نعت البرقيات العمومية في الأسبوع الماضي الأمير عبد الرحمن صاحب أفغانستان أعقل أمراء المسلمين في هذه العصور الأخيرة وأبصرهم بالسياسة، بل أعقل أمراء الشرق وملوكه، وأعلاهم حكمة، وأشدهم حزمًا، وأبعدهم رأيًا، ولا أستثني ميكادو اليابان الذي ضربت أمته مع الأوربيين بكل سهم، وطاولت دولته دول الغرب في كل أمر؛ فإن أمير الأفغان الذي حفظ استقلال بلاده وهي على ما نعلم من مشكلاتها الداخلية والخارجية، لا يقاس به ملك كالميكاد يرتقي عند رعيته إلى مرتبة الألوهية، ويُخضع له الخضوع الأعمى، وليس مطموعًا في بلاده من أقوى دول الأرض كدولتي روسيا وإنكلترا الطامعتين في الأفغان، وقد نوهنا بفضل هذا الأمير في أجزاء من المنار وسَنُلمّ بشيء من تاريخه في جزء آخر، وقد انتقلت الإمارة لنجله الأمير حبيب الله خان الذي نرجو أن يكون استفاد من تربية والده ودهائه ما يجعله خير خلف له، كما نرجو من إخوته وسائر أمراء الأفغان ورؤساء قبائلهم أن يكونوا له كما كانوا لأبيه؛ فإن التفرق آلة الدمار، وعامل الخسار، ونسأل الله تعالى أن يتغمد هذا الأمير برحمته ويعفو عن زلاته الاستبدادية التي كانت نتيجتها خيرًا للرعية.