نحن العثمانيين المفتخرين بالخدمة تحت حماية وعاطفة إمارتكم السنية، نفتخر بتقديم إحساساتنا وتشكراتنا القلبية لسدتكم الملوكية. طرابلس الغرب تلك البلاد الوحيدة في أفريقية التي حافظت إلى الآن على استقلالها وحريتها الإسلامية، قد صارت هدفًا لعدوان وحشي من قبل إيطاليا خلافًا لجميع القوانين الدولية، وخلافًا للقواعد البشرية والآداب الإنسانية. مجالس الصلح، جمعيات الأمن العام، جميع الدول المعظمة التي لا تفتر في كل فرصة سنحت عن بيان أنها هي المكلفة بنشر المدنية في مشارق الأرض ومغاربها، كلما غضت النظر عن هذا التجاوز الوحشي، ولم تشأ أن تنبس ببنت شفة، لكن ضربة غدر واعتساف نزلت على فئة إسلامية في هذا القرن العشرين قرن العلم والتمدن، ضعضعت أركان جميع المسلمين القاطنين في جميع أقطار الدنيا وجرحت أفئدتهم. وجرائد العالم أجمع - ما عدا الجرائد التي باعت ضميرها بثمن بخس - مجمعة على تقبيح حركات إيطالية الجنائية، وإنا نعرض بكمال الصدق أن هذا الفعل العظيم الملوكي الذي أتيتم به، قد أحيا آمال جميع العثمانيين الذين يشعرون بالاحترام والمودة لإخوانهم الأفغانيين من أمد بعيد، ويسر جميع المسلمين في أنحاء الأرض؛ المتألمين من هذا العدوان الفجائي الدنيء على إخوان دينهم. الحق نقول: إن كل كلمة من خطابكم الملوكي ستبقى منقوشة في أذهان جميع المسلمين أبد الآبدين، وسيخلد للإسلام شرفًا ومجدًا لا يمحوه تعاقب الأيام والسنين اهـ. * * * ثم بعد ذلك، قام أخوه الأكبر نائب السلطنة السردار نصر الله خان - حفظه الله - وفاه بخطاب ارتجالي بليغ، يشكر فيه حضرة الأمير الخطير على إرشاده الأمة الأفغانية لهذا الصراط السوي، ويدعو الجميع لتلبيته. ألقى خطابه بصوت متهدج مؤثر، فما بقي في المجلس إلا وأسبل الدموع الغزار. ثم استقبل الأمير المعظم القبلة ودعا الله أن ينصر المسلمين، وأمَّن الجميع على دعائه. ثم أمر حاشيته بتوزيع الرقاع والأقلام المعدة للاكتتاب، وكان من جملة الموزعين لهذه الرقاع نجلاه الفخيمان عينا الدولة، السردار أمان الله خان والسردار محمد كبير خان، فكان المجتمع في هذه الجلسة مئة ألف روبية أو أكثر، ثم صلى العصر وودع الجمع، وقال: إني ذاهب غدًا لجلال آباد أستودعكم الله، وأعدكم بجمع الخلق من الأطراف يوم عيد الأضحى وتشويقهم للاقتداء بكم. وأمر بإرسال دفاتر الاكتتاب إلي جميع أنحاء مملكته، فودعه الحاضرون وأعينهم تذرف بالدموع على فراق هذا الأمير الخطير الشأن، داعين بقاء ملكه وذاته، وانفض الجمع وكلهم ألسن تشكر. ... ... ... ... ... ... ... أفغانستان ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... في ٥ ذي الحجة سنة ١٢٣٩ ... ... ... ... ... ... (علي) (المنار) إننا نشكر لهذا الأمير العظيم عمله هذا بلساننا ولسان إخواننا أعضاء جمعية الهلال الأحمر المصرية، الذين يتشرف صاحب هذه المجلة بكونه منهم، ثم بلسان جميع المسلمين، فإنه نطق باسم الإسلام، وعمل بهدي الإسلام، أدام الله ملكه ما دامت الأيام.