للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


مشروع بريطاني جديد لتنصير جزيرة العرب

(هذه ترجمة المنشور الذي أذاعته جمعية لندن كما نشروها في فلسطين
وغيرها) .
يسوع المسيح لبلاد العرب الآن
(ها أنا ذا صانع أمرًا جديدًا، الآن ينبت. ألا تعرفونه، أجعل في البرية طريقًا في القفر أنهارًا) (أشعيا ٤٣ - ١٩) .
صلوا من أجل العرب
بلاد العرب تبلغ مساحتها مليون ميل مربع، لم يدخلها التنصير بعد، وفيها
من السكان من أربعة ملايين إلى اثني عشر مليونًا [١] ، يموتون ميتة وثنية , لم
تبلغهم دعوة الإنجيل بعد، بلاد العرب هي مهد الإسلام ومنبعهم، وفيها مكة التي
هي القبلة زهاء [٢] مائتين وعشرين مليونًا من المسلمين يتوجهون نحوها (بإغراء
الشيطان؛ ليصلوا صلاة كاذبة كل يوم) . صلوا من أجل العرب كي ينجيهم الله (هم
مخدوعون من الشيطان الذي اخترع لهم كتابًا مزيفًا هو القرآن الذي) حل محل (كلمة
الله الحية) ، الكلمة القادرة على تخليص نفوسهم، فمن يحمل كلمة الدعوة إلى
العرب؟ فمن يخرج، ويبكي، ويزرع زرعا جيدًا؛ يعود فرحًا، ويقطف ثمار زرعه
جنيًّا. ويسوع المسيح يأمر بما يلي:
١- وها أنا أرسل إليكم موعد أبي، فأقيموا في مدينة أورشليم إلى أن تلبسوا
قوة من الأعالي. (لوقا ٢٤ - ٤٩) .
٢- وقال لهم: اذهبوا إلى العالم أجمع، واكرزوا بالإنجيل للخليقة
كلها (مرقص ١٦ - ١٥) .
٣- فاذهبوا، وتلمذوا جميع الأمم، وعمدوهم باسم الآب، والابن، والروح القدس (متى ٢٨ - ١٩ - ٢٠) ، وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به، وها
أنا ذا معكم كل الأيام لانقضاء الدهر.
(قدرتنا على طاعة أمره) : فتقدم يسوع، وكلمهم قائلاً: دفع إلي كل سلطان
في السماء وعلى الأرض، وأنا معكم لانقضاء الدهر (متى ٢٨ - ١٨) . (استعدادنا
لذلك) : وها أنا معكم كل الأيام لانقضاء الدهر (متى ٢٨ - ٢٠) . إن كلمة (و) ،
وكلمات (إلى انقضاء الدهر) تبين أن كلمات المسيح موجهة إلى كل تلاميذه خلال كل
العصور، وهي تعنينا إيانا، المسيح مات فدية عن الجميع، ثم قام من الموت، هو
مات عنكم وعني وعن العرب، فمن يطيع أمر المسيح، فيذهب إلى العرب بهذه
الرسالة؟
إن حجاجًا لا يحصيهم عد يقطعون فلوات الجزيرة؛ ليحجوا إلى مكة، (وفيها
ولد النبي) ... [٣] ، وليزوروا المدينة، وفيها قبره، فمن يذهب إلى هناك أيضًا
من حجاج المسيح، ويهدي أولئك الحجاج الذين لا يحصيهم عد هداية بنعمة الله
حتى يصيروا حجاج المسيح وحده [٤] ؟ فإذا نحن شاركنا المسيح في تحمل
العذاب، فإننا سنشاركه أيضا في الملكوت، وقال الله للابن: عرشك باق إلى
الأبد، يا حجاج المسيح هبوا. فلنذهب، ولنأت بالملك.
هؤلاء سيحاربون الخاروف (؟) ، والخاروف يغلبهم؛ لأنه رب الأرباب [٥] ،
وملك الملوك، والذين معه مدعوون، ومختارون، ومؤمنون (رؤيا ١٧ - ١٤) .
وإله السلام سيسحق الشيطان تحت أرجلكم، نعمة ربنا يسوع المسيح معكم
(روميا ١٦ - ٢٠) .
قل إلى أبناء إسرائيل [٦] أن يتقدموا إلى الأمام - إلى بلاد العرب - إلى كل
العالم، لأن... لأن أمر الملك كان معجلاً (صموئيل الأول ٢١ - ٨) .
مع المسيح صليت، فأحيا لا أنا، بل المسيح يحيا في، فما أحياه الآن في
الجسد، فإنما أحياه في الإيمان، إيمان ابن الله الذي أحبني، وأسلم نفسه لأجلي،
وأحرقوا المدينة بالنار. (يشوع ٦ - ٤) .
إن الحاجة شديدة الآن إلى مائة مبشر: يذهبون إلى قبائل بلاد العرب المهملة
التي لم تبلغها الدعوة بعد، هناك نحو مائة قبيلة في بلاد العرب يمكن تبليغهم
الدعوة، وهم يسكنون بلادًا غير إنجيلية، مساحتها ثلثا مساحة الهند، وهم يعيشون
في الخيام كما كان يعيش إبراهيم من قبل [٧] . إحدى هذه القبائل هي (الصليبية)
المنتمية إلى أهل الصليب حصل لها زيارة مرتين، وهي تريد أن تزار أكثر من
ذلك.
إن رجال هذه القبيلة هم من نسل الصليبيين القدماء الذين أسرهم العرب،
وهم لا يزالون إلى اليوم يستعملون بضع كلمات إنكليزية مثل: (غو) أي:
اذهب. إن العاملين قلال العدد، أيجوز ترك هذه القبائل؛ فتفنى؟ ألا يليق
بكنيسة الله التي اشتراها بدمه أن تلبي نداء الله؟ فمن أرسل (أشعيا - ٦ - ٨) ،
فماذا يكون جوابك أيها القارئ، أتريد أن تسقط في الخجل، وتحتقر احتقارًا
مؤبدًا؟ أو تبادر إلى أن تعمل عملاً مجيدًا يرضي الذي أحبنا، وفدى نفسه عنا،
وهو غسلنا بدمه من خطايانا.
أتريد أن يقال عنك، وعن الآخرين: من الآن إلى الأبد، إنك أنت
وإخوانك قد غسلتم من خطاياكم بأثمن دماء المسيح، وقد اطلعتم على أوامره،
وقد عرفتم الحاجة، وقد سمعتم نداء الله، وقد اتخذتم من المسيح قوة وكفاية، وبعد
كل هذا لا تذهبون. أرجو منك أن تصلي من أجل العرب.
اذهب أنت نفسك إلى بلاد العرب، أرسل غيرك أيضا إلى بلاد العرب، احمل
الكتاب المقدس إلى العرب، لا تقطع صلاتك لأجل بلاد العرب، والعرب إلى
المسيح، ادع ال٢٢٠ مليونًا من المسلمين ليتدينوا بديانة المسيح، صل من أجل
مائة مبشر، الحاجة شديدة إليهم ليذهبوا إلى بلاد العرب، وليسدوا ما العرب بحاجة
إليه، صل؛ لكي يصل الكتاب المقدس إلى بلاد العرب، وصل أن يبارك الله
المائة مبشر، يقول المسيح: سآتي بسرعة، آمين.
***
عنوان الجمعية ناشرة هذه الدعاية
الجمعية العالمية الصليبية للتنصير في العالم، وبلاد العرب:
١٩- هيلندرود أبر نورود لندن ١٩.
... ... ... ... الرئيس: ... ... ... ... المراقب:
... ... ... ... مستر أستد ... ... ... القس باركلين

