للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


ربح صندوق التوفير في إدارة البريد

أشيع في هذه الأيام أن الحكومة استفتت مفتي الديار المصرية في ربا صندوق
التوفير الذي أُنشئ في إدارة البريد، فأفتاها به، والحق أن الحكومة لم تستفتِ في
ذلك؛ إذ لا معنى للاستفتاء في شيء صدر به الأمر العالي ونُفذ منذ سنين. ولكن
بعض رجال الحكومة - ومنهم مدير البوسطة - قالوا للمفتي في حديث عادي: إن
أكثر من ثلاثة آلاف مسلم من مودعي النقود في صندوق التوفير - لم يأخذوا الفائدة
المخصوصة بذلك بمقتضى الدكريتو الخديوي تدينًا، فهل توجد طريقة شرعية تبيح
للمسلمين أخذ ربح أموالهم من صندوق التوفير؟ فقال: إن الربا المنصوص لا يحل
بحال، ولما كانت مصلحة البريد تستغل الأموال التي تأخذها من الناس - لا أنها
تقترضها للحاجة - فمن الممكن تطبيق استغلال هذه الأموال على قواعد شركة
المضاربة، ويقال: إن الحكومة كلفت المفتي ببيان هذا التطبيق لتُغير قانون صندوق
التوفير، وتجعله مطابقًا لأحكام الشريعة رعاية لمصلحة رعيتها المسلمين، وإنه
شرع في ذلك بمساعدة بعض العلماء.
ويقال أيضًا: إنه لما علم الأمير بذلك افترصه، وأمر بتأليف لجنة من علماء
الأزهر ليبينوا كيفية هذا التطبيق على الوجه الشرعي، حتى إذا عُرض عليه
القانون المنقح لإصدار أمره به يكون على بصيرة من المشروع. ويقال: إن اللجنة
التي ندبها الأمير هي غير اللجنة التي تشتغل مع المفتي بالتطبيق الذي طلبته
الحكومة. وفي هذا مزيد عناية ببيان الحق، ولكن الناس فهموا منه أن الأمير على
خلاف مع حكومته في ذلك، فعسى أن يزول سوء الفهم، ويرجع إلى الحق أهل
الوهم.
وإن لنا في موضوع الربا والمصارف قولاً مبينًا، نرجئه لفرصة أخرى.
(تنبيه) تأخر باقي الرد على مقالة الألماني لكثرة المواد.