للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: أحمد جيتيكر


رثاء الأمير عبد الرحمن خان
كنا نتوقع من شعراء العربية المجيدين في مصر والشام المباراة في رثاء فقيد
الإسلام وأعظم أمرائه الذين عزّزه الله بهم في هذا الزمان الذي خربت فيه الممالك
الإسلامية بأيدي أمرائها، فإذا هم لا يزالون مشغولين بمدح من لا خير فيهم عملاً
بقاعدة أحسن الشعر أكذبه التي هدمها الإمام عبد القاهر الجرجاني (راجع المنار ج
٣١ م ٣) فاحتجنا إلى الاقتباس من شعراء بلاد الأعاجم، فقد قرأنا في جريدة
(أمير الأخبار) الهندية قصيدة لصديقنا العالم الأديب الشيخ أحمد جيتيكر يرثي فيها
الأمير عبد الرحمن ضياء الملة والدين رحمه الله تعالى، فنشرناها تنويهًا بذلك
الفضل العظيم وتنبيهًا لفضلاء الأدباء إلى قضاء هذا الحق لمستحقه، وهي:
ببرق شملة نعيٌ يشمل الجللا [١] ... فزلزل السهل في الأقطار والجبلا
أجَلْ أجَلَّ ملوك الأرض أروعهم ... وأرصف الناس أخلاقًا قضي الأجلا
رزء به انهد للإسلام واأسفى ... ركن ركين ونجم للعلا أفلا
يا ويلتاه ضياء الدين عاد عن الـ ... ـعيون مستترًا حتى بكت ثكلاً
ماذا نقول وإنا في سنين بها ... قحط الرجال فقدنا بغتة رجلا
قرمًا همامًا أريبًا حازمًا ندسًا ... سميذعًا ليس هيابًا ولا وكلا [٢]
مهذبًا شب في الأخطاب مقتحمًا ... مجربًا ذلَّل الأخطار مكتهلا
لله سيف أقام الملك قائمه ... فقام هندامه المعوَّج معتدلا
وفارس سَبَتْ الآسادَ هيبتُه ... وأنزل الوعل رُعبًا أينما عقلا
بالكافرستان دين الله ضاء به ... فراق أستانه والكفر عنه جلا [٣]
الألمعي الذي تُضحي لفطنته ... ما في النفوس من الأسرار مبتذلا
من لم يباه بملك قبل حضرته ... سرير (كابل) مسرورًا ومتكلا
أتى كغيث بها والأرض مجدبة ... حتى أراها خلاها بالثراء ملا
كلتا يديه من الآيات معجزة ... على العجائب كل منهما اشتملا
ففي يد سحب يحيي الأنام بها ... وفي يد شعل يطفي بها شعلا
من لم يزل لترقي القوم مجتهدًا ... حتى غدوا يتقنون العلم والعملا
أكرم بخيل له غُرٍّ يجر بها ... بحر الحديد يغطي موجه القللا
حامي حمى الهند كل الهند يشكره ... لا ينكر الفضل إلا ذو قلًى غفلا
لولا الأمير لأمسى الهند مزرعها الـ ... ـمخضل يرعاه خرس الروسيا هملا
إذن أتتها جنود ما لها قبل ... وكان خشية بلقيس لها مثلاً
عسى الإله يرينا في خليفته ... أسنى مثال فقيد أحسن البدلا
ومن يكن كحبيب الله وارثه ... يرى الممات شبابًا رُد مقتبلا
فتى توارث مجدًا عن أبيه وعن ... جد وكل علا كالبدر مكتملا
أشبال ليث الشرى! إنا نعيذكم ... بقل وقل ثم قل من عين من فشلا
حتى نراكم كنفس وهي واحدة ... فباتحادكم نستكثر الأملا
ثم لتكن غاية الإصلاح همتكم ... لم يكسب الحمد من لم يصلح الخطلا
مجد بجد وجد ظل مجتمعًا ... فلينتظر فرصًا وليغتنم دولا
يا رب وثِّق عرى الإسلام واحم بهم ... حماه من كل جان بدد الثُّللا
واغفر لعبدك يا رحمن زلته ... وارحمه والطف وأكرم روحه نزلا
أمن أديب وأرَّخ عام رحلته ... حان الأمير ضياء الدين واجللا