أجبنا في الجزء الماضي عما انتقد به على رأي الدكتور محمد أفندي صدقي في مسألة خلق آدم ومذهب دارون التي جاءت في مقالات (الدين في نظر العقل الصحيح) ثم راجعنا ما كتب إلينا في ذلك، فإذا بالشيخ قاسم محمد أبي غدير يذكر آية من الكتاب لم نذكرها في جوابنا وهي قوله تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ} (آل عمران: ٥٩) الآية وهي أقرب إلى تأويله من غيرها؛ لأنها تشبه خلق عيسى بخلق آدم، وعيسى لم يخلق من التراب مباشرة. والضمير في قوله: خلقه يحتمل عوده إليه. ثم سأل عن الأحاديث التي تفيد خلق آدم من التراب مباشرة، والجواب أن تلك الأحاديث رواية آحاد لا تفيد اليقين، فإن فرضنا أنه ثبت ما يناقض شيئًا منها؛ فإننا لا نعده ناقضًا للدين، ولا تنس أننا نؤمن بأن آدم خلق من التراب كما ورد بلا تأويل، وإنما التأويل لإلزام المعترض على الدين.