ألا يا بشير السعد كرر لنا البشرى ... ويا أيها الأقوام حسبكم بشرا فقد أنجز (الإقبال) ربي وعده ... وجاد على مصر بما أثلج الصدرا هلال تيقنا بحسن نموه ... بأن سنراه في سما قطرها بدرا أحب بنوها أن يدوم أميرهم ... بأبنائه طول المدى لهم ذخرا مرام توقعناه قبل وقوعه ... فكان وحققنا العيافة والزجرا فقم أيها العباس لله شاكرًا ... وإن كنت لا تحصي على فضله الشكرا وقل للذي أنجبت قم وارق للعلى ... معي فهو واعٍ يعقل النهي والأمرا وعش يا ولي العهد بالله واثقًا ... بمنّة تاريخ نغيث بها مصرا سنة ... ... ١٣١٦ ... ... ... ... ... ... ١٨٩٩ طالما ترقبت الآمال بزوغ بدر الكمال من فلك الإقبال، وتشوفت نفوس الناس لتحقق الأماني بولي عهد العباس، إذ قد سبق لسموه ثلاث ودائع، كانت شموسًا طوالع، شموس خدور مقصورات في الخيام، لا شموس سياسة وأحكام، ثم نادى بشير السعد يقول: قد أنجز الزمان الوعد بولادة ولي العهد (في الساعة الثامنة العربية والثانية الأفقية من ليلة الإثنين ٩ شوال سنة ١٣١٦ هـ و ٢٠ فبراير سنة ١٨٩٩ م) . وبلغت نظارة الداخلية الخبر رسميًّا، فطيرته مع البرق إلى جميع أنحاء القطر، وأطلق من كل موقع عسكري مائة مدفع ومدفع، احتفالاً بالمولود الميمون، وبلغ الجناب العالي ذلك لمولاه الأعظم سيدنا أمير المؤمنين في دار السعادة العلية. أما ما كان من ابتهاج المصريين واحتفالاتهم من جميع أنحاء القطر بهذا المولود الميمون فحدث عنه ولا حرج، فلقد كان لهم في شهر شوال عيدان: عيد الفطر الأصغر، وعيد ولي العهد الأكبر، الذي سيبقى مستمرًّا إلى ما شاء الله تعالى. ولو أردنا أن نصف الزينة التي تقيمها دولة والدة الجناب العالي في قصر عابدين وميدانه أو الزينات التي تقوم بها اللجان المؤلفة من كبراء المصريين أو أفرادهم - لضاقت ببعضها صحائف الجريدة، وقد عجز مكتب (عموم التلغرافات) في القاهرة كما عجزت جميع المكاتب في أنحاء القطر عن أداء رسائل التهاني إلى قصر المنتزه من جماهير المهنئين، وما قولك برسائل عجز البرق في سرعته عن أدائها وإيصالها؟ ما هو السبب في كل هذه البهجة والحبور، والحفاوة والاحتفال بصورة لم يعهد لها نظير؟ السبب في ذلك هو الحب الصادق لشخص سمو العزيز عباس حلمي باشا، فلقد صدقنا فيما كتبناه في عدد سابق من أن قلوب المصريين لم تجمع على حب عزيز بعد يوسف الصديق، كإجماعها على حب العباس بن توفيق، ومن صدق في حب شيء أحب بقاءه، وبقاء الإنسان لا يكون إلا بأبنائه الذين يعد وجودهم نسخة من وجوده، ويحفظ بهم اسمه ونسبه، فنسأل الكريم المنان الذي أفاض هذا الإنعام والإحسان، أن يحفظه بعين عنايته، ويحرسه في ظل سمو والده ورعايته، وأن يبلغ هذا القطر في أيامهما مراده، ويسبغ عليه حلل السعادة، وأن يجعل هذه السلسلة بهما متصلة الحلاق إلى آخر الزمان ونهاية الدوران، إن ربي سميع الدعاء. *** جاء في مصباح الشرق المنير: أن مرتب ولي العهد في الشهر ثلاثة عشر ألفًا وثلاثمائة جنيه، وكانت تستولي عليه دولة والدته المعظمة قبل ولادته.