سنة ١٣٣١ هجرية [١]{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّمِّنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً} (الإسراء: ١١١) {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ المُلْكِ تُؤْتِي المُلْكَ مَنتَشَاءُ وَتَنزِعُ المُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىكُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (آل عمران: ٢٦) {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ المُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّشَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ المَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ العَزِيزُ الغَفُورُ} (الملك: ١-٢) {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا العِلْمِ قَائِماًبِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ} (آل عمران: ١٨) {مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِوَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِوَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وَجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِيالإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَبِهِمُ الكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} (الفتح: ٢٩) {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَالآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} (الأحزاب: ٢١) {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنقَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّاللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} (آل عمران: ١٤٤) {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُواالصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْوَأَصْلَحَ بَالَهُم} (محمد: ٢) {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِوَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيما} (الأحزاب: ٤٠) {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُيُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} (الأحزاب:٥٦) .اللهم صلِّ على نبيك رسول الرحمة، وكاشف الغمة، ومزيل النقمة،وعلى آله وأصحابه أجميعن، ومن اهتدى بهديهم في الأولين والآخرين،واجعلنا منهم برحمتك يا أرحم الراحمين، وسلم تسليمًا كثيرًا.أما بعد: فيا أيها المسلمون {هَذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ *وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّالقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْشُهَدَاءَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الكَافِرِينَ * أَمْحَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ * وَلَقَدْكُنتُمْ تَمَنَّوْنَ المَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ} (آل عمران:١٣٨ - ١٤٣) {أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَوَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ} (التوبة: ١٢٦) {إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً} (المزمل: ١٩) .أيها المسلمون، مرت الليالي والأيام وتعاقبت الشهور والأعوام،والأمة الإسلامية في كل موضع ومقام، تُظلم وتُضام، وتُداس بالأقدام، عندجميع الأقوام وهم {لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً وَأُوْلَئِكَ هُمُ المُعْتَدُونَ} (التوبة: ١٠) ولا ينظرون إلى مسلم بعين إنصاف أو رحمة، وإن من شهدهاتيك الأعوام الماضية، وتلك الأيام النحسة الخالية، هذا العام الذي طويتصحيفته من الوجود، ومحيت أيامه ولياليه من الخافقين فلا تعود {هُنَالِكَ ابْتُلِيَالمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيدا} (الأحزاب: ١١) وعم الويل والثبور القريبمنهم والبعيد، فقد انتابتهم النوائب الماحقة، وصبت عليهم المصائب الساحقة،وألمت بهم الرزايا العديدة، ونزلت بساحتهم البلايا المبيدة، وأحاطت بهمالمهالك، فجعلت أيامهم البيض سودًا حوالك، وها هي ذي الأمة الإسلامية ترددالنفس الأخير، وسيقضى عليها - لا قدر الله - إن لم يتداركها برحمته العزيزالقدير] وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ [الأعراف: ٣٤) .انظروا بعيني البصر والبصيرة إلى هذه الأمة الكبيرة، ذات العزةوالسطوة، والمنعة والقوة، والأيام المشهورة والآثار المسطورة، تروها علىوجه هذا الصحصحان ككرة الصولجان، تتقاذفها الفرسان، وتطاردهاالفتيان، وتقلبها في الميدان، وهي لضعفها طوع صوالجهم، ولعجزها تبعإرادتهم، لا ترد ضربة ضارب، ولا تكف يد لاعب {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍفَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُم} (الشورى: ٣٠) {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَكِنَّ النَّاسَأَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} (يونس: ٤٤) .