للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


الجامع الأزهر الشريف
من جملة التنظيم الجديد في الأزهر الامتحان السنوي لمن شاءه من طلاب العلم
فيه، ويمتحن في العلوم والفنون التي يختار الطالب أن يمتحن فيها، وقد خَصص
مجلس إدارة الأزهر ستمائة جنيه لمكافأة النابغين في التحصيل سنويًّا. ويؤخذ من
الرقيم الذي رفع من فضيلة الأستاذ الأكبر شيخ الجامع إلى عطوفة رئيس مجلس
النظار أن الذين طلبوا الامتحان في العام الماضي كانوا نحو ستمائة وامتحنوا في
ثمانية عشر علمًا. وأما الذين طلبوا في هذا العام فكانوا ١٥٠٢ وامتحنوا في ثمانية
وعشرين علمًا، والذين نجحوا يعرفون بحساب النسبة المئوية مما يأتي:
الناجحون في علم التوحيد ١٨ في المائة، وفي علم التفسير ١٩ (نحذف لفظ
في المائة اختصارًا) والحديث ٦٦، والفقه ٥٠، والميراث ٧٨، والنحو ٤٧،
والصرف ٢٦، والمعاني ٧٥، والبيان والبديع، ٤٩، والمنطق ٤٣، ومصطلح
الحديث ٦٠، والحساب للسنة الأولى ٦٢، وللسنة الثانية ٨٠، وتقويم البلدان
(الجغرافية) للسنة الأولى ٦٥، والثانية ٨٥، والهندسة ٧٠، والميقات ٧٥،
والتاريخ ٨٥، والعَروض والقافية ٧٠، وعلم الإنشاء ٢٥، والخط ٧٧، والأخلاق
الدينية ٥٠، وآداب البحث ٧٥. وفي كل من علم الحكمة والوضع والاشتقاق نجح
جميع الذين امتحنوا، ولم ينجح في علمي الجبر والمقابلة والهيئة أحد ممن امتحنوا،
ولم يحضر للامتحان في علم أصول الفقه أحد ممن كان طلبه!
والذين طلبوا الامتحان في كل من التفسير والحديث ومصطلحه والميراث
والبديع والعروض والقافية والتاريخ والإنشاء والميقات كانوا فوق العشرين ودون
المائة - وفي كل من علم الأصول والحكمة وآداب البحث والوضع والاشتقاق،
والأخلاق الدينية والجبر والمقابلة والهيئة أقل من عشرة، والذين امتحنوا في كل علم
مما عدا هذه العلوم - لا سيما التوحيد والفقه والنحو والمنطق والبيان والحساب
والهندسة وتقويم البلدان - يعدون بالمئات.
أما أخذ المكافآت فهو بحسب درجات التحصيل التي تقدر ويعبر عنها (بالنمر)
وقد جعلت الدرجة الثانية عشرة (نمرة ١٢) علامة النجاح، وكل من انتهى إليها
في العام الماضي أخذ المكافأة التي أقلها جنيه واحد، وأكثرها ثلاثة.
وأما في هذا العام فقد خصصت المكافأة بالنابغين لقلتها وكثرة الطالبين،وجعلت
درجة النبوغ ١٦، فأصحاب الدرجة ١٢ إلى ١٥ عدوا ناجحين غير نابغين فلم
يستحقوا مكافأة، وأصحاب الدرجة ١٦ فما فوقها أخذوا المكافآت على هذه الطريقة
العادلة، وهي أنه جمعت درجات النبوغ في العلوم كلها وقسم عليها مبلغ المكافأة
بتمامه، فما أصاب الدرجة الواحدة جعل سهمًا لمكافأة النابغ في فن واحد بدرجة
واحدة، فمن بلغت درجاته في العلوم التي امتحن فيها مائة مثلاً نال مائة سهم،
وهكذا، وظاهر أن هذه الطريقة أعدل وأحكم من الطريقة الأولى؛ لأن كل طالب
يأخذ فيها على قدر استحقاقه.
هذا ملخص الرقيم، ويسرنا منه حسن النظام الذي يجري عليه مجلس إدارة
الأزهر الشريف، ونرجو أن يترقى به إلى أعلى درج النجاح الممكن، فإن النظام
روح السعادة في أعمال الإنسان وساءنا أن الذين امتحنوا في علم الأخلاق - وإن
شئت قلت: علم الدين - جمعهم جمع، قلة؛ بل علمنا أنهم أربعة أخذ الجائزة منهم
اثنان، وعسى أن يكون في الأزهر ممن لم يطلب الامتحان عدد كبير من المشتغلين
بهذا العلم؛ فإنه هو الأساس الذي يقوم عليه بناء السعادة الدنيوية والأخروية.