للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


تقريظ المطبوعات الجديدة
(مرآة الحرمين الشريفين أو الرحلات الحجازية، والحج ومشاعره الدينية)
كتاب نفيس، متقن الصنع، تأليفًا وترصيفًا وترتيبًا وتنسيقًا، وطبعًا وورقًا
وحروفًا، وضعه اللواء إبراهيم رفعت باشا المصري الذي تولى قيادة حرس
المحمل مرة، وتولى إمارة الحج المصري ثلاث مرات في ثلاثة مواسم عني فيها
بكل ما يعنى به من يريد أن يؤلف كتابًا في شئون الحج والحجاز لم يُسبق إلى مثله،
فتم له هذا في سِفرين كبيرين. وقد وصفه الأستاذ الشيخ محمد عبد العزيز
الخولي المدرس في مدرسة القضاء الشرعي بتقريظ قال فيه ما نصه:
(فبينما تراه قد رسم (جدة) ومنازلها ومعاهدها ومساجدها ومرساها ورجالها
وذوي الشأن فيها؛ إذ تراه قدم لك من مناظر الطريق بين جدة ومكة صورًا مختلفة
ورسومًا متغايرة، فإذا ما وصل بك إلى مكة رأيت المسجد الحرام بأروقته وأساطينه،
تتوسطه الكعبة، تحيط بها المقامات، والناس حولها يصلون أفذاذًا وجماعات.
وترى أمثلة عديدة لفن العمارة العربية، أضف إلى ذلك جوامعها ومستشفياتها،
وثكناتها، ودور حكومتها، وأشكال أهلها.
فإذا ما خرج بك إلى عرفة تراه قد رسم الجبال والأودية والجمرات والمشاعر
والناس حولها خُشع يدعون، فإذا ما انتهى من الحج وواجباته ويمم المدينة المنورة
أخذ من مناظر طريقها كما فعل في سابقتها، وسلك مثل ذلك في الطرق المختلفة،
والمسجد النبوي، والجوامع الأثرية، والمشاهد المختلفة بالمدينة، ولا يمر بمكان
إلا وصفه وذكر نبذة من تاريخه، ولا بئر إلا سبر غورها، وعَرَّفك بمائها، حلوًا
ومُرًّا، قلا وكثرا، ولا بعقبة إلا دقق في وصفها، مبينًا لك أحسن السبل لاجتيازها،
شارحًا ذلك بالخرائط الجغرافية التي لم يسبق إلى وضعها، ولم يدع في الحج
صغيرة ولا كبيرة إلا تكلم فيها.
ففي الكتاب حجة الوداع التي حجها الرسول - صلى الله عليه وسلم - سنة
عشر مفصلة أحسن التفصيل ومشفوعة بخريتة فيها بيان الطريق الذي سلكه
الرسول (صلى الله عليه وسلم) والأماكن التي مر بها، وفيه الكلام على أحكام
الحج في المذاهب الأربعة بالتفصيل الواسع والجداول المجملة والصور الشارحة
وفيه قسم في حكمة الحج قلما تظفر بها في كتب أخرى [١] .
ولما كانت مكة في جزيرة العرب وكان المسلمون يفدون إليها من كل الأقطار،
دعاه ذلك إلى كتابة فصل جغرافي موجز في بلاد العرب وأقسامها وشفعه بفصل
تاريخي مجمل بَيَّن فيه كيف بدأ الإسلام وكيف انتشر وتكلم على دوله والبلاد التي
سار فيها والتي لا تزال مقرًّا له بحيث أعطيناك تاريخًا موجزًا للدول الإسلامية
وحال المسلمين من يوم أن وجدوا إلى وقتنا هذا.
وتكلم في الكتاب على الحج وإمارته قديمًا وحديثًا، وعلى المحمل والكسوة
كلامًا مسهبًا تتخلله الصور الأنيقة والمناظر البهيجة. فتراه ذكر المحامل
وأنواعها وتاريخها وأشكالها ونفقاتها والدول التي تقوم بإرسالها، وكذلك تكلم في
الكسوتين كسوة الكعبة وكسوة الحجرة النبوية.