تأملوا رحمكم الله وأصلح بالكم، في هذه الأمة الكريمة، ذات الشهرةالعظيمة، والرعب والرهبة، والفتح والغلبة، تجدوها بين الأمم، كقطيع منالغنم، غاب عنها راعيها وقد خيمت عليها الظلم، فانقضَّت عليها ذئاب الغربالمتمدنة، وثعالب تمدن هذه الأزمنة، تنهشها بالأنياب والحراب، وتمزقمنها الجلباب والإهاب، وتسومها سوء الهوان والعذاب، تقطع أوصالها،وتستلب أموالها، تقتطع ممالكها مملكة فمملكة وتجرها من مهلكة إلى مهلكة،تغتصب بلدانها وتختطف تيجانها، تستنزف دماءها، وتمزق أشلاءها،مرتكنة في استباحة أفعالها على حجج لا مبرر لها، ودعاوي أوهن من بيتالعنكبوت، وإنه لأوهن البيوت، وأمتكم تستغيث بالإنسانية ولا إنسانية لدىالقوم، وتستجهر بالمروءة وقد ماتت ومات أهلها من بينهم اليوم، تناشدهمشفقة الأخوة الآدمية، وتذكرهم بالحقوق الملية، والمعاهدات الدولية، وهميتصاممون عن سماعها، ويُنغضون إليها رءوسهم استهزاءً بها، تخوفهمعاقبة هذه الدار، وعقاب القوي الجبار، لكل ظالم ختار، وهم لا يرهبهم إلاالحديد، والعدد العديد من الأبطال الصناديد، أولي الأيد والبطش الشديد،ولا تخيفهم إلا الجماعة المتساندة، والعصبة المتحدة، والفئة المتعاضدة ذاتالقلوب المتوادة والأهواء الواحدة، والمقاصد المتماثلة والأعمال المتواصلة،والآراء السديدة والمساعي الحميدة، والهممم العالية والمطالب السامية، ولاترعبهم السيوف البتارة والجيوش الجرارة والخيل والعدة والبأس والشدة،والشهامة والنجدة ولا تفزعهم إلا البواخر الماخرة والقلاع الزاخرة، والمدافعالمزمجرة، والقذائف المدمرة ولا تردعهم إلا الرعاة الساهرة والقواد الماهرة،والذخائر الوافرة، والنيران الملتهبة والليوث المتأهبة ولا يردهم عنكم أيهاالمسلمون الساهون اللاهون، إلا الاهتداء بتعليم القرآن والامتثال لأوامرالرحمن والمبادرة إلى العمل بقوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍوَمِن رِّبَاطِ الخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُيَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُون} (الأنفال:٦٠) .وأنى للأمة الجاهلة اللاهية الغافلة بمثل هذه الصفات الفاضلة؟ وأينمنها هذه المزايا الفضلى والمعاني الجلى، وقد اشتغل سادتها وكبراؤها، وأمراؤهاوزعماؤها بالألقاب العاطلة، والفخفخة الباطلة عن إعداد القوة المرهوبة، وتهيئةالعُدد المطلوبة، وبفتح زجاجات الخمور عن تحصين الثغور، وبتشييد القصوروالتفاخر بالرياش والملابس عن تشييد القلاع والحصون وإنشاء المدارس، وبنصبمراسح التمثيل، ورفع منصات السفه والأباطيل عن تأسيس المعامل لبناءالأساطيل والبواخر، وعمل الخراطيش والأسلحة والذخائر، وبالخرافاتوالترهات عن إقامة المصانع لإبراز المصنوعات، وبالركون إلى البطالةاعتمادًا على موهوم الإمارة، عن تعميم الزراعة وتنشيط التجارة حتىتكثر الثروة وتعز القوة، وبالتخيلات الشعرية والشهوت البهيمية عن العلوم والفنونوالمعارف العصرية، وبمطالعة روايات الفحش والفجور عن تواريخ الأممووقائع الدهور، وبسير الفجار والأشرار عن سير القواد الكبار والأسلافالأخيار، وبتلقف أخبار زمرة الفسق والدعارة عن النظر في أحوال الأمةوالمملكة أو الإمارة، وبمعاقرة بنات الدنان، ومعانقة الغيد الحسان، عن تلاوةالقرآن لمعرفة أوامر الرحمن، وبالانهماك في قصص البغايا والبغاء، عنالالتفات إلى أحاديث خاتم الأنبياء، وبالاعتناء الشديد بقول الخناس الوسواس، عنالاهتداء بقول ذي العرش المجيد: {وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} (الحديد: ٢٥) وبالتفاني في طاعة النفس والهوى، في كل ما يضرهم ولاينفعهم، ويفسدهم ولا يصلحهم، وهم غافلون لاهون، لا يحسون ولايشعرون، عن امتثال أوامر فالق الحب والنوى، مما به يعلون ويعتزون، ولايهِنون ولا يُحزنون، ويُحترمون ويُهابون، ولا يُهانون ولا يُظلمون، يبيتونلياليهم سجدًا ولكن في المراقص والحانات. وركعًا ولكن على مناضدالخمور والمغيِّبات، وخُشَّعًا ولكن لأصوات المغنيات، ووسواس حليالراقصات، ويقضون نهارهم في سررهم نائمين، لا يهمهم من أمري الدنيا والدين،إلا تناول المساحيق وابتلاع المعاجين {رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ} (المؤمنون: ١٠٦) {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَالخَاسِرِينَ} (الأعراف: ٢٣) ، {رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلاْ} (الأحزاب: ٦٧) ، {رَبَّنَا هَؤُلاءِ أَضَلُّونَا} (الأعراف: ٣٨) {رَبَّنَا لاَ تُزِغْقُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ} (آل عمران: ٨)فهل - والحال هذه - يفرح ذو شعور باختتام عام وافتتاح عام؟ أو تنشط نفسمسلم غيور إلى السرور بتجدد الشهور والأيام؟ وهل يستلذ بمنام أو يهنأ بطعاممن يشاهد حال هذه الأمة، التي تراكمت عليها الخطوب المدلهمة، ويرى غفلةرعاتها عن الواجبات الجمة، وتقاعدهم عن الأمور المهمة؟ ألا يليق بذي الإحساسأن يبكي بدل الدمع دمًا؟ ألا يجدر به أن يلبس حدادًا على هذه الأمة ثوبًا أقتمًاألا يجب على كل مسلم أن يقبل على رب العالمين ويتضرع إليه بقلب خاشعحزين، ولسان صادق مبين، قائلاً في كل وقت وحين {أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَإِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} (الأنبياء: ٨٧) ألا يجب على المسلمين أن يسارعوا إلىالتوبة من كل باب، ويقلعوا عن المعاصي التي جلبت عليهم أنواع الهلاكوالخراب، وينيبوا إلى الرءوف الرحيم، ويستغفروه قائلين: {رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةًلِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} (يونس: ٨٥) {رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَأَنْتَ العَزِيزُ الحَكِيم} (الممتحنة: ٥) ألا يجب عليهم أن يجددوا الإيمان،ويوقنوا بوعد وعهد الواحد الديان، فيعملوا بتعليم القرآن، ويهتدوا بهدي أكملوأشرف بني الإنسان، ويقتدوا به صلى الله عليه وسلم، وبأصحابه أصحاب العزموالحزم، ويقبلوا على إصلاح الحال، بتطهير النفوس والعقول من الغيوالضلال، والزيغ في الأقوال والأفعال، والانحراف عن الجادة المثلى فيالنيات والأعمال، فيبادروا إلى تدارك ما فات عاملين مجدين، وعلى ربهممتوكلين، وإليه لاجئين، وله خاضعين، ومنه مؤملين، وبحبله معتصمين،متضرعين إليه مبتهلين، ولعفوه ونصره ومدده ومعونته طالبين، قائلين: {رَبَّنَااغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى القَومِ الكَافِرِين} (آلعمران: ١٤٧) {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَاحَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَاوَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى القَوْمِ الكَافِرِينَ} (البقرة: ٢٨٦) .فاليقظة اليقظة أيها النائمون، والانتباه الانتباه أيها الغافلون، والعملالعمل أيها المقصرون، والوجل الوجل أيها المفرطون، والحذر الحذر أيهاالمتكاسلون، قبل حلول القضاء المبرم، ووقوع البلاء المحتم، من القويالجبار، المنتقم القهار، على من عصى وتجبر، وعرف الحق ثم أنكر،وزاغ بعد الهداية، ولم يتعظ بما مضى في البداية، ولا تَفَكَّرَ في العاقبةوالنهاية {وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداًوَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُّكْراً * فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْراً} (الطلاق:٨-٩) {وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ العَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْلَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ} (هود: ٨) فالفرار الفرارمن موجبات العذاب النكر والحساب الشديد، والبدار البدار إلى امتثال أوامرالعلي المجيد، الفعال لما يريد {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِوَمَا نَزَلَ مِنَ الحَقِّ وَلاَ يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْقُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ} (الحديد: ١٦) {أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَوْمِنُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَاكَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} (التوبة: ٧٠) - {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنتُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِن دُونِ اللَّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَالمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (التوبة: ١٦)أيها المسلمون - جربتم العصيان فجربوا الطاعة، وعملتم للباطلفاعملوا للحق من هذه الساعة، وذقتم مرارة الإفراط والتفريط والإسراففذوقوا حلاوة القصد والعدل والثبات والاستقامة فإنها أربح بضاعة. وسعيتمللخزي والعار وتمسكتم بالموصلات إلى النار، وغضب الجبار، فاسعوا للعزوالشرف والفخار، وتمسكوا بالمدخلات في رضوان الله وجنته دار القرار،فالله الله في أنفسكم أيها المسلمون والتوبة مقبولة والرحمة مبسوطة والطريقممهد لا يخيب فيه السالكون، والسرعة السرعة يا خير الأمم. قبل أن يؤخذبالكظم، وتندموا فلا ينفعكم الندم، واذكروا قوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَأَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَالغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ ثُمَّ لاَتُنصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةًوَأَنْتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ} (الزمر: ٥٣-٥٥) {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِعَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِفَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ} (المائدة: ١١) - {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِيوَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} (المائدة:٧) {َاذْكُرُوا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ وَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُفْسِدِينَ} (الأعراف: ٨٦) {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌفَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً * إِذْ جَاءُوكُم مِّنفَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ القُلُوبُ الحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِالظُّنُونَا} (الأحزاب: ٩-١٠) {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِتَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْتَشْكُرُونَ} (الأنفال: ٢٦) {فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (الأعراف: ٦٩) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute