للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


الجزء التاسع من تفسير القرآن الحكيم

قد تم طبع الجزء التاسع من هذا التفسير السلفي العصري الروحي الاجتماعي
المدني السياسي الوحيد في كتب الإسلام، ومما يقال فيه: إنه هو المشتمل على كل
ما ذكر الأستاذ الأكبر شيخ الجامع الأزهر في مذكرته الإصلاحية من المزايا
والمعارف والهداية التي يجب درس التفسير لأجلها وزيادة.
وحَسْبُ طلاب تفسير كتاب الله تعالى للفهم والتفقه والتدبر والهداية لما فيه
سعادة الدارين للأفراد والأمم أن يعلموا أن هذا التفسير قد حوى خلاصة دروس
الأستاذ الإمام الأزهرية في خمسة أجزاء وجرى على منهاجه وزاد عليه ما تعلم
قيمته مما يأتي.
روى لنا صاحب السماحة السيد محمد توفيق البكري في هذه الأيام بعد عودته
معافًى من المستشفى ولله الحمد بمناسبة ذكر التفسير، وما كان من إعجاب الناس
بدروس الأستاذ الإمام في الأزهر، وما امتاز به من العلم والعرفان قال: كنت
راكبًا مع أستاذنا في ليلة من ليالي رمضان فسألته في أثناء حديث معه فيه: إلى من
نرجع في ذلك إذا لم تكن حاضرًا؟ فقال: إلى السيد رشيد رضا صاحب المنار.
وهاؤم اقرؤوا بعض شهادات كبار العلماء المستقلين في هذا التفسير.
كتب الأستاذ الفاضل الشيخ محمد العدوي مدرس التفسير والحديث في القسم
العالي من الأزهر الشريف في تقريظ له ما نصه:
(تفسير المنار فيما أعلم هو أمثل تفسير يتناسب مع روح العصر الحاضر،
يتجلى فيه لقارئه عظمة التشريع الإسلامي بأسلوب جذاب، يفيض على قارئه هداية،
ويبعث فيه روح الحياة العملية، ويعده لأن يكون عالمًا دينيًّا، وباحثًا اجتماعيًّا،
وأستاذًا أخلاقيًّا، يريه أسباب تفرق الأمة، ثم يريه كيف يجتمع شملها، ويبين له
ما أدخله أعداء الدين عليه من البدع والمحدثات، ثم يرسم له طريق تطهيره
منها....) .
ثم بيَّن مزايا هذا التفسير في مباحث اللغة والأحكام الشرعية من الأصول
والفروع والعقائد وقصص الرسل وفي سنن الاجتماع والأخلاق بما تحتاج إليه الأمة
في هذا العصر ولا تجده في غيره.
وكتب الأستاذ الفاضل الشيخ علي سرور الزنكلوني مدرس التفسير والحديث
في القسم العالي من الأزهر الشريف أيضًا بمناسبة صدور الجزء الأول من هذا
التفسير بعد صدور سبعة أجزاء من قبله مخاطبًا لمؤلفه.
أما بعد فقد طلع على العالم الإسلامي في هذه الأيام الجزء الأول من تفسير
القرآن الحكيم الذي دبَّجه يراعك، وأحكمه تفكيرك ورسوخك في علوم الدين، فقد
أودعت فيه من آيات العلم والحكمة ما يشهد لك بالنبوغ والتفوق على رغم
حسادك ... ) .
ثم جاء بثناء طويل عليه وعلى مجلة المنار وحاجة الناس إليها، وبيان مزايا
المرشدين المتأخرين على المتقدمين ما عدا الأنبياء عليهم السلام إثباتًَا لمزاياهما،
وعاد بعده إلى الكلام على التفسير فقال:
(وقد كان من مزيد توفيق الله لك أن خصصت جزءًا عظيمًا من وقتك
لتفسير كتاب الله تعالى على طريقة لم تُسْبَق إليها من كبار رجال التاريخ في
عصور الإسلام، فقد وجهت فيه كل عنايتك إلى بيان أغراض الكتاب والكشف عن
مراميه، وأجهدت نفسك في لفت العقل إلى روح التشريع الإلهي وإظهار سره في
الوجود.
ولم يفتك المهم من الأبحاث الاصطلاحية التي ألهت جمهور المفسرين عن
غرض الكتاب الأسمى، وصرفتهم عن الغاية التي من أجلها نزل الكتاب الكريم
وهى الهداية والسعادة) .
ثم ذكر أن واضع هذه الطريقة ومحكم أساسها هو شيخه وشيخنا الإمام رحمه
الله تعالى، وأن صاحب المنار هو الذي أحكم البناء إلى التمام، واستطرد إلى
ظهور الجزء الأول من التفسير فقال فيه:
(وفي الحق أن هذا السفر آية من الآيات، ومعجزة من المعجزات في
التفسير إلى اليوم) إلى أن قال: (وفيه من الإبداع ما لا عهد لنا به، ومن
الزيادات ما لم يشافهنا به الأستاذ الإمام في درسه) .
