الأرمن وفتنتهم (تابع ويتبع) يوجد الآن (أي وقت تأليف الرسالة) حزب أرمني للفتنة يعيث في بعض جهات المملكة العثمانية وقد أضر ضررًا بليغًا بعمل المبعوثين الدينيين في تلك الجهات , وبجميع المسيحيين الذين يقطنونها , وهو جمعية سرية يبذل رجالها في إدارة شئونها حذقهم في المكر والخديعة اللذين لا يعرفان إلا في الشرق. نشرت هذه الجمعية رسالة ضافية في جميع الأرجاء أنقل لك منها هذا الإعلان الذي جاء في ختامها وهو: (هذا هو الحزب الأرمني المتولي وحده زعامة الفتنة في أرمينيا، ومركزه أثينا وله فروع في كل قرية ومدينة من أرمينيا وفي الجهات التي يقطنها نزلاء الأرمن , ويوجد في أمريكا أحد مؤسسيه، وهو نيشان جرابيديان ومن أراد أن يعلم من أمور الحزب أكثر مما قلناه فليكاتبه هناك بهذا العنوان (نيشان جرابيديان بشارع الصهريج نمرة ١٥ في مدينة ورستر التابعة لماس) ومن شاء أن يستعلم من المركز فليكتب إليه بهذا العنوان: (المسيو بنفارد في أثينا من بلاد اليونان بريد مقيم) . وقد أكد لي أرمني في غاية الذكاء وحسن التربية يحسن التكلم باللغتين الإنكليزية والأرمنية وهو من أنصار الفتنة الفصحاء أن قلوبهم متعلقة بأقوى الآمال في تمهيد الطريق لروسيا لتدخل آسيا الصغرى وتملكها , ولما سألته: كيف يحصل ذلك؟ أجابني بأن تلك العصابات الهونشاجية التي تألفت في جميع أنحاء المملكة سينتهزون كل فرصة لقتل الأتراك والأكراد ما أمكنهم ذلك ويحرقون قراهم , ثم يعتصمون في الجبال وإذ ذاك تهيج بالمسلمين ثورة الغضب فينقضون على الأرمن وهم عزل ويوسعونهم تذبيحًا وحشيًّا يدفع روسيا إلى الدخول باسم الإنسانية، والتمدن المسيحي فتملك البلاد. ولما قبحت له هذا المقصد , وقلت: إنه بالغ من الفظاعة والبشاعة الجهنمية حدًّا لم يبلغه غيره من قبله؛ أجابني وهو هادئ البال بقوله: لا شك في أنك تخاله كذلك , ولكنا معشر الأرمن قد صممنا على أن نكون أحرارًا فلقد أصغت أوربا إلى ما ذاع من فظائع بلغاريا وأنالتها استقلالها وهي ستسمع نداءنا متى ارتفع إلى عنان السماء في صراخ من النساء والأطفال وانهمار دمائهم , فلججت في نصحه قائلاً: إن هذا العمل سيجعل اسم أرمني ممقوتًا عند جميع الأمم المتمدنة , فلم أفلح لأنه أجابني قائلاً: إننا يائسون , ولا بد لنا من إنفاذه، فقلت له: لكن أمتكم لا تود أن تكون تحت حماية روسيا وتفضل حكم تركيا - وإن ساء - على حكمها؛ فإن بلاد روسيا متاخمة لبلاد الدولة العثمانية في مئات من الأميال , والهجرة من هذه إلى تلك متيسرة في جميع القرون التي حكم فيها المسلمون بلاد تركيا , فلو كانت أمتكم تفضل الحكومة الروسية لما وجد في المملكة العثمانية الآن ولا بيت أرمني واحد , فكان جوابه على ذلك أن قال: نعم , ومن أجل هذا الحمق ينبغي أن يقاسي الأرمن العذاب الأليم. وقد تحادثت مع أرمنيين آخرين في شأن الفتنة فكانوا يجاهرون بهذه الأمور , إلا أنه لم يعترف لي واحد منهم بأنه من أعضاء ذلك الحزب ولا جرم , فحيث يكون القتل وإحراق البيوت يتبرر الكذب , ويجوز الزور والبهتان. ومن مقاصد الحزب المذكور في تركيا أن يهيج الأتراك على دعاة البروتستانت وعلى الأرمن الآخذين بمذهبهم فجميع المشاغب التي حصلت في مرسوان كان سببها دسائس رجاله فإنهم ماكرون غلاظ القلوب لا رعاية للحق عندهم , وهم يرهبون إخوانهم ويتوعدونهم بالقتل إن لم يدفعوا لهم ما يفرضونه عليهم من المساعدات المالية , وكثيرًا ما أنجزوا هذا الوعيد. لا أذكر من قبائح ذلك الحزب الهونشاجي الثائر إلا يسيرًا مع غاية الاعتدال في البيان , فهو روسي الأصل يديره ذهب روسيا ودهاؤها , فليمقته المبعوثون الوطنيون والأجانب , وليذيعوا شنائعه , وليفعل ذلك الأرمن البروتستانت بإقدام وجراءة فإنه يحاول الدخول في يوم الأحد من كل أسبوع في المدارس الدينية؛ ليغش الجهال البسطاء ويخدعهم حتى يكونوا أعوانًا لتنفيذ مآرب ذلك الدهاء الروسي؛ من أجل ذلك يجب علينا - يعني الأميريكيين - مع مصافاتنا للأرمن أن نبتعد كل الابتعاد عن كل فعل يفهم منه أننا مشايعون للثائرين , ومستحسنون لهذه الفتنة التي يلزم أن يمقتها الجميع , ونحن وإن كنا نعترف بجواز أن من اتبعوا الثوار الهونشاجيين من الأرمن لم يتبعوهم إلا لجهلهم مقصدهم الحقيقي ومآربهم السيئة مدفوعين إلى ذلك بمحبتهم لوطنهم , ويؤثر فينا ما يقاسونه من الشدائد في بلادهم بسبب الفتنة؛ ينبغي علينا أن لا نتداخل في هذه المساعي المخفقة التي يقارنها القضاء على البعثات البروتستانتية , وتدمير الكنائس والمدارس , وكل آثار الإنجيل تدميرًا عامًّا يسعى فيه ذوو الغايات والدسائس سعيًا حثيثًا , فليحذر دعاة المسيحية - الوطنيون والأجانب - الاتحاد مع الهونشاجيين أو بذل أي مساعدة لهم. تحرر في ليكزينجتون يوم ٢٣ ديسمبر إيروس هملن (لها بقية) *** تعزية أعزي نفسي وسيدي ومولاي الوالد وسائر أسرتي وأسرة بني الميقاتي وبني ياسين بوفاة صهرنا ونسيبهم الشهم الهمام محمد أغا ياسين المشهور بالكرم والسخاء والمروءة وبذل المعروف. توفاه الله في عاشر المحرم المنصرم. تغمده الله برحمته وأسكنه فسيح جنته. *** من إدارة المجلة قد فصل حضرة عبد الحليم أفندي حلمي مدير أشغال المجلة من إدارتها , ولم تبق له بها علاقة ما، فينبغي أن لا يخاطب بشيء من شئونها بعد اليوم. ((يتبع بمقال تالٍ))