للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


الكبريت المسوكر
س ٢٥ من صاحب الإمضاء في فوه.
سيدي حضرة العلامة الفاضل السيد محمد رشيد رضا الحسيني صاحب مجلة
المنار الغراء.
بعد السلام والتحية نبدي لفضيلتكم أنه الآن حصل خلاف بين بعض علماء
بندر فوه بخصوص مسألة الكبريت ولا سيما المسوكر فمنهم من قال بنجاسته، وأن
الحامل لشيء منه لا تصح صلاته، ومنهم من قال بطهارته، وقد انضم لكل من
هؤلاء أحزاب وضاعت الحقيقة بين الطرفين. نلتمس الإفادة ولسيادتكم من الأمة
الإسلامية مزيد الشكر والثناء.
... ... ... ... ... ... أمين صندوق جمعية الإصلاح بفوه
... ... ... ... ... ... ... ... محمد عبد الحميد
ج - بيّنا غير مرة في المنار أن النجس هو الشيء القذر الشديد القذارة والذي
يؤخذ من مجموع كلام فقهاء المذاهب أن الشيء المتنجس يطهر بما يزيل القذارة
كالماء والنار والشمس والدبغ والاستحالة. وكل ما قالوه في ذلك حق ومجموعه هو
حكم الشرع في طهارة المتنجس وإن كان بعضهم لا يعترف بما يخالفه به الآخر ولا
يلتفت إلي دليله فيه لأنه مقلد. والكبريت ليس قذرًا في نفسه، ولا نعلم أن فيه شيئًا
من الأقذار النجسة، وسمعت بعض الناس يقول: إنه نجس لأن فيه شيئا من مادة
السبيرتو أو الكحول وقد بينّا من قبل في المنار (ص ٥٠٠ و ٨٢١ و ٨٦٦
م ٤) أن الكحول أو السبيرتو لا يقوم دليل على نجاسته والحاصل أن
الأصل في الأشياء لا سيما إذا كانت لا قذارة فيها ولم يقم في الكبريت دليل ينقض هذا
الأصل، فلماذا نضيق على المسلمين ونوقعهم في الحرج بما لا يزيدهم صلاحًا في
نفوسهم ولا نظافة في أبدانهم مع علمنا بأن الشرع ما حثنا على الطهارة
وأمرنا باجتناب النجاسة إلا لأجل أن يكون المؤمن دائمًا نظيفًا، ومَن زَعَم أنه كلفنا
ذلك لأجل إعناتنا وإحراجنا فكتاب الله حكم بيننا وبينه قال تعالى: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ
لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ
تَشْكُرُونَ} (المائدة: ٦) .