للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


التقريظ

(تاريخ القرآن والمصاحف)
عني المسلمون بالقرآن المجيد عناية لم تعن بمثله أمة بكتابها فحفظوه في
الصدور والسطور في زمن تنزيله إلى هذا اليوم وألفوا الكتب الكثيرة في ضبط كتابته
وتلاوته، فبينوا بالرسم مهمله ومعجمه وغفله ومنقوطه وكيفية الأداء والتجويد
والوقف والابتداء وعدد الآيات والكلمات والحروف، كما بينوا المعنى والإعراب
ونكت البلاغة وطرق الاستنباط. ولما كان المصحف المعظم قد وصل إلى
المتأخرين في أحسن خط وأجمل شكل، حتى بيّن فيه مواضع الوقف المطلق والجائز
والصالح والممتنع اكتفوا بذلك عن الرواية والمدارسة في رسم الحروف وتاريخ
المصاحف ولم يعنوا في ألفاظه إلا بتجويدها علمًا وعملاً في الأكثر؛ فأتقنوا مخارج
الحروف وصفاتها من: الإظهار، والإخفاء، والجهر، والهمس، والقلقلة والمد،
والقصر، وغير ذلك. ثم قضت حاجة هذه الأيام بمراجعة ما كتب في تاريخ
المصاحف فانتدب صاحبنا موسى أفندي جار الله روستو فدوني الروسي إلى تأليف
كتاب في تاريخ المصاحف يصدره أجزاء صغيرة كلما أتم جزءًا طبع ونشر. وقد
طبع الجزء الأول في بطرسبرج في أوائل ربيع الأول من هذه السنة، وأرسل إلينا
نسخة منه وطلب منا انتقادها، واتفق أن رأى النسخة في يدنا الأستاذ الإمام - رحمه
الله تعالى - قبل أن نقرأها فأحب أن يطلع عليها فأخذها، وكان المرض قد أشتد عليه
وشغلنا بمرضه ثم بموته عن البحث عنها في أوراقه وكتبه، ثم أرسل إلينا نسخة
أخرى سنقرظها في جزء آخر إن شاء الله تعالى.
***
(كتاب الخدمة المدرسية في تسهيل قواعد العربية)
كتاب في مبادئ النحو والصرف لجرجس أفندي الخوري المقدسي مدرس
العربية في المدرسة الأمريكية بطرابلس الشام قال في مقدمته أنه أطال الفكر في
كيفية التأليف المفيد للتعليم، وكتب في مذكرته كل ما كان يخطر له في أثناء التدريس
للتلاميذ والتلميذات من الأحداث موافقًا لأذواقهم وجعل ذلك دعامة كتابه هذا ثم قال:
(فجمعت فيه من الصرف والنحو ما يسهل فهمه على التلميذ ويتمكن به من
ضبط ألفاظه وكتابته ونسقته حسب أفكاري تنسيقًا يرتاح إليه المتعلم مفضلاً القليل
المفهوم على الكثير المعقد اتباعًا لرأي فلاسفة هذا العصر بشأن التعليم. وافتتحت
الفصول ببيانات وذيلتها بتمارين موافقة لمقتضى الحال، وأدخلت إلى اللغة نوعًا
جديدًا من الإعراب سميته (الإعراب التصويري) اقتبسه من الإنكليزية) ... إلخ.
ثم طلب من الأساتذة والكتبة انتقاد الكتاب ليعمل بما يرشدونه إليه في الطبعة
الثانية. وقد أخرنا تقريظ الكتاب لعلنا نجد وقتًا لمطالعته وانتقاده فأعوزنا الوقت فلم
نجد بدًّا من ذكره والتنويه بما توخاه مؤلفه فيه توجيهًا للأنظار إليه.
***
(مجلة الشتاء)
مجلة أدبية علمية تاريخية فكاهية شعرية أنشأها في مصر سليم بك العنجوري
الشاعر الدمشقي العصري الشهير، وهي تصدر في فصل الشتاء وتحتجب في
الصيف وقيمة الاشتراك فيها أربعون قرشًا مصريًّا في السنة التي هي الشتاء تدفع
مقدمًا. وقد صدر الجزء الأول منها في شهر يناير والثاني فيما يليه. وإنك لتقرأ بعض ما جاء في الجزء الأول فإذا هو يمزج الفكاهة والدعابة بالجد فتتجلى لك روح
هذا الشيخ الكبير، بخفة الحزوّر الطرير، حتى لا أكاد أفرق بين ما قرأته له
اليوم وما كنت قرأته له وأنا تلميذ مبتدئ كان الأدب قد طبع روح هذا الرجل
بطابع لم تقو عليه السنون ولم تؤثر فيه عواصف السياسة التي تغير الأوضاع، وتبدل
الطباع، وإنني أكتفي الآن بهذا التشويق إلى مجلة الشتاء بالإشارة إلى ما فيها من
حرارة الشباب ولعلي أجد وقتًا آخر أنتقد فيه ما لعلي أجده فيها من برد
الشتاء، ولا أقول برد الشيخوخة لئلا أجمع بين الضدين وإن كان الجمع بينهما من
محسنات البديع عند الشعراء فيشفع لي عند الرصيف القديم الجديد الذي اشتغل
بالصحافة وأنا وليد، على أن السوري لا ينتقد برد الشتاء، فما علي إلا أن
أعهد بذلك إلى أحد المصريين الأدباء.