وعَدْنا في الجزء الماضي بكتابة نموذج من تعازي سائر البلاد والأقطار وإنجازًا للوعد ننشر ما يلي: (١٢) وكتب إلينا علم العلم والفضل في العراق العربي العلامة السيد محمود شكري أفندي الآلوسي الحسني. بسم الله الرحمن الرحيم إلى حضرة الإمام الهمام، وقدوة العلماء الأعلام، سيدي السيد محمد رشيد رضا، ألهمه الله الصبر والرضا على ما قدر وقضى، أما بعد فقد طَرَقَ سمْعي، ما أجرى دمعي، من الخبر الذي نشرته صحف بلاد الشام، وكدرت به قلوب الإسلام، من نعي الصنو الكريم، والأخ البر الرحيم، سمي جده الإمام الحسين، ووارثه في الفوز بالشهادتين، ووالله لقد تجددت عليّ مصيبة ابن العم فابتليت بمصيبتين وفي كل يوم للمنايا رزية ... تكاد لها الأكباد أن تتفطرا تهيّج أحزانًا وتبعث زفرة ... وترسل في فقد الأحبة منذرا تكدر إخوان الصفا في انبعاثها ... وأي صفاء لامرئ ما تكدرا
فأسفا على شبابه، ولهفًا على فضائله وآدابه، ولعن الله قاتله وضاعف عليه مزيد عذابه، ولعمري إنها لمصيبة تتفتت لها القلوب، وتتصدع منها الصخور وتذوب، -ألهمك الله الصبر الجميل، وضاعف لك الأجر الجزيل، وصرف عنك فوادح الضراء، ووقاك محذور الأرزاء، ووفقك فيما أصابك لعزائم العزاء-، وأحق كلمة يقولها المحزون: (إنا لله وإنا إليه راجعون) ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ... ... ... ... ... ... بغداد في ٢٠ صفر سنة ١٣٣٠ ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... العبد ... ... ... ... ... ... ... ... ... السيد محمود شكري (١٣) وكتب الفاضل المخلص والعامل في سبيل الإصلاح السيد عوض سعيدان الحمد لله مولاي الأستاذ الرشيد أدام الله وجوده سلام الله عليكم أهل البيت قرأت بالجرائد نعي أخينا السيد حسين وصفي شقيقكم الفاضل فأظلمت الدنيا في عين محبكم هذا. وقد حصل لنعيه رنة أسف بين أدباء هذه البلاد وستقام صلاة الغائب عليه بكها (يوم الجمعة) بالجامع الكبير وقد عُرف السيد هذا بعلو الهمة والغيرة الوطنية التي تجلت فيه عند بزوغ شمس الدستور بالبلاد العثمانية وإن مثل الفقيد إذا ظهر بذاك المظهر فهو أليق الناس به إذ هو من صميم السادات الأشراف الذين لهم على الناس الإشراف، فهم صنائع ربهم، والناس بعدُ صنائع لهم. فأحسن الله عزاكم وعظم أجركم وأخلفه علينا وعليكم بخلف صالح. وقد وصلتني كتب أعظم تعزية من بعض الإخوان وأحدهم يقول: إن المسلمين بهذه الأطراف يكابدون من أنواع الهموم ما الله عالم به وزادهم نعي ثقة الإسلام بفاس وذبول غصن الأدب بالشام. (يعني الفقيد) فإنا لله وإنا إليه راجعون. رحمه الله وغفر له آمين. ... ... ... ... ... ... ... سنغافورة ١٩ سفر سنة ١٣٣٠ ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... محب الفقيد ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... عوض سعيدان (١٤) وكتب العالم العامل السيد عبد الله بن محمد بن صالح الزواوي مدرس التفسير في الحرم المكي الشريف الحمد لله وحده. حضرة محترم المقام الفاضل الأمجد الأستاذ العلامة السيد محمد رشيد رضا أفندي حفظه الله. بعد إهداء جزيل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومغفرته ومرضاته موجبة. بعد السؤال عن عزيز الخاطر العاطر إعلامكم بتكدر خاطرنا مما رأيناه في جريدة الحضارة بوفاة من قدس الله روحه إلى الجنة أخيكم المرحوم المغفور له السيد حسين وصفي رحمه الله رحمة الأبرار، وأسكنه جنات تجري من تحتها الأنهار، ولقد ساءني جدًّا هذا النبأ الفاجع عظم الله أجركم وأحسن عزاكم وطرح البركة في عمركم وعملكم وفي عمر إخوانكم وتكونون خير خلف لخير سلف. ثم إنني واجهت محب الطرفين الشيخ محمد حسين أفندي نصيف وزاد كدري ما أخبرني به من أنه رأى في جريدة طرابلس أنه كان وفاة الفقيد المرحوم العزيز بيد أثيمة كافأها الله سبحانه بعدله بما