جاءتنا الرسالة الآتية في مسألة تسويد النبي صلى الله عليه وسلم في العبادات المشروعة، ومسألة التوسل، فننشرها مع الوعد بنشر ما يجيئنا من رد عليها تُرَاعى فيه آداب المناظرة. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وعلى آله الهادين المرشدين (أما بعد) فإنا نحرِّر هذه الرسالة قيامًا بما أوجبه (الدين النصيحة) في الكشف عن مسألتين خلط فيهما بعض من ينتسب للعلم: (الأولى) راجعة إلى الأحكام (والثانية) راجعة إلى العقائد. موضوع الأولى (تسويد) النبي صلى الله عليه وسلم، وقضاؤنا فيها أن من أتى بها في الصلاة أو في الأذان أو في دعاء مأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم على أن تكون من شرع الله ودينه - فهو مبتدع، وفي الأوليين مبطلة لهما ? وفي الثالث مكروهة كراهة تحريم، وقد رأينا أن نجري على ما كان عليه المهتدون الأولون في الإرشاد، فنقدم الأدلة على هذه الأمور الثلاثة: التسويد في الصلاة، وما بعدها؛ تطبيقًا للفروع على الأصول، وإن كانت أحوال المناظرة وقوانينها تقضي على المثبت بإقامتها لا علينا كما هو معروف عند الأصوليين وسواهم أن المثبت لأمر هو المُدَّعِي المطالَبُ بإقامة الأدلة على دعْواه، أما النافي فيكفي أن يقول: لم يرد ونحوه، فنقول: إن مرجع الأحكام إلى واحد من أربعة أمور أو خمسة على الخلاف في الاستحسان والمصالح المرسلة: (١) كتاب الله. (٢) صحيح السنة أو حسنها أو ضعيفها فيما يتبع العبادة المعروفة عندهم بفضائل الأعمال، الخالي عن ورود شيء فيه من النوعين الأولين. (٣) الإجماع بأنواعه، ولا سيما الثابت عن الصحابة. (٤) القياس الصحيح فيما لا نصَّ فيه (دع الاستحسان والمصالح المرسلة) . أما الكتاب فلا تعرض لها فيه؛ إذ لم يذكر اسم النبي صلى الله عليه وسلم إلا مجردًا عنها، وأما السنة فهي نافية لها؛ لأن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم المذكورة بعد التشهد على اختلاف الروايات فيها حال تعليم النبي صلى الله عليه وسلم إياها للصحابة خالية من تسويده، وكل من الأذان والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم توقيفي ثابت بِعَدِّ كلماته، ولم يذهب أحد من الأربعة ولا غيرهم من علماء المسلمين - متقدميهم ومتأخريهم - إلى جواز ذكرها في الأذان ولا في الإقامة، وأما بعد التشهد فالكثيرون أو الأكثرون على عدم جوازها، كما سيأتي بيانه بعد مفصلاً. لا يقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم تركها تواضعًا، فإنها لو وجبت أو شرعت ولو استحبابًا أو جوازًا لوجب على النبي صلى الله عليه وسلم تبليغها، وإلا لم يؤد وظيفة البلاغ كما أمره الله تعالى بقوله: {بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ} (المائدة: ٦٧) الآية، خصوصًا وأنه في مقام البيان بعد سؤال الصحابة (رضي الله عنهم) عن كيفية الصلاة عليه المشروعة بقوله: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} (الأحزاب: ٥٦) الآية. رواه مسلم وغيره. وأيضًا فهي مخالفة لقوله صلى الله عليه وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي) رواه البخاري. ولقد فهموا - رضي الله عنهم - ما أراده ونِعْمَ ما فهموا، ولذلك امتنعوا عن الإتيان بها ولو كانت غير مبطلة فضلاً عن كونها مندوبة كما يزعم البعيد عن معنى كونه صلى الله عليه وسلم مشرعًا وكونهم ممتثلين، لَمَا فاتهم الإتيان بها وهم أفضل الأمة وأكثرها أدبًا وقدوة لمن بعدهم إلى يوم القيامة، وإن اتفاقهم على عدم الإتيان بها من غير إنكار أحد منهم على أحد مع ما هو معروف عنهم من إكباره صلى الله عليه وسلم وإجلاله - لهو أبلغ إجماع على عدم الإتيان هذا، وقد روى النسائي عن عبد الله بن الشخير رضي الله عنه أنه قال: (انطلقت في وفد من بني عامر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: أنت سيدنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: السيد الله، قلنا: وأعظمنا وأفضلنا، قال: قولوا بقولكم- أو: بعض قولكم - أنا محمد عبد