رسالةٌ جاءَتْنا من العالم الأديب بدائع نكار ميرزا فضل الله البيهقي مدرس العلوم الأدبية في مدرسة طهران السياسية. ورغب إلينا ميرزا محمد علي خان نجل صديقنا (رحمه الله) ذكاء الملك أن ننشرها في المنار , فنشرناها شاكرين للأديبين فضلهما , وهي: هو جدير أن يؤذن في المنار ... معارف عنونت في المنار [١] وكنا في محاق الجهل دهرًا ... بغرته سلخنا من سرار سأجعل شكر منشئها دثاري ... وأجعل مدحه أبدًا شعاري وما أنا في رفع خبري إلى حضرة مولاي - أدام الله بقاءه ابتداءً، ونصب وجوه أملي لشمول عواطفه رجاءً - قبل التعرف إليه ببعض المعارف، والتقرب إليه بطرائف اللطائف، إلا كطالب الإيناس قبل الإبساس، والماتح بلا أسباب وأمراس، ولكني أجلّ سيدي من أن يحتاج العبد إلى تقربه بالوسائل، ويمت إليه بذرائع القبائل، لأن داعي فضله على المنار جهارًا يدعونا إلى نار قِراه ليلاً ونهارًا، فلا أُلاَمُ على ذلك الإقدام إنْ لَبَّيْت دعوته، وصليت قبلته، وأتيت ناره، ويممت داره، قيل بممبج مأواه ونائله ... في الشرق يسأل عمن نيله سيلا على أني من آل داود، ومن عاملي الشكر معدود، وكيف لا أشكر من مولاي نِعَمَه التي أَحْيَتِ القلوبَ، وأماتت العيوب، وحسّن منا الأخلاق، وعلّق علينا الأعلاق، فجزاه الله عن المسلمين خيرَ الجزاء، ورداه عنهم برد الثناء. * ولو سكتوا أثنت عليه الحقائب * ... قد وقفت على خاتمة الجزء الثانيَ عَشَرَ مِن المنار في مدرسة السياسة من طهران، بعدما وقفت على فاتحة المجلّة في خُرَاسان. تنورتها من أرض طوس وأهلها ... بيثرب أدنى دارها نظر عالي وقفت على تأبين الفقيد الفريد ذكاء الملك - أطاب الله ثراه - فأخذني مِن الأسف ما جرّ بي إلى التَّلَفِ. فقدنا ذكاء الملك لا بل سماءه ... وما حال ملك زال عنه ذكاؤه فقدناه لو أن يفتدي لفديته ... ولكن قضاء الله حتم مضاؤه مضى رحمه الله وأصمى على قلوبنا سهام الهموم، وأحمى على أكبادنا مكاوي الغموم، فلولا خلفاه الصالحان، وفرعاه الباسقان، وثمراه اليانعان، وقمراه الطالعان، لَمَا صبرنا على هذه الرّزِيّة، بل هلكنا من سطوات تلك البليّة، ولكن بحمد الله ومَنِّهِ. وفي الحي بالميت الذي غيب الثرى ... فلا الملك مغبون ولا الموت غابن فها أنا مع عُقْدَة لساني، وعُجْمَة بَيَانِي، وضِيق بَاعي، وقِلّة مَتَاعِي، ونُقْصان بِضَاعتي، وكَلاَلَة يَرَاعَتِي، أشكر مِن مَوْلاي - أدامَ اللهُ بقاه - تأبينه على فقيدنا ذكاء الملك طاب ثراه، وأسأل الله أن يديم ظلال عواطف مولاي على رءوس أهل الأدب، ويقيمه على تثقيف الأَوَد من العَجَم والعَرَب، وأن يجعلَ كِتابي هذا عنده مقبولاً، لا مردود عليَّ مبذولاً، وأنهي إلى تلك الحضرة العالية من أديبنا ذكاء الملك بن الذكاء أزكى وأوفى الثناء، أختتم كتابي معتذرًا بذلك الخطاب. لا تنكرن وإن اهتديت نحوك من ... علومك الغر وآدابك التقا فقبّم الباغ قد يهدي لمالكه ... برسم خدمته من باغه التحفا
العبد فضل الله بن داود البيهقي المدعو ببدائع نكار للسُّدَّةِ السَّنِيَّة العَلِيّة والعتبة البهية الرضوية على راقدها آلاف الثناء والتحية.