(٣) مؤتمر القاهرة سنة ١٩٠٦ كان القسيس (زويمر) رئيس (إرساليات التبشير العربية في البحرين) أول من ابتكر فكرة عقد مؤتمر عام يجمع إرساليات التبشير البروتستانتية للتفكير في مسألة نشر الإنجيل بين المسلمين. وفي سنة ١٩٠٦ أذاع اقتراحه وأبان الكيفية التي يكون بها فوضعت هذه الفكرة على بساط البحث في (ميسور) من ولاية (أكرا) في الهند - لأن هذه الولاية ذات أهمية كبرى من حيث المسائل الإسلامية لوجود مدرسة (عليكدة) هناك، ثم عرض الاقتراح على مؤتمر التبشير الذي ينعقد في مدينة (مدراس) الهندية كل عشر سنوات فأجاز عقده، وإن اتخاذ الهند قاعدة لتأسيس النظامات الخاصة بتبشير المسلمين بالنصرانية أمر طبيعي وبديهي - لأن مسلمي الهند أخذوا على عاتقهم منذ القرن التاسع عشر تعضيد السياسة الإنكليزية للتغلب على الهندوس. ولما تقرر عقد المؤتمر شرع القسيس (زويمر) وزميل له يعدان المعدات لتأليف لجنة مؤقتة تضع برنامج مذاكرات المؤتمر وتدعو المبشرين المنتشرين في كل البلاد للاشتراك به. وفي يوم ٤ إبريل من سنة ١٩٠٦ افتتح المؤتمر في القاهرة في منزل عرابي باشا في باب اللوق وبلغ عدد مندوبي إرساليات التبشير ٦٢ بين رجال ونساء، وكان عدد مندوبي إرساليات التبشير الأمريكية التي في الهند وسورية والبلاد العثمانية وفارس ومصر واحدًا وعشرين، ومندوبو إرساليات التبشير الإنكليزية خمسة، واشتركت في المؤتمر الإرساليات الأسكتلندية والإنكليزية المنفردة والألمانية والهولندية والسويدية وإرسالية التبشير الدانمركية الموجودة في بلاد العرب. انتخب القسيس (زويمر) رئيسًا للمؤتمر وعُيِّنَ معه نائب وكَتَبَة وحددت أيام الجلسات. وهذا برنامج المسائل التي تفاوضوا فيها: ١- ملخص إحصائي عن عدد المسلمين في العالم. ٢- الإسلام في إفريقية. ٣- الإسلام في السلطنة العثمانية. ٤- الإسلام في الهند. ٥- الإسلام في فارس. ٦- الإسلام في الملايو. ٧- الإسلام في الصين. ٨- النشرات التي ينبغي إذاعتها بين المسلمين المتنورين والمسلمين العوام. ٩- التنصر. ١٠- الارتداد. ١١- وسائل إسعاف المتنصرين المضطهدين. ١٢- شئون نسائية إسلامية. ١٣- موضوعات تتعلق بتربية المبشرين والعلاقات بينهم وكيفية التعليم في الإسلام. وهذه الموضوعات جمعت على حدة في كتاب كبير اسمه (وسائل التبشير بالنصرانية بين المسلمين) . ثم صنف القسيس زويمر كتابًا جمع فيه شيئًا من التقارير عن التبشير وسماه (العالم الإسلامي اليوم) . *** وسائل لتبشير المسلمين بالنصرانية جمع هذا الكتاب ونشره القسيس (فلمنج) الأمريكي وكتب عليه هذه الكلمة (نشرة خاصة) بمعنى أنه طبع ليتنقل في أيدي فئة خاصة من رجال التبشير لا ليطلع عليه كل الناس. وقد ضمنه المباحث التي دارت في مؤتمر القاهرة واختتمه بنداءين أنهض بأحدهما همم رجال النصرانية ليجمعوا قواهم ويتضافروا بأعمال مشتركة وعمومية ليستولوا على أهم الأماكن الإسلامية، والنداء الثاني خاص بأعمال نسائية. أما الفصل الأول من هذا الكتاب فيبحث في الطريقة التي ينبغي انتهاجها في التبشير وعما إذا كان يفيد ضم إرساليات تبشير المسلمين إلى إرساليات تبشير الوثنيين أو تفضيل بقائهما منفصلتين وفيه البحث أيضًا عما إذا كان الإله الذي يعبده المسلمون هو إله النصارى واليهود أم لا (!) وقد صرح الدكتور (لبسوس) في مؤتمر القاهرة بأن إله الجميع واحد إلا أن القسيس (زويمر) خالفه في هذا الرأي فقال: إن المسلمين مهما يكونوا موحدين فإن تعريفهم لإلههم يختلف عن تعريف المسيحيين؛ لأن إله المسلمين ليس إله قداسة ومحبة [١] ! ؟ وفي الفصل الثاني والثالث بحث في الصعوبات التي تحول دون تبشير المسلمين العوام وذكر الوسائل التي يمكن استجلابهم بها وتحبيب المبشرين إليهم. وأهم هذه الوسائل العزف بالموسيقى الذي يميل إليه الشرقيون كثيرًا. وعرض مناظر الفانوس السحري عليهم وتأسيس الإرساليات الطبية بينهم. وأن يتعلم المبشرون لهجتهم العامية واصطلاحاتها نظريًّا وعمليًّا وأن يدرسوا القرآن ليقفوا على ما يحتويه. وأن يخاطبوا العوام المسلمين على قدر عقولهم ومستوى علمهم. ويجب أن تلقى الخطب عليهم بأصوات رخيمة وبفصاحة وأن يخطب المبشر وهو جالس ليكون تأثيره أشد على السامعين وأن لا تتخلل خطاباته كلمات أجنبية عنهم وأن يبذل عنايته في اختيار الموضوعات وأن يكون واقفًا على آيات القرآن والإنجيل عارفًا بمحل المناقشة وأن يستعين قبل كل شيء بالروح القدس والحكمة الإلهية (!) ومن الضروري أن يكون خبيرًا بالنفس الشرقية وأن يستعمل التشبيه والتمثيل أكثر مما يستعمل القواعد المنطقية التي لا يعرفها الشرقيون (!) وختم المؤلف هذين الفصلين بأن أكثر المسلمين الذين تنصروا إنما هم من العامة والأميين. وفي الفصل الرابع يأتي على ذكر الصعوبات التي تقف في سبيل تبشير المسلمين المتنورين. وهذه الصعوبات هي التي جعلت المؤتمر يترك المذاكرة في بادئ الأمر بمسألة التنصير فخاض في البحث عن الوسائل التي يكون لها تأثير - ولو قليلاً - على الناشئة الإسلامية لتدرك الأمور الاجتماعية والأخلاقية والأدبية. وهنا قال سكرتير المؤتمر: إن الخطة العدائية التي انتهجها الشبان المسلمون المعلمون اضطرت المبشرين في القطر المصري إلى محاولة إعادة ثقة الشبان المسلمين بهم، فصار هؤلاء المبشرون يلقون محاضرات في موضوعات اجتماعية وأخلاقية وتاريخية لا يستطردون فيها إلى مباحث الدين رغبة في جلب قلوب المسلمين إليهم. وأنشأوا بعد ذلك في القاهرة مجلة أسبوعية اسمها (الشرق والغرب) افتتحوا فيها بابًا غير ديني يبحثون فيه بالشئون الاجتماعية والتاريخية. وأسسوا أيضًا مكتبة لبيع الكتب بأثمان قليلة والغرض من ذلك استجلاب الزبائن ومحادثتهم في أثناء البيع. وقد مضى على ذلك ثلاث سنوات تسنى فيها للمبشرين أن يتوصلوا إلى النتائج الآتية: الأولى - أنهم عرفوا أحوال البلاد وأفكار المسلمين وشعورهم وعواطفهم وميولهم. الثانية - أنهم حصلوا على ثقة بعض المسلمين بهم. الثالثة - أن المبشرين تحققوا أنهم بتظاهرهم في وداد المسلمين وميلهم إلى ما تطمح إليه نفوسهم من الاستقلال السياسي والاجتماعي والنشأة القومية - يمكنهم أن يدخلوا إلى قلوبهم. وبناء على هذا ساعد المبشرون الشبان المسلمين في تأسيس جمعية الغرض منها إيجاد صلة وتقرب بين الطبقة المتعلمة والطبقات المتعددة التي تتألف الأمة منها وإنماء روح الاتفاق. هذه هي الطريقة التي استحسنها المبشرون بعد أن علموا أن الأمور التي يتذرعون بها وتكون صبغتها دينية لا ريب أن عاقبتها الفشل. ولكن المبشرين الذين هم على شيء من الجرأة يقولون: إنهم سمعوا بعض المسلمين يشكون من الزواج في الإسلام وتعدد الزوجات وتربية المرأة وعدم وجود التسامح الدينيي (!) وكل ما خاض فيه المؤتمر من هذه المباحث يختص بالمجهودات التي يبذلها المبشرون لتبشير الشبيبة الإسلامية التي تعلمت على الطريقة الأوروبية وفي مدارس الحكومة وما يلقونه من الصعوبات والفشل في تبشيرها. أما الذين تعلموا على الطريقة الشرقية في الأزهر وما يماثله فلم يتكلم أعضاء المؤتمر عنهم إلا بعض اقتراحات ونظريات - من ذلك أن أحد أعضاء المؤتمر أفاض في وصف ما للجامع الأزهر القديم من النفوذ وإقبال الألوف عليه من الشبان المسلمين في كل أقطار العالم. وتساءل عن سر نفوذ هذا الجامع منذ ألف سنة إلى الآن. ثم قال: إن السُّنيين من المسلمين رسخ في أذهانهم أن تعليم العربية في الجامع الأزهر متقن ومتين أكثر منه في غيره والمتخرجون في الأزهر معروفون بسعة الاطلاع في علوم الدين. وباب التعليم مفتوح في الأزهر لكل مشايخ الدنيا خصوصًا وأن أوقاف الأزهر الكثيرة تساعد على التعليم فيه مجانًا؛ لأن في استطاعته أن ينفق على ٢٥٠ أستاذًا. ثم تساءل عما إذا كان الأزهر يتهدد كنيسة المسيح بالخطر. وعرض اقتراحًا يريد به إنشاء مدرسة جامعة نصرانية تقوم الكنيسة بنفقاتها وتكون مشتركة بين كل الكنائس المسيحية في الدنيا على اختلاف مذاهبها لتتمكن من مزاحمة الأزهر بسهولة وتتكفل هذه المدرسة الجامعة بإتقان تعليم اللغة العربية. ثم قال: إن في الإمكان مباشرة هذا العمل في دائرة صغيرة وهي أن تخص أولاً بتعليم المسلمين المتنصرين وتربيتهم تربية إسلامية ليتمكن هؤلاء من القيام بخدم جليلة في تنصير المسلمين الآخرين. وختم كلامه قائلاً: (ربما كانت العزة الإلهية قد دعتنا إلى اختيار مصر مركز عمل لنا لنسرع بإنشاء هذا المعهد المسيحي لتنصير الممالك الإسلامية (!) وفي الباب الخامس ذكر المؤلف ما دار في المؤتمر عن النشرات التي ينبغي للمبشرين إذاعتها لتنصير المسلمين. وقد ظهر للمؤتمر أن التوراة مترجمة إلى معظم اللغات الإسلامية وأكثر لهجاتها، أما أدبيات التبشير ومؤلفاته فمترجمة إلى اللغات الإسلامية المهمة فقط. وقد اقترح أحد المندوبين أن تراجع المؤلفات التي قدم عليها العهد لإصلاحها واستخدامها في تبشير المسلمين المتنورين الذين اقتبسوا علومهم في المعاهد العصرية مثل مدرسة أكسفورد وبرلين، وأشار إلى وجوب تخفيف اللهجة في المجادلات الدينية. وقال مندوب آخر: إن الحاجة شديدة إلى نشر كتب في الموضوعات الدينية الآتية: ١- أسماء وألقاب المسيح التي في الأناجيل. ٢- طبيعية الخطيئة الأصلية. ٣- ضرورة الغفران. ٤- الجنة وكيفية الحصول عليها. ٥- الروح القدس وأعماله. ٦- عقيدة سر التجسد. ٧- الإنسان فرد اجتماعي وخالقه ليس كذلك. ٨- وأن الإله الاجتماعي يشمل الثالوث. ٩- الشيطان وكيفية الخلاص منه. *** إرساليات التبشير الطبية خاض المؤتمر بعد ذلك في مسألة إرساليات التبشير الطبية فقام المستر (هاربر) وأبان وجوب الإكثار من الإرساليات الطبية؛ لأن رجالها يحتكون دائمًا بالجمهور ويكون لهم تأثير على المسلمين أكثر مما للمبشرين الآخرين. وهنا ذكر المستر هاربر حكاية طفلة مسلمة عني المبشرون بتمريضها في مستشفى مصر القديمة ثم ألحقت بمدرسة البنات البروتستانتية في باب اللوق وكانت نهاية أمرها أن عرفت كيف تعتقد المسيح بالمعنى المعروف عند النصارى. وذكر أيضًا عن رجل مسلم كان يحضر محاضرات المبشرين لإثارة الجلبة والضوضاء. واتفق أنه مرض فدخل مستشفى المبشرين وبعد أن لبث فيه مدة شفي وخرج منه فصار يحضر المحاضرات في هذه المرة ولكن بخشوع زائد وبعد ذلك بقليل تعمد وأصبح نصرانيًّا على مذهب البروتستانت. ثم قام الدكتور هارس (طبيب إرسالية التبشير في طرابلس الشام) فقال: إنه قد مر عليه اثنان وثلاثون عامًا وهو في مهنته فلم يفشل إلا مرتين فقط وذلك عقب منع الحكومة العثمانية أو أحد الشيوخ لاثنين من زبائنه من الحضور إليه. وأورد إحصاءً لزبائنه فقال: إن ٦٨ في المئة منهم مسلمون ونصف هؤلاء من النساء وفي أول سنة مجيئه إلى حيث يبشر بلغ عدد زبائنه ١٧٥ وفي آخر سنة كان عدهم ٢٥٠٠ وختم كلامه قائلاً: (يجب على طبيب إرساليات التبشير أن لا ينسى ولا في لحظة واحدة أنه مبشر قبل كل شيء ثم هو طبيب بعد ذلك) . وقام بعده الدكتور (تمباني) وذكر الصعوبات التي يلقاها الطبيب في التوفيق بين مهنتي التبشير والطب كما حدث معه هو. إلا أن ما بذله من المجهودات قد أعانه على النجاح حتى تمكن من تأسيس مستشفى للتبشير من طريق الاكتتابات، وكان أول مكتتب لهذا المستشفى التبشيري رجلاً مسلمًا! وخطب الأستاذ (سمبسون) بعد ذلك في بيان فضل الإرساليات الطبية، ومما قاله: إن المرضى والذين ينازعهم الموت بوجه خاص لا بد لهم من مراجعة الطبيب وحسن أن يكون هذا الطبيب (المبشر) في جانب المريض عندما يكون في حالة الاحتضار التي لا بد أن يبلغها كل واحد من أفراد البشر. ثم خطبت المس (أناوستون) فتكلمت عن إرسالية التبشير الطبية في مدينة (طنطا) قائلة: إن ٣٠ في المئة من الذين يعالجون في مستشفى هذه الإرسالية هم من الفلاحين المسلمين وأكثرهم من النساء. أما طريقة التبشير في هذا المستشفى فهي أن يذكر الإنجيل للمرضى بأسلوب بسيط لا يدعو إلى التطرف في المناقشة، إذ المستشفى يجمع بين جدرانه نساء ورجالاً. *** الأعمال النسائية في التبشير كان لهذا الموضوع اهتمام كبير من أعضاء المؤتمر؛ لأنه خاص بنصف مسلمي العالم. فقالت المس (ولسون) : إن النساء المبشرات يستعن في الهند بالمدارس وبالعيادات الطبية وزيارة قرى الفلاحين لينشرن النصرانية بين طبقات الناس. وخطبت المس (هلداي) في حث المبشرين على الرفق بالمرأة المسلمة وتناولت السيدات المبشرات الخطابة في أخبار نجاحهن في المناطق التي انتدبن فيها . فقالت إحداهن: إن المسلمات الفارسيات يظهرن ميلاً شديدًا للعلم بالرغم من جهلهن باتساع نطاقه، وهن يعتقدن أن الذي يعرف جغرافية البلاد نابغة ولقصة الابن المسرف التي في الإنجيل وللمزمار الحادي والخمسين تأثير شديد على النفس المسلمة. وقالت مبشرة أخرى: إن مدرسة البنات البروتستانتية في الخرطوم فيها من ٨٠ إلى ٩٠ تلميذة مسلمة. ولأهلهن الحرية في السماح لهن بقراءة العهد الجديد (الإنجيل وذيوله) أو في منعهن من ذلك. إلا أن المدرسة في هذه السنة لم يرد عليها طلب استثناء واحدة من التلميذات من قراءة الإنجيل. وانتقل المؤتمر بعد ذلك إلى موضوع تربية النساء اللائي يتطوعن للتبشير. *** المتنصرون والمرتدون تساءل القسيس (جون فان أيس) عن الأركان التي يشترط توفرها في الشخص المتنصر. أو النصراني الشرقي الذي يدخل في المذهب البروتستانتي. وبعد أن بحث في ذلك قال: إن (المحبة) التي يعرفها نصارى الشرق تشوبها نزعة الاعتقاد بالقضاء والقدر وعقيدة الشرقيين عمومًا ضرب من الخرافات وإن تكن مبادئ الإيمان موجودة لديهم جميعًا. ثم تساءل عما إذا كان المسلم المتنصر أهلاً لنشر النصرانية؟ وأجاب على ذلك بأن هذا الأمر هو محك إخلاصه؛ لأن نشر الدعوة أمر تقتضيه روح الإسلام وبهذا كان الإسلام دين دعوة وتبشير، وكنت أتمنى لو انتفعنا بهذه المزية وأدخلناها في النصرانية. وتناقش المؤتمر بعد ذلك بشأن المتنصرين المضطهدين ووسائل استخدام المخلصين منهم وإدخال الأطفال الذين اعتنقوا المذهب البروتستانتي في المدارس العادية والصناعية. *** شروط التعميد بسط القسيس (حسب) القول في هذا البحث وسأل عن الشروط التي يجب أن تتوفر في المسلم المتنصر ليكون أهلاً للتعميد. ثم قال: إن المبشرين الكاثوليك يعمدون الناس ليجعلوهم مسيحيين أما نحن فنعمدهم لأنهم مسيحيون. وذكر بعد ذلك أيام التجربة والمعلومات الدينية التي يجب على المتنصر معرفتها وبحث فيما إذا كان يحق له أن يتلقى سر التناول (أي تناول القربان الذي هو جسد المسيح ودمه) . واستطرد المؤتمر إلى مسألة تعدد الزوجات عند المسلمين. وتكلم عن موقف المرأة التي تعمد زوجها هل يفرق الإسلام بينها وبينه أم لا. وعما إذا كان يجوز للمتنصر أن يتزوج مرة ثانية. فتقرر أن هذه المسائل عويصة، وقد سبق الخوض فيها في مؤتمر (لمبث) سنة ١٨٨٨ وأن الظروف تقضي باعتبار المسلم المتنصر وهو ذو زوجات متعددة بأنه تحت التجربة إلا إذا كان تنصره في ساعة الاحتضار. أما هذه المسائل نفسها فقد تركت بدون حل. *** كيف يتقرب المسلمون؟ خطب القسيس (هاريك) في هذا الموضوع فعرض على المؤتمر نتيجة أبحاثه التي أجراها في بلاد السلطنة العثمانية فمنها أنه عرف أن لا فائدة لطريقة المناظرة والجدل التي وضعها الدكتور (بفندر) المبشر ولم يكن من نتائجها غير وقوف الحكومة العثمانية في وجه المبشرين والذين ينتمون إليهم. أما ترجمة الإنجيل وكتب التبشير إلى اللغة التركية بدون مناقشة ومجادلة فكانت أكثر فائدة وأعم نفعًا. وقد تبين أنه بمجرد اشتراء المسلمين لهذه الكتب ومطالعتهم لها صارت تتبدد أوهامهم! القديمة. ثم قال: إن الجدل والمناظرة يبعدان (المحبة) التي لها وقع كبير على قلوب الأغيار وتأثير عظيم في نشر النصرانية. فالمحبة والمجاملة هما آلة المبشر؛ لأن طريق الاعتقاد غايته دائمًا هي قلب الإنسان. وقال بعد ذلك: يرى بعضهم أن الموازنة بين حياة وأخلاق الأمم النصرانية وحياة وأخلاق الأمم الإسلامية تنتج دائمًا رجحان النصرانية على الإسلام، وأنا أيضًا أوافق على رأي هؤلاء ولكن من الوجهة المادية. وفي هذه الأيام نجد جمهورًا عظيمًا من متنوري المسلمين يرغب في المناظرة والجدل. والعثمانيون يشيرون بازدراء إلى ما حدث في بلاد الروس النصرانية في السنة الماضية خصوصًا في أودسا (يريد اضطهاد نصارى روسيا ليهودها) ويقولون لنا: (هذه هي نصرانيتكم وأنتم الذين كنتم قبل زمن قليل تتهموننا بلا شفقة بأننا أرقنا قليلاً من الدماء أثناء اشتغالنا بقمع فتنة) وعلق القسيس على ذلك بوجوب تحلي حياة المبشر بمبدأ المسيحية قبل أن يعنى بالأمور النظرية كيما يظهر للمسلم أن النصرانية ليست عقيدة دينية ولا دستورًا سياسيًّا بل هي الحياة كلها، وأنها تحب العدل والطهر وتمقت الظلم والباطل - نفتح للمسلم مدارسنا ونتلقاه في مستشفياتنا ونعرض عليه محاسن لغتنا ثم نقف أمامه منتظرين النتيجة بصبر وتعلق بأهداب الأمل. إذ المسلم هو الذي امتاز بين الشعوب الشرقية بالاستقامة والشعور بالمحبة ومعرفة الجميل. بهذه الطريقة فقط يمكن للمبشر أن يدخل إلى قلب المسلمين. ولو أن أحدًا أظهر لنا شغفًا وميلاً عظيمًا إلى طرد كل العثمانيين من أوربا ومن وجه الأرض كلها يجب أن نجيبه قائلين: بل سنتحد إن شاء الله مع العثمانيين وندعوهم بكل إخلاص للاشتراك معنا في اقتباس أنوار النصرانية. *** موضوعات تبشيرية خاض المؤتمر بعد إتمامه الموضوع السابق في موضوعات كثيرة منها كيفية عرض العقيدة النصرانية والمناظرة فيها والوسائل التي يجدر التذرع بها لنشر مبادئها والتحكك بالنفوس الإسلامية والوقوف أمام صبغة الإسلام. والصفات التي ينبغي أن يتصف بها مبشر المسلمين بالنصرانية والإنجيل. ثم قال القسيس (ثرونتن) وعرض على المؤتمر هذه النظريات الأولية: ١- الشعب البسيط يلزمه إنجيل بسيط. ٢- الشرق سئم المجادلات الدينية. ٣- الشرق يحتاج إلى دين أخلاقي روحي واستنتج من هذه النظريات القواعد الآتية: ١- يجب أن لا نثير نزاعًا مع مسلم. ٢- يجب أن لا يحرض المسلم على الموافقة والتسليم بمبادئ النصرانية إلا عرضًا وبعد أن يشعر المبشر بأن الشروط الطبيعية والعقلية والروحية قد توفرت في ذلك المسلم. ٣- إذا حدت سوء تفاهم حول الدين المسيحي فيجب أن يزال في الحال ولو أفضى الأمر إلى المناقشة. أما (لفروا) أسقف مدينة لاهور فيرى أن المبشر الذي يعد نفسه لمجادلة المسلمين في أمور الدين يجب أن تتفوق فيه الصفات الأخلاقية والاستقامة التامة على المزايا العقلية. وأن يكون مقتنعًا بصحة البراهين التي يحتج بها وأن يكون صحيح المجاملة وأن يضع الأمل بالفوز على خصمه نصب عينيه ويحاول حمل خصمه على الخضوع للحقيقة. وهذا الأسقف يستنكر قسوة التعاليم القديمة ويرى أنها كانت ترمي إلى التغلب على العدو لا إلى اكتساب مودته. ثم قال: ويظهر لي أن كثيرًا