للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: يحيى بن محمد حميد الدين


كتاب الإمام ورأيه في تفسير المنار
وفي مؤلفات صاحبه عامة وكتاب المنار والأزهر خاصة

بسم الله الرحمن الرحيم
(من أمير المؤمنين، المتوكل على الله رب العالمين، يحيى بن محمد حميد
الدين)
حضرة العلامة الهمام، والأستاذ الفاضل عز الإسلام، السيد محمد رشيد رضا
الحسيني، مد الله عمره في طاعته، وأدام حميد سعيه وإفادته، وشريف السلام
عليكم ورحمة الله وبركاته.
تناولنا كتابكم المؤرخ ١١ رمضان الكريم، وقد وصل ما أرسلتموه من أجزاء
تفسيركم الكبير، وذلك أحد عشر جزءًا وشكرنا اهتمامكم بإرسالها، وهو تفسير
حري بكل اعتبار وتقدير، وما نظرنا مؤلفاتكم إلا بعين الإكبار والاستحسان، لما
تحويه من جليل المقاصد، وجزيل الفوائد، وتشبعها بروح الإنصاف، وصبها في
قالب ذلك النفس النفيس المعبر عن المقصود بغير تكلف، والقيام من نصرة الإسلام
بما يشفي العليل بلا تكلف ولا تعسف، ووصل أيضًا (المنار والأزهر) وساءنا
بلوغ الأمر إلى تلك العبارات في وقت يجب أن نكون فيه جنبًا إلى جنب لنصرة
الإسلام، فتداركوا الأمر بكل ممكن من الحكمة عافاكم الله تعالى.
وإنا نحثكم على إكمال التفسير المبارك، فإكماله ينبغي أن يكون من أجل ما
يتوجه إليه اهتمامكم وعنايتكم، والمثوبة على ذلك من الله جزيلة، ومنفعة المسلمين
به جليلة، ونسأل الله تيسير ما أشرتم إليه من أسباب الكمال في إدارة البريد وسواها،
وقد أمرنا الولد عبد الله الوزير - عافاه الله - بإيصال مائة جنيه بواسطة بعض
المصارف بعد الوقوف على إمكان وصولها بهذه الطريقة، ولعل هذه السطور لا
تصل إليكم إلا بعد وصولها.
وتفضلوا بإرسال أحسن المصنفات في الرد على شبه النصارى الحديثة التي
ينسبونها إلى الإسلام، والدعاء مستمد، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
... ... ... ... ... ... وحرر في ٢ شوال سنة ١٣٥٣
جواب المنار العام
بعد جواب صاحبه الخاص
هذا نص كتاب جلالة الإمام، أيد الله بعلمه وحكمه العرب والإسلام، فأما
مجموعة تفسير المنار فقد أُرسلت إلى مقامه العالي بأمره، وكان قد وصل إليه
بعضها متفرقًا، وسنقر عين مقام الإمامة بزيادة العناية بإكمال التفسير المطول،
وبما شرعنا فيه من كتابة التفسير المختصر المفيد.
وأما كتاب (المنار والأزهر) فقد أرسلناه معها؛ لأنه صدر في وقت شحنها
وما ساء مولانا الإمام من بلوغ الأمر في مسألة شيخ الأزهر إلى الحد الذي أشار إليه،
جدير بأن يسوء كل مسلم فكيف بمثله في مقام إمامة العلم والحكم والغيرة على
الإسلام ومصالحه، وقد بذل هذا العبد الضعيف كل وسعه في تدارك الخطب قبل
تفاقمه، وعجز مثله عن درء مفاسده، بتكرار النصيحة للأستاذ الأكبر الشيخ محمد
الظواهري، امتثالاً للأمر النبوي المطاع (الدين النصيحة ... ) إلخ، وبمواتاة العلامة
الشيخ عبد المجيد سليم مفتي الديار المصرية في سعيه الحميد إلى الصلح، فحال
اختلاف الظواهر والبواطن من الشيخ دون نجاح السعي.
ثم أرجأت إصدار (كتاب المنار والأزهر) أكثر من سنة ونصف لعله يتذكر
أو يخشى، ويكفينا أمره بما هو أليق بمنصبه وأولى، فكان ما جناه عليه اجتهاده أن
أسخط جماعة الأزهر والمعاهد الدينية كافة من سيرته، وصار علماؤهم وطلابهم
كلهم إلبًا عليه، يشكون منه ويهتفون بإسقاطه في أزهرهم ومعاهدهم، يطعنون عليه
في الجرائد والمساجد والشوارع، وتظاهرهم عليه سائر طبقات الأمة خاصيها
وعاميها حتى أعيان الحكومة تدارك أمره معهم، وكان المخرج له من ذلك استقالته
من رياسته عليهم؛ ولكنه ما زال يرجح جميع ضروب الإهانة، على ما هو دونها
من ذل الاستقالة، ولو كان أمرعزله منوطًا بالحكومة وحدها لعزلته، وأراحت
نفسها والأمة منه، فرئيسها ووزير الأوقاف فيها أعلم الناس بمساويه، ولا سيما
الرسمي منها، وقد أظهر التحقيق عليه بعض ما يجهله الجمهور منها، وقد كانت
نازلته من النوازل المحلية، فصارت من الفتن العامة الإسلامية، فنسأل الله عز
وجل أن يقي العلماء وسائر المسلمين شرها، ويجزي من تولى كبرها بقدرته
القاهرة، وحكمته البالغة في الظالمين، ورحمته الخاصة بالمتقين المحسنين،
آمين.