ثم اقترح على صاحب المنار تأليف (تفسير متوسط ينتفع به العامة والخاصة)
وكتب العلامة الشيخ أحمد إبراهيم أستاذ الشريعة الغراء في كلية الحقوق بالجامعة
المصرية تقريظًا حافلاً بدأه بوصف مجلة المنار بتناول جميع وجوه الإصلاح
الإسلامية مما لم يتيسر في جملته لغير صاحبها، وبكونه يدعو كل من آنس فيه
الاستعداد للخير إلى قراءتها، وبنظمه لما كان ينثره شيخه الأستاذ الإمام من اللآلئ
في دروس التفسير التي كان يلقيها في الأزهر والزيادة عليها مما فتح الله عليه من
نفيس الفرائد قال:
(ثم انفردت به بعد أن استأثرت بالشيخ رحمه ربه فكنته فيما استقللت به،
إلخ) .
ثم ذكر الجزء الأول بمناسبة صدوره فقال فيه:
فرأيت نور الهداية الربانية قد فاض عليه وغمره من أوله إلى آخره) .
ثم قال في آخر هذا التقريظ:
(وإن خير تفسير لكتاب الله تعالى على ما نعلم من حيث هو كتاب هداية
وإرشاد لهو تفسير المنار، أقول لك ذلك أيها العالم الموفق غير مداج ولا ممالئ،
بل أترجم لك عما تتحدث به نفسي) .
(غير أني أقترح عليك وأرجو أن يسمح لك وقتك بما أقترح أن تقتبس من
هذا التفسير الممتع تفسيرًا مختصرًا يحتوي زبدته؛ لينتفع به العامة ومن لا يتسع
وقته لقراءة التفسير المطول) .
(أسأل الله تعالى أن يكون معك ويمدك بروح منه، ويهبك القدرة على إتمام
هذا التفسير ومختصره، إلخ) .
وكتب العالم العامل الأستاذ محمد بهجة البيطار مدير المعهد العلمي السعودي
بمكة المكرمة تقريظًا للتفسير ذكر فيه له عشر مزايا قد انفرد بها ثم قال في آخره:
(ألا وإن خصائص هذا التفسير لكثيرة، وقد ذكرنا أهمها وإذا كان شرف
العلم تابعًا لشرف الموضوع فتفسير السيد الإمام لكتاب الله تعالى على هذه النحو
الذي أشرنا إليه هو أفضل ما ينفق فيه المرء أعوامه وأمواله، وأستاذنا يعلم قيمة
وقته الثمين، وتفسيره العزيز، وحاجة عصرنا إلى مثله، وعدم الاستغناء عنه
بغيره، فنسأل الله تعالى أن يبارك للمسلمين في وقته وفي عمره، وييسر له التفرغ
إلى إتمامه برحمته وفضله) .
وكتب العالم الأديب، والكاتب المجيد، الأستاذ الشيخ سليمان أباظة الأزهري
المدرس في بيت الله الحرام وهو ممن تلقوا بعض دروس التفسير على المؤلف
يقترح في كتاب له المبادرة إلى وضع مختصر لهذا التفسير فقال ما خلاصته:
(أحمد الله على ظهور هذه النعمة، وآمل أن أرى في الترتيب العاجل تمام
هذا التفسير الجليل، على هذا النسق الجليل، الذي يشبع عقل الباحث تغذية وريًّا
ويجعله عن غير غنيًّا، كما آمل أن أرى في الأقرب الأعجل خلاصة لهذا التفسير
تكون صالحة لقراءتها ودرسًا عامًّا تستفيد منه العامة قبل الخاصة ليسهل على المعلم
تأدية مهمته في تعليم ذلك السواد الأعظم، دين الله سلما صحيحًا سهلاً، خلاصة
على ذلك الطراز الجميل البديع الذي كنا معشر تلاميذ السيد نسمعه منه في الدرس،
ذلك الطراز السهل على السيد فقط الممتنع على غيره إلخ ما كتبه من الإطراء،
ونحن نَعِدُ هؤلاء المقترحين للتفسير المختصر وغيرهم بأننا نبدأ به في الشهر الآتي
إن شاء الله تعالى.
***
مزايا الجزء التاسع
ومما امتاز به الجزء التاسع من المسائل الاستطرادية بحث طويل في أخبار
عمر الدنيا وخبط بعض العلماء في تحديده ولا سيما السيوطي عفا الله عنا وعنه،
وبحث آخر في أحاديث الفتن وأشراط الساعة كالدجال والمهدي وما فيها من
التعارض والإشكالات حتى الصحاح منها، ويدخل هذان البحثان في ٣٧ صفحة
وقد ختم بسبع قواعد تفيد في حل مشكلات الأحاديث المتعارضة والمشكلة.
