يرى الناقد البصير أن ما كتبته في هذه المسألة ينحصر في بحثين، بحث في السنة القولية وبحث في السنة العملية، ثم يرى أن الرادّين عليّ لم يأتوا بشيء في المبحث الأول يشفي عليلاً أو يروي غليلاً. وأن أستاذنا الكبير ومصلح الإسلام العظيم السيد محمد رشيد يوافقني في هذا البحث، بل هو مرشدي الأول. وأما البحث الثاني (السنة العملية) فالشطط الوحيد الذي ارتكبته فيه على ما أرى؛ هو إنكاري وجوب ما فهم الصحابة من النبي صلى الله عليه وسلم أنه دين واجب ولم يكن مذكورًا في القرآن، ولكن أجمع عليه المسلمون سلفهم وخلفهم؛ عملاً واعتقادًا بدون أدنى اختلاف بينهم. وأهم ذلك في الحقيقة مسألة ركعات الصلاة، وأرى أن ما كتبه صاحب المنار الفاضل في هذه المسألة كافٍ في الرد عليّ، فأنا أعترف بخطأي هذا على رؤوس الأشهاد وأستغفر الله تعالى مما قلته أو كتبته في ذلك، وأسأله الصيانة عن الوقوع في مثل هذا الخطأ مرة أخرى. وأصرح بأن اعتقادي الذي ظهر لي من هذا البحث بعد طول التفكر والتدبر هو أن الإسلام هو القرآن وما أجمع عليه السلف والخلف من المسلمين عملاً واعتقادًا أنه دين واجب وبعبارة أخرى أن أصلَي الإسلام اللذين عليهما بني هما الكتاب والسنة النبوية بمعناها عند السلف؛ أي طريقته صلى الله عليه وسلم التي جرى عليها العمل في الدين. ولا يدخل في ذلك عندي السنن القولية غير المجمع على اتباعها، ولا ما كان ذا علاقة شديدة بالأحوال الدنيوية كبعض الحدود ومقادير زكاة المال والفطر والأصناف التي تؤخذ منها؛ وغير ذلك مما لم يذكر في الكتاب العزيز. فأبيح بعض التصرف في أمثال هذه المسائل إذا وجد عندنا مقتض، وبهذا التقرير تزول جميع الإشكالات التي أوردتها في مقالتيّ السابقتين، نسأل الله تعالى الهداية في القول والعمل، والصيانة من الشطط والزلل. ... ... ... ... ... ... ... ... ... الدكتور ... ... ... ... ... ... ... ... محمد توفيق صدقي ... ... ... ... ... ... ... الطبيب باسبتاليات سجن طره (المنار) نحمد الله أن ظهر صدق قولنا في الرجل وأنه معتقد، ويذعن لما يظهر له أنه الحق.