(الأول لصاحب الفضيلة الأستاذ الكبير الشيخ مصطفى نجا مفتي بيروت) حضرة العلامة الجليل المفضال السيد محمد رشيد رضا المكرَّم زاد الله تعالى فضله. السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، وبعد فقد وصلتني هديتك أيها الأستاذ الكريم وتلقيتها شاكرًا لك مثنيًا على فضلك، وهي الجزء التاسع من تفسير القرآن الحكيم الشهير بتفسير المنار، ولمَّا تصفحت هذا الجزء المبارك وتأملت في مباحثه ومسائله الجليلة، وما حواه من فرائد الفوائد الجزيلة، لم أجد له نظيرًا في سهولته وبلاغته وطلاوته، وإتقان أسلوبه وترتيبه وحسن إرشاده، فهو من أفضل كتب التفسير التي أُلِّفت في هذا العصر لحفظ الدين وتأييده، ولبيان ما ترشدنا إليه الآيات القرآنية من العقائد والعبادات والآداب ومكارم الأخلاق والعمل للدين والدنيا، والتعاون على البر والتقوى، وما فاز السلف الصالح وساد إلا بإقامة الدين، واتباع سبيل المؤمنين، فعلى المسلمين أن يقتفوا أثر هذا السلف إن أرادوا ارتقاء صحيحًا وتقدمًا لا تأخر بعده. وبالجملة فإن تفسير (منارك) يا ذا الفضل فيه للأمة نفع عظيم وإرشاد إلى طريق الإصلاح القويم، فعلى أهل العلم والمعلمين وغيرهم أن يقتنوه ويعتنوا بمطالعته لينتفعوا به وينفعوا، ويصلحوا به ما اختل من أحوال المسلمين بسبب تقليد أكثرهم للأغيار وتهاونهم بالدين، وبالختام أسأله سبحانه وتعالى أن يجزيكم عن المسلمين خير الجزاء، ويوفقنا جميعًا لما يحبه ويرضاه بمنه وكرمه. ٢٧ رمضان سنة ١٣٤٧ ... ... ... ... أخوكم المخلص ... ... ... ... ... ... ... ... ... مصطفى نجا ... ... ... ... ... ... ... ... ... مفتي بيروت (الثاني لصاحب الفضيلة والسيادة الأستاذ الكبير السيد عبد الفتاح الزعبي الجيلاني نقيب السادة الأشراف بطرابلس الشام والخطيب المدرس بجامعها الكبير المنصوري) . بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، من الفقير إليه سبحانه وتعالى عبد الفتاح الزعبي الجيلاني إلى السيد الشريف، والإمام الغطريف، السيد محمد رشيد آل رضا، حفظه الله من سوء القضا. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد فإنه وصلني ما تكرمتم به من الجزء التاسع من تفسيركم المفيد، فإذا هو مُظْهِر لقوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} (القيامة: ١٩) وقد غدوت شاكرًا فضلكم وممنونًا، وقد نذرت لله تعالى متى شفا الباري عيني أقرأه درسًا وندعو لكم وللمسلمين بخير، أدامك الله مرشدًا ومجددًا كما أشار إلى ذلك المرحوم الأستاذ الإمام في آخر أيامه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ... نقيب أشراف طرابلس في ٨ شعبان سنة ١٣٤٨ ... السيد عبد الفتاح الزعبي الجيلاني (الثالث لجريدة أم القرى الغرَّاء بمكة المكرمة في ٨ شوال سنة ١٣٤٧)
تفسير القرآن الحكيم نجز الجزء التاسع من تفسير القرآن الحكيم للعلامة الجليل السيد محمد رشيد رضا صاحب المنار، من أول (قال الملأ) في الأعراف إلى قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم} (الأنفال: ٤١) وهو ذلك التفسير الجليل الغني عن التعريف الذي تقصر العبارة عن وصفه، غير أننا نشير إلى بعض ما امتاز به عن سائر التفاسير على كثرتها. فأول ما امتاز به ذلك التفسير أنه راعى الزمان ونبه فيه على ما أغفله المفسرون من تطبيق الآيات القرآنية على الآيات الكونية (ثانيها) اتباع طريقة القرآن في الوعظ والإرشاد؛ فإن الأستاذ بعد أن يفرغ من تفسير المفردات وبيان الأساليب يرشد المسلمين إلى ما في الآيات من العِبر، ويريهم مواضع الضعف، ويقفهم على أسباب المرض ويرشدهم إلى العلاج (ثالثها) الرد على الملحدين والمبتدعين (رابعها) رد الخرافات التي راجت على كثير من المفسرين والحكايات الإسرائيلية ونقد الأحاديث (خامسها) حل مشكلات كثيرة وتحقيق مسائل لم يسبق إليها كبيان الحكومة في الإسلام وكون القرآن صالحًا لكل زمان ومكان (سادسها) التزام طريق السلف في آيات الصفات، وإشباع كل موضوع بما يليق به من البيان، هذا إلى تحقيق في مفردات اللغة وأساليبها وتناسب الآيات والسور، وإجمال ما ورد فيها بعد تفصليها مما لم تكد تجده في تفسير آخر. وبالجملة فهذا التفسير لا يستغني عنه مسلم في هذا العصر، وحسبك بصاحبه صاحب المنار وحيد دهره، ونسيج وحده، الذي ينم تفسيره ومناره عن غزارة علمه وعلو كعبه، ومن قرأ تصانيفه ولا سيما هذا التفسير عرف عجز واصفيه، وكان حسبه تعريفًا ما يراه فيه، وإنا نسأل الله تعالى أن يبارك في عمره حتى يتمه، وينفع الأمة به.