بسم الله الرحمن الرحيم إلى حضرة الشيخ المكرم ناصر السنة وقامع البدعة العالم العامل السيد محمد رشيد رضا المحترم أدام الله بقاءه آمين. سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد فقد قرأت في المنار الأغر لا زالت راياته منشورة، وآياته ظاهرة منصورة، في (ص٨١٤ جزء١١من المجلد١٢) سؤالاً ورد من محمد علي أفندي من موظفي كمرك يافا ذكر فيه أنه قد اطلع على كتاب يُدعي صيانة الإنسان عن وساوس ابن دحلان قال (فرأيته فسر كلمة مولى بما معناه: إن كلمة مولى مشتقة من اسم الجلالة فلا يجوز والحالة هذه إطلاقها على بني الإنسان كأن يقال مثلاً مولانا فلان فكل إنسان قالها لإنسان غيره يشرك بالله، إلى آخر السؤال فأجبتم على هذا السؤال بقولكم: الجواب قد غلا صاحب ذلك الكتاب في قوله الذي نقلتموه غلوًّا كبيرًا وأخطأ خطأ ظاهرًا إلى آخر الجواب، وحيث أن الداعي لتحريري هذا هو التنبيه لا طلب التخطئة فأرجوكم أن تسمحوا لي من حيث اني أنبه على غلط السؤال والجواب ليتبين وجه الصواب، فأقول: مِن الواجب أن يتنبه المسئول لمورد السؤال فلا يعتمد نقل السائل إذا كان يعزو إلى كتاب معين سواء كان حكى اللفظ أو المعنى كهذا السائل الذي لا يفهم منهما شيئًا إن لم يكن عنده سوء قصد فحيث إن موضوع الكتاب المسمى بصيانة الإنسان رد علي ما افتراه دحلان على الشيخ محمد بن عبد الوهاب من الكذب والبهت في رسالته التي سماها (بالدرر السنية في الرد على الوهابية) فقد أقام الله تعالى لرد باطله ذلك العالم الجليل صاحب صيانة الإنسان الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن السندي حتى زيف ما لفقه من الزور والبهتان، وأبدى عوراته لكل إنسان، فجزاه الله عن نصرة الحق وأهله خير الجزاء، وهذا ما قاله دحلان مما وقع في صفحة٥١١ من الكتاب المذكور (ويزعم أن من قال لأحدنا مولانا وسيدنا فهو كافر إلى آخر ما هذي به) ، فهذا جواب صاحب صيانة الإنسان ننقله بالحرف الواحد قال في صفحة ٥١٣: (وأما مسألة قولنا لأحدنا مولانا وسيدنا فنذكر ما ورد في الباب، منها ما أخرجه مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (لا يقولن أحدكم عبدي فكلكم عبيد الله ولكن ليقل فتاي ولا يقول العبد ربي ولكن ليقل سيدي) - وفي رواية له - (ولا يقل العبد لسيده: مولاي) . وزاد في حديث أبي معاوية: (فإن مولاكم الله عز وجل) - وفي رواية له - (ولا يقل أحدكم ربي وليقل سيدي ومولاي ولا يقل أحدكم عبدي أمتي وليقل فتاي فتاتي غلامي) ، وأخرج هذا الحديث أبو داود أيضًا وأخرج أبو داود عن مطرف قال: قال أبي: (انطلقت في وفد بني عامر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا أنت سيدنا فقال: السيد الله، قلنا وأفضلنا فضلا وأعظمنا طولا قال: قولوا بقولكم أو بعض قولكم ولا يستحرينكم الشيطان) ، وأخرج أبو داود عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تقولوا للمنافق سيد فإنه إن يك سيدًا فقد أسخطتم ربكم عز وجل) انتهى. فقد عُلم مِن تيك الأحاديث أن النبي صلي الله عليه وسلم نهى عن إطلاق لفظ السيد والمولى على أحدنا ورخص فيهما أيضًا ووجه التوفيق بأن للسيد والمولى معاني فالنهي باعتبار بعض المعاني والرخصة باعتبار البعض الآخر، قال في النهاية في مادة السود: السيد يطلق على الرب والمالك والشريف والفاضل والكريم والحليم ومتحمل أذى قومه والزوج والرئيس والمقدم، انتهى، وقال في مادة الولي: وهو اسم يقع على جماعة كثيرة فهو الرب والمالك والسيد والمُنْعِم والمعتق والناصر والمحب والتابع والجار وابن العم والحليف والعقيد والصهر والعبد والمعتق والمُنْعَم عليه انتهى. فالنهي عن إطلاق لفظ السيد والمولى على غير الله محمول على السيد والمولى بمعنى الرب، والرخصة محمولة عليهما بمعنى آخر مِن سائر المعاني فإن ثبت أن الشيخ قد منع مِن إطلاق لفظ السيد والمولى على غير الله فمراده السيد والمولي بمعني الرب، وأما بالمعني الآخر فكيف يتصور أن يمنع الشيخ منه فإنه عقد بابًا في كتاب التوحيد بهذا العنوان باب (لا يقول عبدي وأمتي) وأورد فيه حديث أبي هريرة المروي في مسلم الذي تقدم ذكره آنفا وفيه هذا اللفظ: وليقل سيدي ومولاي، فهذا اللفظ صريح في جواز إطلاق لفظ السيد والمولى على غير الله بالمعني الآخر، انتهي المقصود منه. وله تتمة ساق المصنف فيها أحاديث كثيرة في جواز إطلاق السيد والمولي بمعنى غير الرب على الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين لا وجه للمنع منه، فانظر حفظك الله من أين فهم السائل أن صاحب الكتاب فسر كلمة مولي بأنها مشتقة من اسم الجلالة إلى آخر ما ذكره حينئذ تعلم أن السؤال والجواب، قد حادا عن طريق الصواب، وختام كتابي تقديم أزكى سلامي ولائق احترامي ودمتم محروسين دمشق الشام، كاتبه، فوزان بن سابق. (المنار) لا نسلم للكاتب قوله إنه يجب على المسؤول أن لا يعتمد على نقل السائل فكلام الناس ونقلهم يُحمل على الصدق ما لم يتبين كذبه أو يدل عليه شيء وإذا كان الجواب مبنيًّا على السؤال وكان حًقا علي تقدير كون السؤال في محله فلا لوم على المجيب إذا كان السؤال غير منطبق علي الواقعة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يجيب، بل يحكم للناس بحسب الظواهر كما هو معلوم.