من إخواننا المبشرين يريدون أن يبشروا الناس برشقهم بالحجارة لا بعرض الحقيقة عليهم. نعم إن هذه الطريقة قد تفيد ولكني أشك في موافقتها للتبشير وبما ينتج عنها من الحالات النفسية. وختم كلامه قائلاً: يجب على المبشر أن يتذرع بالصبر والسكينة وأن يكون حاكمًا على عواطفه إلى الغاية القصوى. وأن لا يخالج نفسه أقل ريب في أنه هو الذي سيفوز. وهذا كان آخر مناقشات المؤتمر ثم قام القسيس (زويمر) رئيس المؤتمر وقال: (إن انعقاد هذا المؤتمر كان بالتقريب نتيجة لأعمال (شبان التبشير المتطوعين) . أما البحث في أحوال العالم الإسلامي وتبشيره بالنصرانية فقد سبق الخوض فيه في مؤتمر (كلفلند) . وهذه الخريطة التي نراها أمامنا الآن موسومة باسم (خريطة تنصير العالم الإسلامي في هذا العصر) قد بعثت الأمل في قلوب ألوف من الطلبة في مؤتمر (ناشفيل) الذي انعقد في شهر فبراير الماضي والتبشير متوقف على وجود زمرة من المبشرين المتطوعين يقفون حياتهم ويضحونها في هذا السبيل) ثم ختم كلامه راجيًا أن يكون لندائه صَدى في المدارس الجامعة في أوربة وأميركة. *** (٤) العالم الإسلامي اليوم هذا عنوان كتاب نشره القس (زويمر) رئيس إرسالية التبشير في البحرين بمؤازرة زملائه - جمعوا فيه تقارير ومباحث تاريخية واجتماعية كتبها المبشرون عن حال المسلمين القاطنين في مناطقهم التبشيرية. وتتلو هذه التقارير خلاصة عن أعمال المبشرين التي قاموا بها في الأصقاع المختلفة وما نتج عنها من انتشار الدين المسيحي. وقد أنشأ جامعو هذا الكتاب مقدمة له ألحوا فيها بضرورة تنصير المسلمين الذين أهمل المبشرون أمرهم. وهذه الفكرة قد توسع بها أخيرًا إمبراطور أهم إمبراطورية أوربية في خطاب ألقاه على بعض المبشرين (يريد إمبراطور ألمانية) فكانت تشف عن الحكم على الإسلام من الوجهة الأخلاقية عامةً والدينية خاصةً أما هذه الفكرة فهي أنه لم يسبق وجود عقيدة مبنية على التوحيد أعظم من عقيدة الدين الإسلامي الذي اقتحم قارتي آسية وأفريقية الواسعتين وبث في مئتي مليون من البشر عقائده وشرائعه وتقاليده وأحكم عروة ارتباطهم باللغة العربية أصبحوا كالأنقاض والآثار القديمة المتراكمة على جبل المقطم أو هم كسلسلة جبال تناطح السحاب وتطاول السماء مستنيرة ذرواتها بنور التوحيد ومسترسلة سفوحها في مهاوي تعدد الزوجات وانحطاط المرأة! ؟ تلك هي الفكرة التي أشار إليها ناشرو الكتاب في المقدمة وأردفوها بقولهم: إن الكنيسة المسيحية ارتكبت خطأ كبيرًا بتركها المسلمين وشأنهم إذ ظهر لها أن أهمية الإسلام في الدرجة الثانوية بالنسبة إلى ثمانمائة مليون وثني - رأت أن تشتغل بهم - رأت هذا وهي لم تعرف عظمة الإسلام وحقيقة قوته وسرعة نموه إلا منذ ثلاثين سنة فقط. على أن أبواب التبشير صارت مفتوحة الآن في ممالك الإسلام الواقعة تحت سلطة النصرانية مثل الهند والصين الجنوبية الشرقية ومصر وتونس والجزائر. وإن في العالم ١٤٠٠٠٠٠٠٠ مسلم يرتقبون الخلاص؟ ! وفي هذه المقدمة بعض ملاحظات ونصائح للمبشرين منها: ١- يجب إقناع المسلمين بأن النصارى ليسوا أعداء لهم. ٢- يجب نشر الكتاب المقدس بلغات المسلمين؛ لأنه أهم عمل مسيحي. على أنه قد تم جزء من هذه المهمة بعد أن طبع في بيروت ٤٦ مليون صفحة من الكتاب المقدس. ٣- يجب أن يكون تبشير المسلمين بواسطة رسول من أنفسهم ومن بين صفوفهم؛ لأن الشجرة يجب أن يقطعها أحد أعضائها؟ ٤- ينبغي للمبشرين أن لا يقنطوا إذا رأوا نتيجة تبشيرهم للمسلمين ضعيفة إذ من المحقق أن المسلمين قد نما في قلوبهم الميل الشديد إلى علوم الأوربيين وتحرير النساء وأن تنصير أمثال (كامل) في بيروت و (عماد الدين) في الهند و (ميرزا إبراهيم) في تبريز وأعمالاً أخرى من هذا القبيل من شأنها أن تولد لنا مجهودات جديدة يجب علينا أن نحمد بسببها نعمة الله علينا. *** الإسلام في مصر هذا الفصل من كتاب (العالم الإسلامي اليوم) يتضمن ملخص أعمال المبشرين البروتستان في مصر والوسائل التي يتذرعون بها والنتيجة التي توصلوا إليها. وأهم معاهد التبشير في مصر هو الذي أسسته (جمعية اتحاد مبشري أمريكا الشمالية) سنة ١٨٥٤ وكان المبشرون قد وضعوا نصب أعينهم تبشير المسلم واليهودي والنصراني وقد استطاعوا أن يتحككوا بالمسلمين بواسطة مؤلفاتهم ومدارسهم. فنشروا منذ ٣٥ سنة كتاب (شهادة القرآن) ووزعوا بعض نسخ من كتاب (الكندي) وكتاب (ميزان الحق) المطبوعين في إنكلترة. ووضعوا في الأيام الأخيرة كتاب (الهداية) وهو في أربعة أجزاء ألف في الرد على الذين طعنوا في النصرانية. والمحاضرات العامة التي يقيمها المبشرون مرتين من كل أسبوع للموازنة والمناظرة بين الإسلام والنصرانية يحضرها عدد عظيم من المسلمين ويسمح لهم بأن يتكلموا. وفي مدارس المبشرين في القطر المصري ٣٠٥٠ طالبًا مسلمًا وخُمس هؤلاء من البنات المسلمات. وكانت نتيجة هذه المجهودات منذ بداية التبشير إلى أيامنا هذه أن تنصَّر مئة وخمسون مسلمًا وأهم ما وقع من ذلك سنة ١٩٠٣ وسنة ١٩٠٤ فقد تنصَّر في الأولى ١٤ شخصًا وفي الثانية ١٢. وفي سنة ١٨٨٢ تأسس في مصر معهد علمي للتبشير تابع لجمعية (تبشير الكنيسة) وله أربعة فروع الأول قسم طبي والثاني مدرسة للصبيان والثالث مدرسة للبنات والرابع لنشر الإنجيل. وينشر مبشرو هذا المعهد مجلة أسبوعية وكراسات ولهم مكتبة خاصة بهم. والنتيجة الأولى لمساعي هؤلاء هي تنصير قليل من الشبان والفتيات , والثانية تعويد كل طبقات المسلمين أن يقتبسوا بالتدريج الأفكار المسيحية. وبعد المعهدين السابق ذكرهما تأتي (جمعية تبشير شمال أفريقيا) وهذه الجمعية أسست معهدًا في مصر سنة ١٨٩٢ وأهم وظائفها تنصير المسلمين. ولهذه الجمعية ثلاثة وكلاء في الإسكندرية واثنان في شبين الكوم. وأعمال هذا المعهد قاصرة على فتح المدارس لتعليم الإنجيل بوجه خاص. وأن تزور المبشرات منازل المسلمين وتجتمع بسيداتهم. وأن توزع المؤلفات والكتب التبشيرية على المسلمين. وأن تلقى محاضرات دينية لدرس الإنجيل في أيام الأسبوع. وأن تقام الصلاة. وهذا المعهد قد نجح في تنصير خمسة أشخاص. وفي سنة ١٨٩٨ تأسست (الجمعية العامة لتبشير مصر) وغايتها تنصير المسلمين أيضًا ولها معاهد في الدلتا والسويس وتدير مدارس للصبيان والبنات وتبث فيهم مبادئ النصرانية ولها خزائن كتب تحوي كتبًا عربية ذات علاقة بالإسلام ولها مجلة شهرية منتشرة جدًّا وخاصة بالمسلمين. وفي كل يوم سبت يطوف المبشرون للتفتيش. وأقل إرساليات التبشير أهمية في القطر المصري الإرسالية الهولندية التي توطنت في قليوب , وفي مدارسها المتعددة تلاميذ من كل المذاهب , وهي تنشر الإنجيل في القرى بواسطة بائعي الكتب , ومن أعمالها أنها أنشأت ملجأً للأيتام , وعنايتها متوزعة بين الأولاد المسلمين والنصارى على السواء. أما العقبة الوحيدة التي تقف في سبيل إرساليات التبشير فهي أنه ليس لديها قوة تزيل الضرر الذي يلحقها من مقاطعة المسلمين للمتنصرين وعدم إصغائهم لهم. *** الإسلام وإرساليات الهند من الذين ألفوا في هذا الموضوع المستر (م. وهري) فإنه تكلم عن حالة التبشير في شمال الهند. وعن انتشار الإسلام ووسائط نشره وأشار إلى دراويش جمعية (انجمن إسلام) وذكر التقدم الفكري والاجتماعي الذي حدث في هذه الجهات وأن الإسلام عرقل سير هذه الميول. ثم لخص هذا المبشر تاريخ التبشير في الهند فقال: إنه ابتدأ منذ مئة سنة عندما نال (جيزوم كزافيه) اليسوعي إذنًا بالتبشير في لاهور ففتح باب الجدال في مسائل التوحيد والتثليث