رأينا في سياحتنا في الصعيد كثيرًا من المساجد متداعية الجدران، مدعثرة الأعضاد، يريد بعضها أن ينقض، وبعضها قد انقض بعض جدرانه فعلاً، وديوان الأوقاف غني يوجد في خزينته قريب من مائتي ألف جنيه، فلماذا لا يصلح هذه المساجد؟ هل الأولى له أن يتمتع بلذة وجود المال في الصندوق، وإن كانت اللذة مشوبة بألم الخوف عليه من المالية، ومن البنك الأهلي؟ هل من العدل والإصلاح أن ينفق بسعة وكرم حاتميّ على زخرفة بعض المساجد في القاهرة فيحليها بالذهب ويفرشها بالزرابي الفاخرة لتملأ عيون السياح من الإفرنج، ويبخل على سائر المساجد بإقامة جدرانها وإصلاح بنيانها وفرشها بالحصير؟ أما يكفي تقتيره على الأئمة والخطباء والخدمة الموجِب لعدم قيامهم بوظائفهم؟ نقول هذا عن تألم وإخلاص، ونجوّز أن يكون للديوان بعض العذر في بعض ذلك، وعسى أن يلتفت الديوان إلى هذا، فيبادر بتدارك ما يمكنه تداركه، فإن الشكوى منه كادت تكون عامة، وننبه أصحاب البلاد والجهات الذين أهملت شؤون مساجدهم أن يطلبوا إصلاحها من جناب الخديوي المعظم، وسموه يلبي طلبهم إن شاء الله تعالى.