للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: سعد زغلول


نكبة سورية
وما قيل في إعانة منكوبيها

قد كتُب في المسألة السورية من المقالات ونظم فيها من الشعر وأُلِّفَ من
الرسائل ما يتألف منه عدة أسفار، وإن من أبلغ ما نُشر من النثر نداء رجل مصر
وزعيمها الأكبر سعد باشا زغلول ونداء جمعية الرابطة الشرقية، وقصيدتا أحمد
شوقي بك وخير الدين أفندي الزركلي، وقد نشرنا القصيدة الأولى في الجزء
الثامن، وإننا ننشر هذا النداء والقصيدة الثانية هنا تخليدًا لهما:
***
نداء دولة الرئيس سعد باشا لمصر لإعانة أختها سورية
(سوريا، التي تربطنا بها روابط وثيقة من تاريخ، ولغة، ودين، وعادة،
وجوار، نزلت بها هذه الأيام حوادث هائلة، تقشعر من هولها الأبدان، ونوازل
جائحة تنخلع من بشاعتها القلوب، وشرور من أفظع ما يرتكبه إنسان ضد إنسان!
منكرات ارتكبها عمال حكومة الانتداب ضد محكوميهم الآمنين فأزهقوا الكثير من
أرواحهم البريئة، وأراقوا الغزير من دمائهم الطاهرة، وحرقوا كثيرًا من قراهم
وبيوتهم، وعَفَوْا كثيرًا من آثار مدينتهم الفاخرة، ورَمَّلُوا الجم الغفير من نسائهم،
ويتموا العدد العديد من أطفالهم، وصيروا كثيرًا من السكان بلا سكن يؤويهم، ولا
غطاء يغطيهم، ولا خبز يتبلغون به! ! ! وبهذه الآثام أذلُّوا شعبًا كان عزيزًا،
وأسلموه للعدم والشقاء، وأفهموا الناس جميعًا أن حكومة الانتداب لم تقم على ما
زعموا لمصلحة المحكومين، بل لمصلحة الحاكمين [١] ، ووصموا اسم فرنسا
المجيد في الغرب وفي الشرق، وصمات لا يمحوها إلا إنزال أشد العقاب بهم،
وترك البلاد لأهلها، يحكمون أنفسهم كما يشاؤون.
وإنا - معاشر المصريين - لنشعر في قلوبنا بكل عطف على إخواننا
المصابين، ونرثي لمصابهم رثاء الإخوان للإخوان، ونحس بأن علينا واجب
مساعدتهم بكل ما في الإمكان، مما يخفف من بلواهم، ويلطف من آلامهم، ونرى
أن هذا أيسر ما يجب للجار على الجار، وأقل ما يساعد به الإنسان أخاه الإنسان) .
... ... ... سعد زغلول
بيت الأمة في ١٨ ربيع الآخر سنة ١٣٤٤ (٥ نوفمبر سنة ١٩٢٥) .