للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


غاندي يشهد للإسلام
ومحمد عليه الصلاة والسلام

جاء في مجلة النور (ذى لايت) التي تصدر في لاهور وهي مجلة إسلامية
المقال التالي للمهاتما غاندي في الإسلام، وهذه ترجمته، وقد نُشرت في بعض
جرائد مصر وسورية:
(لم يكن الإسلام في إبان مجده عديم التسامح، فقد أحرز إعجاب العالم كله،
ولما كان الغرب غارقًا في الظلمات أشرق نجمه في سماء المشرق، وأضاء عالمًا
متألمًا ومنحه التعزية، ليس الإسلام دينًا باطلاً، فليدرسه الهندوس باحترام، يحبوه
كما أحبه أنا.
انتهيت من درس حياة أصحاب النبي، ولما انتهيت من المجلد الثاني أسفت
لعدم وجود ما بعده لأقرأ عن تلك الحياة العظمى، وغدوت مقتنعًا كل الاقتناع أنه
ليس السيف هو الذي جعل للإسلام مكانة في معترك الحياة، بل إن بساطة النبي
التامة وإنكاره الكلي لذاته - يعني إيثاره على نفسه - الدقيق لعهوده، وإخلاصه
الشديد لأصدقائه وأتباعه، وشجاعته وبسالته، وعدم مبالاته بالمخاوف، وثقته
الكاملة بالله ورسالته، هذه - لا السيف - هي التي جرفت كل شيء أمام المسلمين
الأولين، وتغلبت على كل العقبات.
قال بعضهم: إن الأوربيين في أفريقيا الجنوبية يخشون انتشار الإسلام،
الإسلام الذي مدَّن أسبانيا، الإسلام الذي حمل النور إلى المغرب وبشر العالم
بالأخوة.
إن الأوربيين يخشون الإسلام لأن الذين يعتنقونه يحتمل أن يطالبوا البيض
بالمساواة، ومن حق هؤلاء أن يخافوا لو كانت الأخوة خطيئة، فإذا كان البيض
يخافون من المساواة بالعناصر الأخرى؛ فإن المخاوف من الإسلام تقوم على أساس
صحيح، إني رأيت الزلوسي الذي يعتنق المسيحية لا يصعد بطبيعة الحال إلى
مستوى المسيحيين، على حين أنه إذا اعتنق الإسلام يشرب من نفس قدح المسلمين،
ويأكل من ذات قصعتهم) .