للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


وفاء قراء الصحف ومطلهم

كتبنا مقالة أخلاقية في وفاء قراء الصحف المنشَّرة ومطلهم بالنسبة إلى البلاد
وإلى الأصناف، بنينا الحكم فيها على اختبارنا الخاص، فأخذ (المقتطف) الأغر
خلاصتها، وقال: إنها ذكرته بحثًا مثل بحثنا للفيلسوف سبنسر الشهير ظهر له منه أن
خدمة الدين أقل وفاءً بالحقوق من غيرهم. ثم ذكر إحصاءً لأصناف المشتركين في
(المقتطف) و (المقطم) من حيث الوفاء والمطل كانت نتيجته موافقة لنتيجتنا.
ظهر من إحصاء المقتطف أن أصحاب الأملاك يتأخر عندهم سبعة في المائة من
حقوق الجرائد والمجلات، ويتأخر عند العلماء ٩ في المائة وعند التجار ١٥ في المائة
وعند المحامين ٢٥ في المائة وعند القضاة ٣٠ في المائة وعند الموظفين ٤٠ ونصفًا
في المائة.
قال الكاتب:
(وهذه النتيجة تنطبق على نتيجة صاحب المنار إلا من حيث العلماء، ولعل
سبب ذلك أننا جمعنا معهم المعلمين. أما موظفو الحكومة فأكثرهم من المستخدمين
الصغار، لا من الموظفين الكبار. ومن الغريب أن يدخل حضرات القضاة والمحامين
في باب المطل ولو لم تكن النتيجة التي وصلنا إليها نحن مطابقة للنتيجة التي وصل
إليها صاحب المنار لظننا حسابنا خطًا) .
أما ما ذكره في علة اختلاف الحسابين في العلماء فصحيح؛ لأن المعلمين في
المدارس يقل فيهم الماطلون، وقد قلنا هذا فلا خلاف، أما المحامون فقد نسينا أن
نذكرهم في تلك المقالة وهم أحسن وفاءً من القضاة وإن كنا نسمع القضاة يتبرمون
منهم. ونحن لا نشكو إلا من المحامين الشرعيين فإن أكثرهم يمطلون، وأما
المحامون في المحاكم الأهلية فكلهم يؤدون حق المنار، ويقل فيهم مَن يخرج منه
الحق نكدًا.
ومن عجيب ما وقع لنا من القضاة الأهليين أن أحدهم اجتمع عنده اشتراك
ثلاث سنين فطلب منا أن نعطيه ثلاث مجلدات من المنار بثمنها ونعطيه وصولاً بما
يطلب منه من غير أن يدفع قرشًا واحدًا واحتجَّ بأنه ينقصه بعض الأجزاء، فيا
حرمان مَن يتقاضى عند مثله.