الله ورسوله، ما أُحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي رفعني الله عز وجل) . فهذا الحديث صريح في نفيها من وجهين: الأول دلالة الفحوى، فإنها إحدى طرق القصر، وذلك قوله: (السيد الله) فإنها جملة مُعرَّفة الطرفين مفيدة للحصر؛ ولهذا وقع الرد بها في القرآن ردًّا على الحصر بـ (إنما) في قوله تعالى: {أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ المُفْسِدُونَ} (البقرة: ١٢) ردًّا لقولهم: {إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} (البقرة: ١١) وأمثال هذا كثير. الوجه الثاني: بالمنطوق، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (ما أحب أن ترفعوني.. .) إلخ، ومنزلته بالحصر {مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ} (الفتح: ٢٩) وقوله: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ} (آل عمران: ١٤٤) وأمثال هذا. فقد تبين من هذا أن كلاًّ من الكتاب والسنة والإجماع يمنع الإتيان بها، ولا يجترئ مسلم على القول بأن الصحابة (رضى الله عنه) اجتمعوا على منكر وهو ترك شيء من الدين، وبهديهم اهتدى التابعون لهم بإحسان فمن بعدهم حتى دَبَّ الفساد في المسلمين، وغلبت الأهواء على أئمة الدين، فجاءوا بالاستحسان والمصالح المرسلة فزلزلوا سلطان الدين من النفوس [١] حتى صار لا يسمع إلا قول فلان وفلان وصار الدين وضعًا فكريًّا لا وضعًا إلهيًّا. وأما القياس فهو بنفيها أشبه وإن لم تكن إليه حاجة بعد النصوص؛ لأنه إنما يُسْتَدَل به فيما لا نص فيه، وقد قدمنا النصوص من الكتاب والسنة والإجماع ومع ذلك فهو قاطع في نفيها، ولنورد على ذلك بعض الأمثلة: لا يجهل أحد أن أفضل ما ينطق به اللسان هو القرآن الكريم، وقد أجمعوا على أنه لو أتى به في ركوعه أو سجوده كان مخالفًا للسنة، وقد روى مسلم في صحيحه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رفع سجاف حجرته في مرضه الذي مات فيه فأشرف على الصحابة وهم متأهبون للصلاة، فقال: (نُهيتُ أن أقرأ القرآن راكعًا أو ساجدًا) ولا يقال: إنه نهى عنه لإطالة الركوع والسجود لأن كثيره وقليله سواء في النهي؛ ولأنه لو أطالهما بالتسبيح بمقدار سورة البقرة - ولا سيما في النوافل - لما بطلت صلاته، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قرأ في ركعة واحدة البقرة ثم النساء ثم آل عمران ثم كان سجوده قريبًا من ركوعه المذكور. رواه مسلم. فالسيادة التي ليست بذكر ولم ترد في شىء مما تقدم من الأدلة أولى بالمنع. مثال آخر: قال الإمام النووي في شرحه حديث كيفية تعليم النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة رضي الله عنهم أن يصلوا عليه، ما حاصله: أن قول القائل في الصلاة (ورحمت) قبل (وباركت) أو بعدها - غير جائز وإن وردت في حديث غريب؛ لأن العبادة لا يؤخذ فيها إلا بالحديث الصحيح أو الحسن الخالي عن علة كالغرابة ونحوها اهـ. فالسيادة أولى بالمنع لعدم ورودها ولا في حديث موضوع، بل ورد النهي عنها كما تقدم في حديث النسائي فهي إحْدَاثٌ محضٌ في الدين [٢] مردودةٌ على مُحْدِثها، عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة. يشهد بذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رَدٌّ) وفي رواية: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) رواه مسلم عن عائشة [٣] . هذا ما يتعلق بها من حيث الأصول الأربعة المُعَوَّل عليها. ولنرجع إليها من حيث الفروع، فنقول: مذهب الشافعي أن كل كلام أجنبي - أي غير مشروع - مُبْطِل للصلاة ولو حرفًا مفهمًا أو حرفين وإن لم يُفهِما. وقد تبين مما تقدم أنها كلام أجنبي بالمعنى المذكور، والقول بالبطلان ليس بدعًا منا، بل هو قول المحقق الطوسي من أئمة الشافعية، وقد نقل هذا العلامة الكردي المدني في حاشيته على شرح ابن حجر الهيتمي، قال ما محصله: اختلف في تسويد النبي صلى الله عليه وسلم عقب التشهد، فقيل بجوازه تأدبًا، وقيل بكراهته، وقيل بحرمته، وقال الطوسي من أئمتنا: إنها مبطلة. قال