للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


سؤال عن فتوى

سأل سائل من طلاب العلم في الجامع الأعظم بتونس اسمه (أبو بكر العروسي)
عن مستند مفتي الديار المصرية في الفتوى لشركة التأمين على الحياة التي نشرت
في جريدة المغرب نقلاً عن جريدة الوطن، وأطال الكلام بأحكام فقهية مالكية ليست
من موضوع الفتوى في شيء؛ وإنما هي من موضوع ما كتب في الجريدتين
فعجبنا من ذلك.
وكتب إلى المفتي عالم من (وجدة) في الجزائر كتابًا يقول فيه إنه اطلع على
ما نشرته جريدة المغرب، وأنه رأى أن الفتوى منطبقة على السؤال، وأنها حق في
نفسها؛ ولكنها لا تنطبق على موضوع شركة التأمين على الحياة وشروطها؛ أي: فما
فائدة الشركة منها غير الإيهام ولما رأينا ما كتب في جريدة المغرب قد استتبع بحثًا
وسؤالاً في بلاد المغرب على أن ما نشر في جريدة الوطن لم يستتبع مثل ذلك في
المشرق أحببنا أن نبين الحقيقة فنذكر أولاً صورة السؤال والفتوى كما نشر في
جريدة المغرب ثم نبين مثار وهم الطالب فنقول:
أما صورة السؤال فهي:
حضرة صاحب الفضيلة مفتي الديار المصرية
ما قولكم دام فضلكم في شخص يريد أن يتعاقد مع جماعة [١] على أن يدفع
لهم مالاً من ماله الخاص على أقساط معينة ليعلموا فيه بالتجارة، واشترط معهم أنه
إذا قام بما ذكر وانتهى أمد الاتفاق المعين بانتهاء الأقساط المعينة، وكانوا قد عملوا
في ذلك المال وكان حيًّا فيأخذ ما يكون له من المال مع ما يخصم من الأرباح، وإذا
مات في أثناء تلك المدة فيكون لورثته أو لمن له حق الولاية في ماله أن يأخذوا
المبلغ تعلق مورثهم من الأرباح، فهل مثل هذا التعاقد الذي يكون مفيدًا لأربابه بما
ينتجه لهم من الربح جائز شرعًا؟ نرجوكم التكرم بالإفادة أفندم.
الجواب
الحمد لله وحده ... لو صدر مثل هذا التعاقد بين ذلك الرجل وهؤلاء الجماعة
على الصفة المذكورة كان ذلك جائزًا شرعًا، ويجوز لذلك الرجل بعد انتهاء الأقساط
والعمل في المال وحصول الربح أن يأخذ لو كان حيًّا ما يكون له من المال مع ما
خصه من الربح، وكذا يجوز لمن يوجد بعد موته من ورثته أو من له ولاية
التصرف في ماله بعد موته أن يأخذ ما يكون له من المال مع ما أنتجه من الربح
والله أعلم.
(المنار)
هذا هو نص السؤال ونص الجواب كما في الجريدتين إلا أننا ذكرنا الكلمة
الزائدة وهي: (شركة الجريشام مثلاً) في الهامش. فأين منه التأمين على الحياة؟
ومن قال أو من يقول: إن المفتي يجيب عن نيات الناس دون أسئلتهم، ومن أمثال
العامة: (إن الفتوى على قدر النص) ؛ أي: نص السؤال، نعم، إنه يجوز للمفتي
أن يفيد السائل بأكثر مما يطلبه إن رآه محتاجًا إلى ذلك، ولكن ليس لمشتغل بالعلم وقد
رأى فتوى استدل بها على ما لا تدل عليه في رأيه - أن يقول: ما مستند هذه
الفتوى في تجويزها ذلك الأمر الذي استدل بها عليه!