للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


رأي الأمير صباح الدين

سأله أحد محرري جريدة الطان الفرنسية بباريس عن رأيه في الأزمة
الاتحادية، أو ما يراد وضعه من الإصلاحات في المملكة العثمانية، فأجابه بما يأتي:
إن ضعف طائفة من جمعية الاتحاد والترقي لا يدل على أن الحكومة
العثمانية دخلت في دور تقهقر، فإن هذه الأزمة إنما تدل على قرب دور حرية
حقيقية. إن جمعية الاتحاد والترقي لما قبضت على زمام الأمور؛ بقصد أن تعلي
شأن الوطن المشترك بين جميع العناصر العثمانية، أخذت ترتكب بعض خطيئات
حكومة الدور السابق باسم الدستور، وذلك من أهم الأسباب التي ولدت هذا الاستياء
العام، وكانت النتيجة أن بقيت أمور الإدارة على جانب عظيم من عدم النجاح
بدرجة لا تقل عن إدارة الدور السابق.
كنت وضعت خطة جدية هي أوفق لحاجيات الولايات، وأحفظ لعادات
العناصر وتعاملهم، وأضمن للمحافظة على وحدة المملكة، وآمن لإقامة العدل، فلو
أنهم أنفذوا برنامج هذه الخطة لما بقي مجال لحدوث سلسلة ثورات مشؤومة. إن
الترك في أشد الحاجة على زيادة قابليتهم للارتقاء، ولا يمكنهم أن يبقوا دومًا
مستهلكين، ولكنهم ويا للأسف لم يبذلوا شيئًا من السعي لإخراج هذا التجديد إلى
حيز الفعل حتى الآن. وإن جمعية الاتحاد والترقي لم تكن لتكفل نجاحًا في السياسة
الداخلية، ولم تظهر أثرًا من الحكمة في السياسة الخارجية.
وإن مثل هذه السياسة إذا ولدت استياء عامًّا، يتزايد في كل يوم، يكون أمرًا
طبيعيًّا، ولا يعجب أحد من عدم انتظام كل الأمور للحال، ولكن مما يوجب الأسف
أن رؤساء الاتحاد والترقي قد أظهروا سرعة انفعال بدرجة أنهم لا يتحملون انتقادًا
مهما كان معقولاً، وصادرًا عن حسن طوية.