(ومنها) مسألة رؤية الرب تعالى في الآخرة وخلاف أهل السنة والمعتزلة
والصوفية وغيرهم (كالشيعة) فيها من جهة دلالة النصوص ومن جهة النظريات
العقلية، وتحقيق كونها ليست من المسائل القطعية، ويدخل في هذا البحث الكلام
على الحُجُب بين العبد والرب ومنها النور وفيها الكلام على النور الحسي والمعنوي
والكهرباء وأول ما خلق الله تعالى، ومن أهم فوائده تطبيق مذهب السلف في هذه
المسألة على آخر ما وصل إليه بحث علماء الكون في التكوين والمادة والقوى
والمخلوق الأول.
ويدخل فيه أيضًا بحث الكشف وإدراك النفس للأشياء من غير طريق الحواس
والعقل، ومباحث الرؤى والأحلام والرؤية في العمل النومي والتنويم المغناطيسي
على طريقة علماء هذا العصر، وكذا بحث الأرواح وتجليها في الصور وتشكل
الملائكة والجن في الصور المادية.
(ومنها) مسألة كلام الله تعالى وتكليمه لموسى وغيره ويدخل فيه بحث
الكلام النفسي والكلام اللفظي وما اخترع البشر من الآلات لنقل الكلام كالتلغراف
والتليفون.
(ومنها) تحقيق الحق في آيات الصفات الإلهية وأحاديثها وهو مذهب
السلف الصالح، وقد أفرغ الفصل الاستطرادي لهذه المسائل الثلاث في ٦١ صفحة.
(ومنها) مسألة بشارات الأنبياء في التوراة والإنجيل والزبور وغيرها
بالنبي الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم، وفيه بحث حقيقة التوراة والإنجيل وهو
يدخل في ٨٠ صفحة.
(ومنها) بحث معنى اتباع الرسول وموضوعه أي ما يجب اتباعه فيه مما
هو دين وتشريع ولوازمه والفرق بينه وبين العادات وأمور الدنيا التي فوضت إلى
اجتهاد الناس وكسبهم وبحث تبليغ دعوة الإسلام ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم
إلى جميع الناس.
(ومنها) بحث توحيد الإسلام في الدين والحكم واللغة وكون اللغة العربية
لغة الإسلام ووجوب تعلم جميع المسلمين لها، وما يتعلق بذلك من وجوب إزالة
العصبيات الجنسية واللغوية المفرقة بين المسلمين الملقية للعداوة والبغضاء بينهم.
(ومنها) وهو من ملحقات ما قبله حظر ترجمة القرآن باللغات المختلفة
ليكون قرآنًا لكل شعب إسلامي يتعبد به بلغته فهذا غير جائز؛ لأنه مخالف
لنصوص القرآن في كونه عربيًّا أنزل باللسان العربي وكان آية ومعجزة بلغته
ومتعبدًا به بلغته إلخ، وكونه ينافي مقصد الإسلام من وحدة المسلمين وجعلهم أمة
واحدة متحدة لا يصدع وحدتها خلاف، وفيه بيان غرض إقدام الترك الكماليين على
ترجمته، وهو التمهيد لترك الإسلام نفسه وهذا البحث وحده قد استغرق ٦٠ صفحة
من التفسير وأعظم مزايا هذا الجزء ما جاء به من خلاصة لسورة الأعراف تدخل
في ستة أبواب، ثلاثة منها في أصول العقائد الثلاث الإلهيات والنبوة والبعث وما
وراءه، و (٤) في أصول التشريع وقواعد الشرع العامة و (٥) آيات الله وسننه
في الخلق والتكوين وفيه ١٤ أصلاً، و (٦) في سنن الله تعالى في الاجتماع
والعمران البشري وشئون الأمم المعبر عنه في عصرنا بعلم الاجتماع وفي ٧ أصول.
وقد بلغت صفحات هذا الجزء مع الفهرس الأبجدي وجدول أغلاط الطبع
٧٠٢ فهو في حجم الجزء السابع الذي يباع بثلاثين قرشًا، وقد رأينا أن نوحد ثمن
أجزاء التفسير فنجعل ثمن كل جزء منها ٢٥ قرشًا لا فرق بين الكبير كهذين
الجزأين والصغير كالجزء الثاني الذي تنقص صفحاته عن ٤٠٠ والوسط بينهما،
وهذا سعر الورق المتوسط ويزاد في سعر الجزء من الورق الجيد خمسة قروش.
وأما باعة الكتب وطلبة الأزهر وسائر طلبة المدارس فننقص لهم من ثمن كل
جزء من الورقين خمسة قروش، وكذا وزارة المعارف ومن يشتري خمسة أجزاء
فأكثر.