للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


تفسير المنار

تقريظ للأستاذ الفاضل الشيخ محمد أحمد العدوي من علماء الأزهر
تفسير المنار فيما أعلم هو أمثل تفسير يتناسب مع روح العصر الحاضر:
يتجلى فيه للقارئ عظمة التشريع الإسلامي بأسلوب جذاب، يفيض على قارئه
هداية، ويبعث فيه روح الحياة العملية، ويعده لأن يكون عالمًا دينيًّا، وباحثًا
اجتماعيًّا، وأستاذًا أخلاقيًّا، يريه أسباب تفرق الأئمة، ثم يعرفه كيف يجتمع شملها،
ويبين له ما أدخله أعداء الدين عليه من البدع والمحدثات، ثم يرسم له طريق
تطهيره منها.
زد على ذلك ما يصدر به الآية من عقد صلة بينها وبين ما سبقها من الآيات،
وبحث مستفيض في بيان لغة الآية واشتقاق كلماتها، ناقلاً له عن مصادر اللغة
الموثوق بها.
إذا تكلم على آية من آي الأحكام استوفى ما يتعلق بها من أصول، وما يرتبط
بها من آيات وآثار، ويوفق بينها وبين ما عساه أن يتعارض معها من أدلة، ثم
يتكلم على مآخذ الفقهاء بقلم ممتع، ويتخلص منها بما يتفق والآيات الواردة في
موضوعها وترضاه السنة الصحيحة، ويتناسب مع سوقها العربي.
وإذا تعرض لآية من آيات الاجتماع وجدته أعجب وأغرب، تراه قد بنى
فلسفته على سنة الله في الكون، ونواميسه في الخليقة، ونظامه في الأمم والشعوب،
فيصدقه في نظرياته، ويسلمه من العطب في منطقه شأن كل كاتب يعول على
أساس صحيح وحجة ناهضة.
وإذا مرت به آية من آيات الأصول والعقائد بينها على وجه يؤيده سلف الأمة
الصالح، والدليل الراجح، وتشهد له القرون الأولى، ووقف عند ما رسمه الله له،
فلا يخوض في أمور غيبية إلا بإذن من الله تعالى، ويرى في ذلك السلامة للدين،
والبعد عن مواطن الشبه.
وإذا تكلم في تاريخ الرسل والأنبياء صلوات الله عليهم، وما كان من قومهم
معهم أبان للقارئ أن سنة الله تعالى مع كل من عصاه أن يصب عليه سوط غضبه،
ويحل به عاقبة انتقامه، وسنة من أطاع ربه ونصر داعيه أن يستخلفه في أرضه،
ويبدل ضعفه قوة، وذله عزًّا.
وإذا كتب في آية من آيات الأخلاق ترى منه الوجدان الصادق والناقد البصير،
يرغب في الفضيلة، وينفر من الرذيلة، يوازن بين الخُلق الإسلامي والخُلق
العصري (الغربي) بما لا يدع للشك مجالاً، وللريبة موضعًا، ويُرِي القارئ أن
الخُلق الصحيح إنما هو الخُلق الإسلامي الذي أتى به القرآن الكريم، وبينه الرسول
الصادق صلى الله عليه وسلم. ولعل القارئ لو قرأ كما قرأت، لوجد من مزاياه
أكثر مما وجدت.
وحسبه إنه على طريقة شيخه الأستاذ الإمام في التفسير الذي كان يلقيه على
تلاميذه بالأزهر، جزاه الله وجزى تلميذه عن الدين خير الجزاء.