الكردي بعد هذا: ولعل الطوسي غلط اهـ وقد تبين مما تقدم أنه الحق، وأما تغليطه إياه فهو مبني على ما قدَّمه من جوازها تأدبًا، وعلى ما قاله بعض المتأخرين من الشافعية وهم شذوذ بالنسبة إلى المتقدمين؛ لأن القول بجوازها تأدبًا يؤدي إلى رفع الأدب عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وهو ما لا يجترئ على القول به ذو دين. هذا ولم يقل بجوازها أحد من الأئمة الأربعة، ولم ينقل عن أحد من أصحابهم القول بالجواز. هذا ما يتعلق بها من حيث الفروع والأصول. وإن فيه لمقنعًا لمريد الحق المنصف. *** مسألة التوسل والمسألة الثانية من الرسالة موضوعها ما ادعاه بعض من انتمى إلى العلم من سنية التوسل مُرْتَكِنًا فيه على حديثين: أحدهما (اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك) الثاني ما ورد في تفسير الكلمات التي تلقت آدم أو تلقاها في قوله تعالى: {فَتَلَقَّى آدَمُ} (البقرة: ٣٧) الآية، وإنا نتكلم على كل من الحديثين ثم نفصل المسألة من حيث المنقول فيهما عن الأئمة بالإيجاز، فنقول في شرح الحديث الأول، وخير ما فسرته بالوارد جاء من حديث معاذ عند مسلم ما ملخصه: (إن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، وإن حقهم عليه إذا هم فعلوا ذلك ألا يعذبهم) فمعنى حق السائلين أي العابدين المخلصين في عبادتهم - كما يؤخذ من الحديث - هو أن تشملهم رحمته، وحينئذ يرجع معنى الحديث إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل الله أن يدخله في رحمته؛ لأنه خير عابد مخلص بصفة من صفاته الذاتية وهي الرحمة المبينة في حديث: (إن رحمتي سبقت غضبي) وسؤال الله بصفة من صفاته لا شيء فيه، وليس هو توسلاً بذات مخلوق أو عمله بل هو مسئول بجزاء على عمل الإنسان نفسه في مقابلة عمله كما يوضحه قوله صلى الله عليه وسلم في حديث معاذ (إذا هم فعلوا ذلك) فإذا كان معنى الحديث ما قدمناه لم يدل على سنية ما زعم من التوسل ولا على جوازه. وإنا ننقل عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم خصوصًا أئمة المذاهب الأربعة وأصحابهم عدم الجواز. رأي أبي حنيفة وأصحابه: قال أبو حنيفة وأصحابه: لا يجوز أن يسأل بمخلوق ولا يقول أحد: أسألك بحق أنبيائك. قال أبو الحسين القدوري في كتابه الكبير في الفقه المسمى (بشرح الكرخي) بعد أن ذكر ما تقدم ما نصه: وقد ذكر هذا غير واحد من أصحاب أبي حنيفة، قال بشر بن الوليد: حدثنا أبو يوسف عن أبي حنيفة أنه قال: لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به. وقال أبو يوسف: أكره أن يقول: بحق فلان، أو: بحق أنبيائك ورسلك، وبحق البيت الحرام والمشعر الحرام، وقال القدوري: المسألة بخلقه لا تجوز؛ لأنه لا حق للخلق على الخالق، فلا تجوز وفاقًا. وما يقول فيه أبو حنيفة وأصحابه: (أكره كذا) هو عند محمد حرام، وعند أبي حنيفة وأبي يوسف إلى الحرام أقرب وجانب التحريم عليه أغلب. رأي الشافعية: في فتاوى أبي محمد العز بن عبد السلام ما نصه: لا يجوز سؤال الله بشيء من مخلوقاته لا الأنبياء ولا غيرهم. ثم قال: وأتوقف في جوازه بنبينا صلى الله عليه وسلم لأني لا أعرف صحة الحديث فيه. والحديث الذي يشير إليه هو (توسلوا بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم) [٤] حديث باطل باتفاق الحفاظ، ونقل ابن القيم أن الدعاء عند القبر والصلاة عنده والتمسح به لأنه قبر فلان الصالح: بِدَعٌ منكرة باتفاق أئمة المسلمين. وإن ما ينقله بعض الجهلة من دعاء الشافعي عند قبر أبي حنيفة كذب ظاهر اهـ. ونقل الثوري عن الشافعي ما نصه: أكره أن يُعَظَّم مخلوق. واصطلاحه في مثل هذه العبارة معروف، وهو التحريم. ولم يُنقل عن مالك وأحمد في المسألة شيء سوى السلام على النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه رضي الله عنهما لمن وُجد عند القبر، بل نقلت موافقتهما لغيرهما من الأئمة كما تقدم عن القدوري وابن القيم اهـ. الكلام على أحد الحديثين. وأما على الثاني فقد قال السيوطي في تفسير الكلمات من قوله تعالى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ} (البقرة: ٣٧) الآية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لما أذنب آدم الذنب الذي أذنبه رفع رأسه فقال: أسألك بحق محمد إلا غفرت لي، فأوحى الله إليه: ومن محمد؟ فقال: تبارك اسمك لما خلقتني رفعتُ رأسي إلى عرشك فإذا فيه مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله، فعلمت أنه ليس أحد أعظم قدرًا ممن جعلت اسمه مع اسمك، فأوحى الله إليه: يا آدم إنه آخر النبيين من ذريتك لولاه ما خلقتك) رواه الطبراني وأبو نعيم والبيهقي وابن عساكر والحاكم وانفرد الأخير بتصحيحه اهـ. يرويه جميعهم عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده عمر بن الخطاب يرفعه، ولم يتابع السيوطي عليه أحد من المفسرين بالمأثور كابن جرير والحافظ ابن كثير وغيرهم، ولو شئنا أن ننقل أقوال أولئك العلماء في تفسير الآية لاحتجنا إلى عدة أوراق ولكن نكتفي بأنهم أهملوا ما قال السيوطي، وإسناد الحديث في الطبراني الصغير هكذا: عن محمد بن داود بن أسلم الصوفي المعري عن أحمد بن سعيد المدني الفهري عن عبد الله بن إسماعيل المدني عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده عن عمر بن الخطاب قال الطبراني: لا يُروى عن عمر إلا بهذا الإسناد، تفرد به أحمد بن سعيد اهـ. (ملحوظة) : (اتفق العلماء المحققون على عدم الاحتجاج بالحديث إذا روي بالعنعنة المحضة [٥] كالإسناد الذي مر معنا؛ إذ لم يصرح بلفظ التحديث أو الإخبار أو السماع من طريق أخرى وقد صرَّح الطبراني أنه لا يُرْوَى إلا بهذا الإسناد كما تقدم عنه) . قال البيهقي: (وهو أحد رواته وتفرد به عبد الرحمن اهـ) يريد بذلك أنه شاذ كما أراد الطبراني بأحمد بن سعيد، وقال بعضهم تعليقًا على تصحيح الحاكم: ليس كل ما صحَّحه الحاكم مقبولاً، وقال المدارسي في هذا الحديث بخصوصه في كتابه (كشف الأحوال في نقد الرجال) إن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف باتفاق، وقال العلامة أحمد بن ناصر التميمي في كتابه (تقريب التهذيب) جوابًا لسائل سأله عن تصحيح الحاكم لهذا الحديث: إنه من رواية عبد الرحمن بن زيد: يعني ليس بصحيح، وقال أحمد بن حنبل: عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف، وقال يحيى بن معين: ليس حديثه بشيء. وضعَّفه علي بن المديني جدًّا وهو إمام الحفاظ في عصره صاحب تآليف عديدة في الجرح والتعديل. وقال أبو داود صاحب السنن: أولاد زيد بن أسلم كلهم ضعيف، وقال النسائي من أصحاب السنن: ضعيف، وقال ابن عبد الحكم: سمعت الشافعي يقول: ذكر رجل لمالك حديثًا، فقال: من حدثك؟ فذكر إسنادًا منقطعًا فقال مالك: اذهب إلى عبد الرحمن بن زيد يحدثك عن أبيه عن جده عن نوح (ومالك هو الإمام الجليل) وقال أبو زرعة أحد الحفاظ الذين يروي عنهم البخاري ومسلم وغيرهما من أصحاب السنن في شأن عبد الرحمن: إنه ضعيف، وقال أبو حاتم الحافظ المعروف: ليس عبد الرحمن بن زيد بقوي في الحديث كان في نفسه صالحًا وفي الحديث واهيًا اهـ. وقال ابن حبان: كان يقلب الأخبار وهو لا يعلم حتى كثر ذلك في روايته من رفع المراسيل وإسناد الموقوف فاستحق الترك اهـ. وقال ابن سعد صاحب الطبقات في شأنه: كان كثير الحديث ضعيفًا جدًّا اهـ وقال ابن خزيمة: ليس عبد الرحمن ممن يحتج أهل العلم بحديثه اهـ. وقال الحاكم وأبو نعيم: وهو الراوي للحديث، روى عن أبيه أحاديث موضوعة اهـ. وقال الحافظ ابن الجوزي الناقد للأحاديث: أجمعوا على ضعفه اهـ. فهذا الحديث الذي يتمسك به جهلة المرتدين في جواز التوسل قد بينا شأنه وأقوال العلماء فيه، وكان يصح لهم ذلك لو لم يعارضه اتفاق المسلمين كما نقلناه عن الأئمة على عدم جواز التوسل فضلاً عن سنيته، نسأل الله التوفيق والاهتداء بما جاء عن خير الأمة والمهديين بسنته، والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه آمين. ... ... تحريرًا بالعلاقمة في ٤ شوال سنة ١٣٤٠هـ. ... ... ... ... ... ... ... ... ... أحمد عطيه قوره