تستحقه، وأنال الفقيد المرحوم بها السعادة وفاز بها، فلقد كان في حياته مجاهدًا أعز جهاد وعضدًا لفضيلتكم في جهادكم الذي أرجو من الله سبحانه وتعالى لكم به زيادة الأجر وحصول النتاج الظاهري الذي ترونه وتقر به عينكم مع طول عمركم وحصول البركة في أعمالكم وتنالوا بذلك سعادة الدارين ويحصل لكل محبيكم كل ما أمّلوه من النتائج الحسنة، ثم إني أرجو إبلاغ جزيل سلامي مع سنة العزاء إخوانكم الكرام وكل من تحبون وأن لا تروا علي في عدم المكاتبة فإنكم لا تزالون في خاطري على الدوام وقائم بوظيفة الدعاء لكم تجاه بيت الله الحرام ولما ذكر حرر والسلام. ... ... ... ... ... من مكة المشرفة ١٥ ص سنة ١٣٣٠ ... ... ... ... ... ... ... عبد الله محمد صالح الزواوي (١٥) وكتب العالم المحقق والدراكة المدقق السيد هبة الدين الشهرستاني الحسيني صاحب مجلة (العلم) بالنجف. ننشر من كتابه ما يأتي قال: بتاريخ ٢٤ شهر صفر ١٣٣٠ هـ. {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} (البقرة: ١٥٦-١٥٧) إلخ. قرآن عظيم. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... حضرة العلامة الكامل أستاذ الأفاضل دام ظله وكثر مثله بعد إهداء أسنى سلام وأزكى تحية، إلى تلك الحضرة القدسية، أدامها رب البرية، وبث الأشواق الخالصة القلبية، ولا يذهب عن فطنتكم ما أصابنا لما أصابكم فأحزن القلب وأجرى الدمع ومن مصيبة ما أعظمها ورزية ما أكبرها وأمضّها وقد أثارت في صدورنا الأحزان بها الشرار، وأسدلت الهموم على قلوبنا منها الأستار. منذ أبلغتنا الصحف نعي سعادة الأخ الفاضل قطب رحى الفضايل وأنه مضى شهيدًا بعدما عاش سعيدًا ولا غروَ فإنه من أهل بيت أصبح القتل لهم عادة، وكرامتهم من الله الفوز بالشهادة، وقد أخذ الحزن منا مأخذه، وأسفنا عليه أسفًا فايق الوصف لولا سلوتنا بمثل سيادتك، ملاذًا للأمة، ومعاذًا من كل غمة، ومقدًا آمال الباقين، وجمالاً للإسلام وثمالاً للمسلمين، وقد بلغني هذا النبأ الموحش، وإنا إذ ذاك في كاظمية بغداد مهاجرًا إليها مع علماء النجف فذكرت لهم ذلك النبأ المفجع ليشتركوا معي في الحزن فعمنا الأسف جميعًا والتفجع على فقيد العلم والدين والأدب إلخ. (١٦) وكتب العالم المستشرق الفرنسي موسيو لويز ماسنيون وهو من أصدقاء الفقيد الخُلَّص ننشر كتابه كما ورد وهو: إلى حضرة الشيخ الأفضل، شقيق صديقنا المرحوم وصاحب القلم الصدوق السيد رشيد رضا الأفخم سلمه الله تعالى. أما بعد السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته فقد وجعنا كثيرًا خبر وفاة شقيقكم المرحوم: السيد حسين وصفي رضا؛ لأن له في قلوب أصحابه مقامًا خاصًّا من الخواص وكان في رجائي أن ألتقي معه لو شاء الله عن قريب لتتجدد بالمخاطبات صداقتنا، كان فتى كامل الفتوة من أشرف الناس همة ومنصبًا، ولما كنا بلطف الرب عز وجل نجتمع معه في مصر كنا نفهم أنه فوقنا رتبة عند الله تعالى لشجاعته واجتهاده وصفاء نيته رحمه الله تعالى رحمةً واسعةً. زكي النفس أزكى الحياة مثله مثل الذين (كانت مطاياهم من مكمد الكظم) مضوا ولا عين ولا أثر وراءهم إلا الألم يبقى في قلوبنا تحت توكل عقولنا للخالق مثل خمود نار الغبوق تحت الرماد في الليلة بين الأثافي مثل الموت مثل الغروب وما أنسى ما قال أبو بكر الشبلي البغدادي في المعنى: (إنما تصفرُّ الشمس عند الغروب؛ لأنها عزلت عن مكان التمام فاصفرت لخوف المقام وهكذا المؤمن إذا قارب خروجه من الدنيا اصفر لونه فإنه يخاف المقام، وإذا طلعت الشمس طلعت مضيئة منيرة كذلك المؤمن إذا خرج من قبره خرج ووجهه مشرق مضيء) . هذا ولكم منا السلام وكل احترام لكم ولآلكم ولمن يعز عليكم ودمتم سالمين مجتهدين مع (مناركم) المنير. الفقير إليه سبحانه عبده لويز ماسنيون في باريز يوم السبت ١٠ شباط سنة ١٩١٢ ٢١ صفر سنة ١٣٣٠. (للتعازي بقية) ((يتبع بمقال تالٍ))