وألوهية المسيح وصحة الكتب المقدسة. فتسبب عن ذلك قيام (أحمد بن زين العابدين) وتأليفه كتاب (الأنوار الإلهية في دحض خطأ المسيحية) . إلا أن المبشر البروتستاني الذي يتكلم في تاريخ التبشير في الهند لم ترق له الأعمال التي قام بها المبشرون الكاثوليك وقال: إن دفاعهم عن عقيدة عبادة العذراء والآثار (ذخائر القديسين (أي بقايا عظامهم)) والصور عن الأماكن المقدسة كان من شأنه إظهار النصرانية بغير مظهرها الحقيقي. ثم جاء المبشر هنري مارتين فوضع أساسًا قويًّا للتبشير بالإنجيل فترجمه إلى الفارسية والأوردية. ثم جاء بعده (بفندر) فترجم كتابه (ميزان الحق) من الفارسية إلى الأوردية وزاد عليه ترجمة كتاب (طريق الحياة) و (مفتاح الأسرار) وبهذا أثار (بفندر) مجادلات شديدة مع علماء الإسلام في دهلي، وأكرا، ولكنهوء، وزلزل بذلك إيمان كثير من المسلمين وإن يكن الذين تنصروا منهم قليلاً عددهم (!) وأعان المبشرين في هذه المجادلات المسلمون المتنصرون مثل السيد مولوي صفدر علي ومولوي عماد الدين وسيد عبد الله حاتم ومنشي محمد حنيف والدكتور بري قدارخان. وفي شمال الهند الآن ما لا يقل عن ١٢ جمعية تبشير بين إنكليزية وأمريكية وأسترالية وكلها ترمي إلى غاية واحدة. واجتهدت هذه الجمعيات بتنصير المسلمين منذ وطئت البلاد، ويتبين من تقارير هذه الإرساليات أن من المسلمين المتنصرين من وصل إلى درجة المبشر، وقد اختصت هذه الجمعيات المسلمين بكتب يطالعونها وهي معروضة لهم في مكتبات التبشير. وقد اشتد انتباه المبشرين إلى مكافحة الإسلام في الأيام الأخيرة فنمت فيهم فكرة الاختصاص بتبشير المسلمين عن إثر كتابات الدكتور (مردوتش) وبادرت جمعيات متعددة إلى إرسال مبشرين أخصائيين لهذا الغرض. أما عدد المسلمين المتنصرين فلا تمكن معرفته من الاعتماد على الإحصائيات ولكننا عثرنا في تقارير سنة ١٩٠٤ على أسماء صار أصحابها قسيسين مبشرين، وعدد المبشرين الذين هم من هذا القبيل ١٩٤ ويرى القارئ أسماء إسلامية في قوائم أعضاء اللجان الدينية في (بشاور) وغيرها، وقرأ (المولوي عماد الدين) في (برلمان الأديان) في شيكاغو سنة ١٨٩٣ أسماء خمسين من المسلمين المتنصرين الذين امتازوا بإخلاصهم للتبشير. أما ثمرة التبشيرفي أواسط الهند فهي أضعف بكثير من ثمرة التبشير في شمال الهند بالرغم من اجتهاد (تبشير الكنيسة) التي في مِدراس وحيدر آباد، وبالرغم من تفاني إرسالية (تبشير الكنيسة) التي تبشر النساء فكل المتنصرين في أواسط الهند عدد قليل في جهتين أو ثلاث، وفوق ذلك فإنه يكثر في هذه الجهات ارتداد النصارى إلى الإسلام لأسباب مالية ومصالح شخصية، وجمعية (انجمن إسلام) تنجح دائمًا بما لها من النشاط في حمل عدد كبير من الهندوس والمسيحيين على اعتناق الإسلام. ومؤتمر المبشرين الذي عقد في القاهرة لم يَفُتْه البحث في حركة الإصلاح التي دخلت في مسلمي الهند والإشارة إلى (السير سيد أحمد خان) زعيم تلك النهضة وما تبذله مدرسته الإسلامية في عليكدة ومؤتمر التربية الإسلامية. ولقد خطب القسيس (ويتبرتشت) في مؤتمر القاهرة بموضوع (الإسلام الجديد) فذكر أن تعاليم أوربة تقرب المسلمين من النصرانية ثم قال: ١- يحب علينا أن ننشئ جسرًا فوق الهاوية التي تفصل بين العناصر وللتوصل إلى ذلك يجب أن ننتفع من وجود الطلبة المسلمين في إنكلترة. ٢- أن يدرس الإنجيل على حدة أو على جماعات قليلة العدد. ٣- أن تلقى محاضرات ودروس منظمة بمراقبة رجال ممتازين، وأن تصرف العناية إلى المناقشات. ٤- توسيع نطاق المطبوعات بالأوردية مثل مجلة (ترقي) وأن يترجم تاريخ التوراة للدكتور بلاك وأن يتذرع لترويج ذلك بنشر الجرائد والكتب الإنكليزية التي يأنس بها المسلمون. ((يتبع بمقال تالٍ))