خوف ولا مطر. وأما قوله: إن البخاري لم يخرجه، فيقال هذا من أضعف الحجج فهو لم يخرج أحاديث أبي الزبير وليس كل من كان من شرطه يخرجه. وأما قوله: ورواية عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء، قريب من رواية أبي الزبير، فإنه ذكر ما أخرجاه في الصحيحين من حديث حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بالمدينة سبعًا وثمانيا: الظهر والعصر والمغرب والعشاء، وفي رواية البخاري عن حماد بن زيد، فقال لأيوب: لعله في ليلة مطيرة؟ فقال: عسى، فيقال: هذا الظن من أيوب وعمرو فالظن ليس من مالك، وسبب ذلك أن اللفظ الذي سمعوه لا ينفي المطر، فجوزوا أن يكون هو المراد ولو سمعوا رواية حبيب بن أبي ثابت الثقة الثبت لم يظنوا هذا الظن، ثم رواية ابن عباس هذه حكاية فعل مطلق، لم يذكر فيها نفي خوف ولا مطر، فهذا يدلك على أن ابن عباس كان قصده بيان جواز الجمع بالمدينة في الجملة، ليس مقصوده تعيين سبب واحد، فمن قال: إنما أراد جمع المطر وحده فقد غلط عليه، ثم عمرو بن دينار تارة يجوز أن يكون للمطر موافقة لأيوب، وتارة يقول هو وأبو الشعثاء: إنه كان جمعًا في الوقتين، كما في الصحيحين عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار: سمعت جابر بن زيد يقول: سمعت ابن عباس يقول: صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثمانيا جميعًا وسبعًا جميعًا قال: قلت: يا أبا الشعثاء أراه أخر الظهر، وعجل العصر، وأخر المغرب وعجل العشاء. قال: وأنا أظن ذلك، فيقال: ليس الأمر كذلك؛ لأن ابن عباس كان أفقه وأعلم من أن يحتاج إذا كان قد صلى كل صلاة في وقتها الذي تعرف العامة والخاصة جوازه أن يذكر هذا الفعل المطلق دليلا على ذلك، وأن يقول: أراد بذلك أن لا يحرج أمته. وقد علم أن الصلاة في الوقتين قد شرعت بأحاديث المواقيت، وابن عباس هو ممن روى أحاديث المواقيت، وإمامة جبريل له عند البيت، وقد صلى الظهر في اليوم الثاني حين صار ظل كل شيء مثله، وصلى العصر حين صار ظل كل شيء مثليه، فإن كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما جمع على هذا الوجه، فأي غرابة في هذا المعنى؟ ومعلوم أنه كان قد صلى في اليوم الثاني كلا الصلاتين في آخر الوقت، وقال: الوقت ما بين هذين فصلاته للأولى وحدها في آخر الوقت أولى بالجواز، وكيف يليق بابن عباس أن يقول: فعل ذلك كيلا يحرج أمته، والوقت المشهور هو أوسع وأرفع للحرج من هذا الجمع الذي ذكروه؟ وكيف يحتج على من أنكر عليه التأخير لو كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما صلى في الوقت المختص بهذا الفعل، وكان له في تأخيره المغرب حين صلاها قبل مغيب الشفق وحدها، وتأخير العشاء إلى ثلت الليل أو نصفه ما يغنيه عن هذا؟ وإنما قصد ابن عباس بيان جواز تأخير المغرب إلى وقت العشاء ليبين أن الأمر في حال الجمع أوسع منه في غيره، وبذلك يرتفع الحرج عن الأمة، ثم ابن عباس قد ثبت عنه في الصحيح أنه ذكر الجمع في السفر، وأن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر في السفر إذا كان على ظهر سيره، وقد تقدم ذلك مفصلا ً، فعلم أن لفظ الجمع في عرفه وعادته إنما هو الجمع في وقت إحداهما. وأما الجمع في الوقتين فلم يعرف أنه تكلم به، فكيف يعدل عن عادته التي يتكلم بها إلى ما ليس كذلك؟ وأيضًا فابن شقيق يقول: حال في صدري من ذلك شيء، فأتيت أبا هريرة فسألته فصدق مقالته. أتراه حاك في صدره أن الظهر لا يجوز تأخيرها إلى آخر الوقت؟ ، وأن العصر لا يجوز تقديمها إلى أول الوقت؟ وهل هذا مما يخفى على أقل الناس علما حتى يحيك في صدره منه؟ وهل هذا مما يحتاج أن ينقله إلى أبي هريرة أو غيره حتى يسأله عنه؟ إذن هذا مما تواتر عند المسلمين وعلموا جوازه، وإنما وقعت شبهة لبعضهم في المغرب خاصة، وهؤلاء يجوزون تأخيرها إلى آخر وقتها،فالحديث حجة عليهم كيفما كان، وجواز تأخيرها ليس معلقا بالجمع، بل يجوز تأخيرها مطلقا إلى آخرالوقت حين يؤخر العشاء أيضًا، وهكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم حين بين أحاديث المواقيت، وهكذا في الحديث الصحيح: (وقت المغرب ما لم يغب نور الشفق ووقت العشاء إلى نصف الليل) ، كما قال: (وقت الظهر، ما لم يصر ظل كل شيء مثله، ووقت العصر ما لم تصفر الشمس) فهذا الوقت المختص الذي بينه بقوله وفعله، وقال (الوقت ما بين هذين) ليس له اختصاص بالجمع ولا تعلق به. ولو قال قائل: قوله: جمع بينهما بالمدينة من غير خوف ولا سفر، المراد به الجمع في الوقتين كما يقول ذلك من يقوله من الكوفيين، لم يكن بينه وبينهم فرق. فلماذا يكون الإنسان من المطففين لا يحتج لغيره كما يحتج لنفسه؟ ولا يقبل لنفسه ما يقبله لغيره؟ وأيضًا فقد ثبت هذا من غير حديث ابن عباس ورواه الطحاوي حدثنا ابن خزيمة وإبراهيم بن أبي داود وعمران بن موسى قال: أنا الربيع بن يحيى الأشناني، حدثنا سفيان الثوري عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال جمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم - بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة للرخصة من غير خوف ولا علة، لكن ينظر حال هذا الأشناني. وجمع المطر عن الصحابة، فما ذكره مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا جمع الأمراء بين المغرب والعشاء ليلة المطر جمع معهم في ليلة المطر، قال البيهقي: ورواه العمري عن نافع، فقال: قبل الشفق. وروى الشافعي في القديم: أنبأنا بعض أصحابنا عن أسامة بن زيد عن معاذ بن عبد الله بن حبيب أن ابن عباس جمع بينهما في المطر قبل الشفق، وذكر ما رواه أبو الشيخ الأصبهاني بالإسناد الثابت عن هشام بن عروة وسعيد بن المسيب وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام كانوا يجمعون بين المغرب والعشاء في الليلة المطيرة إذا جمعوا بين الصلاتين ولا ينكر ذلك، وبإسناده عن موسى بن عقبة أن عمر بن عبد العزيز كان يجمع بين المغرب والعشاء الآخرة إذا كان المطر، وأن سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وأبا بكر بن عبد الرحمن ومشيخة ذلك الزمان كانوا يصلون معهم ولا ينكرون ذلك. فهذه الآثار تدل على أن الجمع للمطر من الأمر القديم المعمول به بالمدينة زمن الصحابة والتابعين مع أنه لم ينقل أن أحدًا من الصحابة والتابعين أنكر ذلك فعلم أنه منقول عندهم بالتواتر جواز ذلك، لكن لا يدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يجمع إلا للمطر، بل إذا جمع لسبب هو دون المطر مع جمعه أيضًا للمطر كان قد جمع من غير خوف ولا مطر، كما أنه إذا جمع في السفر وجمع في المدينة كان قد جمع في المدينة من غير خوف ولا سفر، فقول ابن عباس جمع من غير كذا ولا كذا، ليس نفيًا منه للجمع لتلك الأسباب بل إثبات منه؛ لأنه جمع بدونها، وإن كان قد جمع بها أيضًا. ولو لم ينقل أنه جمع بها فجمعه بما هو دونها دليل على الجمع بها بطريق الأولى، فيدل ذلك على الجمع للخوف والمطر، وقد جمع بعرفة ومزدلفة من غير خوف ولا مطر. فالأحاديث كلها تدل على أنه جمع الوقت الواحد لرفع الحرج عن أمته فيباح الجمع إذا كان في تركه حرج قد رفعه الله عن الأمة، وذلك يدل على الجمع للمرض الذي يحرج صاحبه بتفريق الصلاة بطريق الأولى والأخرى، ويجمع من لا يمكنه إكمال الطهارة في الوقتين إلا بحرج كالمستحاضة وأمثال ذلك من الصور [١] . وقد روي عن عمر بن الخطاب أنه قال: الجمع بين الصلاتين من غير عذر من الكبائر، وروى الثوري في جامعه عن سعيد بن قتادة عن أبي العالية عن عمر، ورواه يحيى بن سعد عن يحيى بن صبح، حدثني حميد بن هلال عن أبي قتادة يعني: العدوي أن عمر بن الخطاب كتب إلى عامل له: ثلاث من الكبائر: الجمع بين الصلاتين إلا من عذر، والفرار يوم الزحف، والنهب. قال البيهقي: أبو قتادة أدرك عمر؛ فإن كان شهده كتب فهو موصول وإلا فهو إذا انضم إلى الأول صار قويًّا، وهذا اللفظ يدل على إباحة الجمع للعذر ولم يخص عمر عذرًا من عذر، قال البيهقي: وقد روى فيه حديث موصول عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في إسناده من لا يحتج به وهو من رواية سليمان التيمي عن حنش الصنعاني عن عكرمة عن ابن عباس. اهـ ((يتبع بمقال تالٍ))