ومما يدل على عناية المؤلف الشديدة، أنه تمكن من إحضار صورة إشهاد
كُتِب في منتصف القرن العاشر الهجري يتضمن ذكر القرى المصرية التي وقفت
على كسوة الكعبة والحجرة النبوية، وتراه ذكر ما يجب على كل موظف في ركب
المحمل وذكر ميزانية المحمل مفصلة بابًا بابًا، ونوعًا نوعًا، وأجمل ميزانيته في
نحو أربعين سنة، وكلما دخل في موضع أشبع الكلام فيه. فتراه لما ذكر مكة تكلم
على مواقعها وجبالها وشوارعها وأقسامها ومبانيها ومستشفياتها وتكاياها ودار خديجة
بها ودار الأرقم التي كان يتجمع فيها المسلمون في مفتتح الدعوة الإسلامية. وتكلم
على السيول في مكة وآثارها وذكر سكانها وجنسهم وأخلاقهم ولغتهم ودينهم وعادتهم
ووصف جوها وتجارتها ونقودها ومياهها وعين زبيدة بها وأمراءها منذ الفتح
الإسلامي إلى يومنا هذا. وكذلك فعل في المدينة والبلاد الهامة؟ .
وحسبك من الكتاب أن فيه ما ينيف على أربعمائة صورة وعشرين
خريطة كل طوابعها (أكلشيهاتها) مصنوعة في ألمانيا وإنجلترا، وهو يحتوي على
١٠٠٠ صفحة يزينها حسن الورق وجمال الطباعة، ولا غرو فإنه مطبوع بمطبعة
دار الكتب المصرية. اهـ
(المنار)
ومن مزايا الكتاب التنبيه والتذكير بما يجهله الجمهور من الأمور المبتدعة
والقبور والمشاهد المزورة كقبر أمنا حواء في (جدة) وقبر أم النبي (صلى الله عليه
وسلم) في مكة، وبدع تعظيم القبور وغير ذلك.
وثمن الكتاب بالتجليد الجميل جنيه مصري وأجرة البريد ٥ قروش في القطر
المصري و ١٥ في الخارج وهو يطلب من مؤلفه ومن مكتبة المنار بمصر.
***
(نهاية الأرب في فنون الأدب)
هذا الكتاب من أعظم كتب الأدب وأوسعها مادة، وأفصحها عبارة، وهو
تصنيف الشيخ شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب النويري المتوفي سنة ٧٣٢،
وهذه الفنون التي اختارها خمسة، يحتوي كل فن منها على خمسة أقسام يدخل كل
قسم في عدة أبواب، فلم يدع شيئًا من هذا العالم إلا وأدخله فيها كالسموات والأرض
وما فيهما وما بينهما والإنسان من ذكر وأنثى، وأعضاء كل منهما وصفاتهما،
وأحوالهما، وشئونهما كالكلام بأنواعه، والحب والعشق، والأخلاق المحمودة
والمذمومة، والخمر والغناء والشعر، والملك والخلافة والقضاء وما قيل في ذلك كله
من نظم ونثر.
شرعت مطبعة دار الكتب المصرية في طبع هذا الكتاب الكبير منذ سنة
١٣٤٢هـ، بحروفها الممتازة على جميع حروف المطابع العربية في العالم على
ورق جيد، صدر منه خمسة أجزاء كاملة القطع متوسطة الحجم، الجزء الأول منها
كله في الفن الأول وصفحاته أربعمائة ونيف، والأربعة التي بعدها لا يبلغ شيء
منها ٤٠٠ صفحة ولم يستوف فيها الفن الثاني كله، وثمن الجزء من هذه الخمسة
١٥ قرشًا وأجرة البريد في القطر المصري ٣ قروش و ٦ خارجه وهو يطلب من
مكتبة المنار بمصر.