احتفلت الحكومة أمس بمولد سمو العزيز أفندينا عباس حلمي باشا الخديوي المعظم، فنسأل الله تعالى أن يعيد على مصر أمثال هذا الاحتفال، وسمو الأمير في كمال عز وإقبال ما تعاقبت الأعوام والأحوال. *** أخّرنا مقالة (حجج مثبتي الكرامات) لنشر المقالة الافتتاحية التي جاءتنا من أحد الأفاضل، فأغنتنا عن الرد على ذلك الباحث الذي اشتبه عليه الأمر، فاشتبهت بكلامه الحقيقة على كثير من الناس لما في كلامه من المسائل الدينية التي هي صحيحة في ذاتها، ولكنها وضعت في غير موضعها، والمسائل التي يحقّر بها الإفرنج وهي غير صحيحة، كقوله إنهم يبتدئون التربية في السنة السابعة للولد وأن اشتباه هذا الأمر على مثله كاشتباه تينك المسألتين على رئيس جمعية (مكارم الأخلاق) التي هي موضع رجائه في إسعاد الأمة - يدلنا على أننا في أشد الحاجة إلى علم واسع واختبار تام لا نجدهما في كتبنا، ولا في دروسنا وجمعياتنا، لا سيما ما يتعلق بشؤون عصرنا الذي اختلفت فيه طرق المعيشة وأساليب العمران عن عصور أسلافنا، وفُتن سادتنا وكبراؤنا - إلا قليلاً - بزخرف مدنية أوروبا وتركوا محامدها وفضائلها؛ فصرنا محتاجين لإرجاعهم إلى القيام بمصالح العامة من الطريق الذي له مكانة عليا في نفوسهم، فجزى الله سعادة أحمد فتحي بك أفضل الجزاء على تصديه لذلك، والله لا يضيع أجر المحسنين. *** حكم على ديفوس بالسجن عشر سنين، ثم عفي عنه لأن الحكم عليه كان سياسيًّا لا قضائيًّا عادلاً، وهذا دليل على براءته التي أفصحنا عن اعتقادنا إياها في ابتداء الفتنة. زار سفير فرنسا في الأستانة العلية سماحة شيخ الإسلام من مدة، وقد ذكرت الجرائد هذا الخبر الغريب؛ لأنه لم يسبق للسفراء من قبل زيارة مشايخ الإسلام، ويظن أن ذلك لأمرٍ مهم لم يظهر سره لأحد. *** صدرت مجلة (الجامعة) في شكلها الجديد، شكل المجلات المعتادة، وقد زيد فيها ثلاثة أبواب: (١) تدبير الصحة و (٢) نشر صفحات مطوية، ويذكر فيه منتخبات من كلام كبار الكُتَّاب الذي لم يشتهر (٣) صدى المجلات، ويذكر فيه ما تشتمل عليه المجلات العربية من المواضيع إجمالاً، وحق على أصحاب هذه المجلات أن يعترفوا لهذه المجلة بالفضل على هذا ويشكروه لها، ومن الشكر أن ننبه قراء مجلاتنا على فائدة (الجامعة) ونرغبهم في قراءتها، فنهنئ صديقنا الفاضل منشئها، ونرجو له مزيد النجاح والفلاح. *** أرجف المرجفون بأن سفر الأميرة الفاضلة صاحبة الدولة البرنسس نازلي هانم أفندي إلى بلاد المغرب يقصد به السعي في إنشاء الخلافة العربية، فانتقِم اللهم من هؤلاء المفسدين الذين يصورون المحال وينفثون سموم الفتنة بين أمراء المسلمين وملوكهم، آخر ما علمناه من أخبار دولة الأميرة الواردة منها إلى بعض ذويها في مصر أنها تصل في ٩ أكتوبر إلى طنجة وبعد أن تقيم هناك أيامًا تعود إلى مصر عن طريق مرسيليا لأن إجازة الصيف قد انقضت، والأميرة- فيما نعلم - أعقل أميرات المسلمين، ومخلصة للخلافة الحميدية أشد الإخلاص، ولكننا بُلينا بقوم يدفعهم ذلك الشيطان إلى إشاعة الزور والبهتان. فما راشنا بالسوء إلا لسانه ... وما خرَّب الدنيا سوى ما أشاعه *** في يوم الإثنين الماضي عصفت في الإسكندرية ريح زعزع أهاجت البحر واقتلعت كثيرًا من الأشجار، وعقبها غيث مدرار. وفي ليلة الأربعاء لاح في سماء القاهرة سحاب مركوم، ثم غلظ واكفهر وتبوجت فيه البروق وارتعجت (اضطربت وكثرت متتابعة) وقصفت فيه الرعود وهدهدت، ثم انبعق بالوابل الهتان نحو ساعة من الزمان، فكان منه سيل جارف دمَّر في القاهرة وضواحيها المساكن والدور، لا سيما في عزبة الزيتون، واخترق المطر سقوف أكثر البيوت حتى قصور القاهرة العظيمة فأتلف الكثير من أثاثها، وانقضَّت صاعقة على حديقة دار عطوفة مصطفى باشا فهمي رئيس النظار، واتصلت بغرفة مكتبه فاشتعلت النار باتحاد كهربائيتها بكهربائية المكان؛ فأحرقت جميع ما في المكتب من الأسفار والأوراق والرياش، ويقال: إن ثمن الكتب فيها نحو ألف جنيه، ولولا إسراع رجال لمطافئ بطفئها لأحرقت الدار كلها , ولا شكَّ أن المطر كان في بعض الجهات أقوى منه في غيرها، فكل ما نزل في جوار المرصد الفلكي بالعباسية نحو عقدة، ولكن السيل بقي في ضواحي القاهرة بعد انقطاع المطر نحو ساعتين، ويقول الشيوخ: إنهم لم يعهدوا فاجعة كهذه في حياتهم قط.