للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


الكلمة الأخيرة لمشتركي المنار المطل

أحمد الله أنني وقفت حياتي على خدمة الإسلام بالدعوة إليه، والدفاع عنه،
وبيان حقيقته من كتاب الله بأهدى تفسير له وأصحه وأوضحه، وبإحياء سُنة رسوله
خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم، وإماتة ما خالفها من البدع، وبالفتاوى المؤيدة
بالدلائل في كل ما يشكل على المسلمين من أمر دينهم، وما يتعلق به من أحكام
دنياهم، وبالرد على خصوم الإسلام من الماديين والملحدين ودعاة النصرانية،
وببيان مقاصد أعدائهم من المستعمرين وتنبيههم لما يجب من مقاومتها، وقد شرحت
هذه المقاصد في ٣٤ مجلدًا من المنار، و١٢ جزءًا من تفسير القرآن الحكيم، وكتبًا
أخرى آخرها (الوحي المحمدي) وليس لي على هذه الأعمال مساعد، بل أكلف
فوقها أعمالاً كثيرة منها الأجوبة على مشكلات كثيرة ترد علي من جميع الأقطار،
وغير ذلك ككتابة مقالات للجرائد والمجلات وإلقاء محاضرات ومناظرات في الأندية
والجمعيات، وكتابة فتاوى لبعضهم، وإرسالها إليهم في البريد، بله المسألة العربية
وأعمالها.
وإنني لشواغلي هذه قصرت منذ ربع قرن أو أكثر في أعمالي الإدارية
والمالية؛ حتى كثرت الديون لي وعليَّ، فطالبت المشتركين في المنار بما يسهل
عليهم من أداء أو تقسيط أو صلح على بعض المطلوب مع من يعسر عليهم أداء
جميعه، أو طلب إسقاطه كله ممن يعجز عن بعضه، وكررت هذا في السنتين
الماضيتين فلم يستجب لي إلا أقلهم.
وإذا كان هذا جزاء صاحب المنار من أكثر قرائه على خدمة الإسلام، وهم
أجدر المسلمين بتقديرها والمساعدة عليها بقيمة الاشتراك القليلة أو بعضها، فأي
عنوان يكونون لأمتهم؟ وكان خطر ببالي أن أطلب منهم إجازة سنة لأصدر للأمة
السفر الأول من (التفسير المختصر المفيد) الذي يرون مقدمته هنا، وأجعل ثمنه
للأوفياء منهم نصف ثمنه من غيرهم، فلما قاربت السنة عزَّ علي ذلك، فعزمت
على الثبات والجمع بين إصدار التفسيرين المطول والمختصر والمنار، راجيًا منهم
قضاء حقه بقدر الاستطاعة فقط.
إنني سأنشر أسماء أكثرهم دينًا للمنار في ملحق للتذكير به؛ لأنه يثقل علي
الكتابة لكل واحد منهم، وأنصفهم فيما يجيبون به، ومن أصر على المنع والسكوت
فإنني أقطع عنهم المنار، والله يتولى جزاءهم في الدنيا والآخرة، وهو حسبي ونعم
الوكيل.