(المنار)
قد بذلت هذه الجمعية، وأمثالها مئات الملايين من الدنانير الذهبية؛
لتنصير المسلمين، فما استطاعوا أن ينصروا شعبًا من شعوبهم، ولا مدينة من
مدنهم، ولا قرية من قراهم، وإنما لجأ إليهم في بعض البلاد أفراد من تحوت الفقراء
الجياع الذين لا يعرفون من الإسلام إلا بعض ما يسمعونه، ويرونه في الطرقات
من التقاليد التي مزج فيها بعض تعاليم الإسلام بنزغات الخرافات النصرانية التي
يتبرأ منها المسيح، ومحمد عليهما الصلاة والسلام، وقد دخل في الإسلام من كرام
الشعب الإنكليزي أضعاف من تنصر من هؤلاء التحوت الجائعين، وأرى أن من
حماقة هذه الجمعية أنها تريد أن تبدأ عملها بالدعوة إلى النصرانية في الحرمين
الشريفين المحميين بجند الله النجديين الموحدين، أليس من الحكمة والأناة الإنكليزية
أن يصبروا ليروا ما يفعل دعاتهم في عرب العراق، وفلسطين بحماية صنيعتي
دولتهم: الملك فيصل، والأمير عبد الله نجلي الملك حسين بن علي؟ إن المعاهدة
البريطانية العراقية قد ضمنت لدعاة النصرانية الحرية المطلقة، ولن يمضي لهم
الإمام عبد العزيز بن السعود ملك الحجاز ونجد معاهدة مثلها، كما أمضى الملك
فيصل بن حسين، بل لا يأذن لمبشر واحد أن يدخل بلاده، فكان من العقل أن لا
يعجلوا بتنبيهه، وتنبيه أهل القطرين الخاضعين إلى سوء نيتهم. هذا، وإننا نعلم أن
هذا العمل عمل سياسي وتجاري، لا ديني، ونعلم أن تعاليم الإسلام تنشر في بلاد
الإنكليز، وأبناء عمهم الأميركان نفسها بطبيعة البحث الحر الذي ينتهي بأصحابه إما
إلى عقيدة القرآن، وكما ترى في محاضرة مستر كراين في هذا الجزء، وإما إلى
الكفر، وإنكار الوحي كما يعلم من المقال الآتي.