للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمود أفندي شكري الآلوسي


الذكر ورابطة النقشبندية

لما اطلع السيد محمود شكري أفندي الألوسي عالم العراق المصلح الشهير
على ما كتبناه في رابطة النقشبندية - استحسنه وفضله على جميع ما كتبه العلماء
في ذلك، وأرسل إلينا القصيدة الآتية، وقال: إنها للشيخ عثمان بن سند النجدي
نزيل البصرة - رحمه الله - وكان من رجال أواسط القرن الثالث عشر في إبطال
الرابطة التي يقول بها المتصوفة.
أخل الفؤاد إذا ما كنت ذاكره ... تكن فتى بسلاف الذكر قد سكرا
فكيف يدعو لإخلاء الفؤاد من الـ ... ـأغيار طرًّا ليصفو الذكر للفقرا
فكيف يدعو إلى تصوير صورته ... في خاطر فيه نور الله قد سفرا
فأصقل فؤادك بالذكر اللذيذ وكن ... ممن عن الغير في أذكاره نفرا
لم يحل قط شهود الله في خلد ... إلا إذا لم يكن فيه سواه يرى
وإن يكن من أناس من يشاهدهم ... مولاه يذكر ما أنوارهم نظرا
إذ صورة المصطفى صحت بها كتب ... وما بتصويرها أصحابه أمرا
لو كان من ديننا تصوير مشيخة ... لكان أجدر لكن تقتفي الأثرا
فحسبنا باتباع المصطفى شرفا ... إن مال نحو اتباع غيرنا وجرى
فيا مريد الهدى استمسك بعروته ... وقل إذا السالك استهداك معتبرا
دع التوجه إلا للذي فطرا ... واسلك على الشرع واترك ما سواه ورا
فسالك لسبيل المصطفى ثبتت ... أقدامه ومريد غيره عثرا
إن الطريق إن عرفتها عمل ... بالشرع فاعمل به وانظر لما نظرا
وبعد تخلية فاعمل بتحلية ... وإن تحلية أخذ بما أمرا
من سار لله نقى السر من كدر ... لا ينظر الله سرًّا أشرب الكدرا
وأخرج عن النفس والأغيار تحظ به ... لم يحظ بالله مملوء الحشا غيرا
ولا تظن اشتغالاً بالعلوم شقى ... إن الشقاء لمن غير العلوم يرى
فالعلم يحمله من كل ما خلف ... عدو له فهم من غيرهم أمرا
ينفون تحريف ذي الأبطال عنه فكم ... مدقق منهم دين الهدى نصرا
لاتحتقر سالكًا علمًا فسالكه ... سام وتاركه بالجهل قد حقرا
وارج الحوائج من مولاك لا بشر ... وإن سما من مقام الصالحين ذرى
لو كان مستلبًا منه الذباب ولم ... يقدر الله إنقاذًا لما قدرا
فافزع إلى الخالق المعبود معتصمًا ... في كل ما حدث إن جل أو صغرا
واعبد كأنك مولى العالمين ترى ... فإن تكن لا ترى مولاك فهو يرى
واحذر دسائس نفس ربما قتلت ... ففي الدسائس منها دقق النظرا
الذكر ركن عظيم من طريقتهم ... وخيره ما عن المختار قد أثرا
جد في السير للرحمن مقتفيًا ... آثار من فات كل الخلق حين سرى
وكل مؤمنة أو مؤمن فله ... حق عليك فأحبب منهما الأثرا
واخش احتقارك للعاصي لمعصية ... فرب عاص تعدى ذنبه غفرا
فمكر ربك لا تأمن وكن رجلاً ... مستمسكًا أبدًا من شرعه بعرى
لا ناظرًا عملاً لكن لرحمة من ... كل الأنام اليه دائمًا فقرا
معلقًا منك آمالاً بذيل ندى ... من فضله الجم ذرات الورى
غمرا اذكره في خلوة أو جلوة لترى ... مما له عند أملاك سموا ذكرا
وبالنواجذ فاعضض شرع مرسله ... ودع أقاويل أقوام جرت هذرا
ما خالف الشرع مردود وقائله ... بذا روينا عن الهادي لنا خبرا
والدين أكمله المولى فليس به ... نقص فيكمله من نقصه ظهرا
إن الأطبا أساة الدين هم علما ... قد دققوا في معاني السنة النظرا
حامون حوزتها عن كل مؤتفك ... مزين في طريق الله كل فرا
لا توقعن نظرة يومًا على عمل ... إن رمت إخلاص أقوام بدوا غررا
إخلاصهم عرف الرفاق زاد على ... أن لا يكون لإخلاص له نظرا
لا مثل من حقروا أعمال غيرهم ... واستعظموا كل فعل منهم صدر