(الرد على كتاب الإسلام وأصول الحكم) قد علم قراء المنار من مجلد المنار السادس والعشرين نبأ جرأة الشيخ علي عبد الرازق الذي كان من علماء الأزهر وقضاة المحاكم الشرعية على نشر كتاب باسم (الإسلام وأصول الحكم) حاول فيه هدم شريعة الإسلام من أساسها والإباحة المطلقة للمسلمين بأن يختاروا لأنفسهم من الشرائع ونظم الحكم ما شاءوا من غير تقيد بنص كتاب إلهي ولا سنة نبوية، ولا هدي سلف، ولا اجتهاد إمام متبع بالأولى. وعلموا أننا أول من انتدب لتزييف هذا الكتاب وإبطال كفره وضلاله، وتحريض علماء الأزهر وغيرهم على الرد عليه ومؤاخذته، وأنهم قد فعلوا فقررت جمعية كبار العلماء اشتمال هذا الكتاب على ما ينافي الدين، ويرد المعلوم منه بالضرورة بإجماع المسلمين، وحكمت بمحو اسمه من علماء الأزهر ووجوب طرده من وظيفة القضاء الشرعي وعدم إسناد وظيفة أخرى في الحكومة إليه، وأن الحكومة نفذت هذا الحكم فعزلته من منصب القضاء الشرعي، وأنه زاد احترامه عند الزنادقة والمنافقين ولا سيما جمعية الدعوة إلى الإلحاد والزندقة، والإباحة المطلقة، وصارت جريدتهم السياسة تلقبه بالعلامة المحقق. ونذكر الآن أن بعض العلماء ألفوا كتبًا في الرد التفصيلي على ذلك الكتاب وقد أهدي إلينا منذ العام الماضي كتابان حافلان في ذلك (أولهما) سمي (بنقض الإسلام وأصول الحكم) من تصنيف الشيخ محمد الخضر حسين أحد مدرسي جامع الزيتونة وقضاة المحاكم الشرعية في وطنه تونس قبل هجرته منه - وقد نال أخيرًا شهادة العالمية الرسمية من الجامع الأزهر بعد الامتحان الرسمي فيه - (وثانيهما) سمي (حقيقة الإسلام أصول الحكم) وهو من تصنيف الشيخ محمد بخيت المطيعي أحد كبار علماء الأزهر الحاضرة وأشهر المدرسين فيه، وقد كان تقلب في القضاء الشرعي ورياسة المحاكم حتى كان أشهر أعضاء المحكمة الشريعة العليا في مصر ثم أسند إليه منصب مفتي الديار المصرية. فهذان المصنفان في الرد على كتيب الشيخ علي عبد الرزاق يفوقانه فيما نال من شهادة أزهرية، وقضاء شرعي في محكمة ابتدائية، ولا يلحق غبار واحد منهما في العلوم الشرعية، إذ انصرف كل همه إلى الكتابة الأدبية، وتقاليد أعداء الإسلام من الشعوب الإفرنجية، وهذا تعريف وجيز بالكتابين. *** (نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم) بلغت صفحات هذا الكتاب ٢٤٥ صفحة كصفحات المنار، وقد رتبه ترتيب الأصل المردود عليه كتابًا كتابًا، وبابًا بابًا، وقال في مقدمته: (وطريقتنا في النقد أن نضع في صدر كل باب ملخص ما تناوله المؤلف من أمهات المباحث ثم نعود إلى ما نراه مستحقًّا للمناقشة من دعوى أو شبهة فنحكي ألفاظه بعينها، ونتبعها بما يزيح لبسها أو يحل لغزها، أو يجتثها من منبتها. وتخيرنا هذا الأسلوب لتكون هذه الصحف قائمة بنفسها، ويسهل على القارئ تحقيق البحث وفهم ما تدور عليه المناقشة، ولو لم تكن بين يديه نسخة من هذا الكتاب الموضوع على بساط النقد والمناظرة. وقد طبع الكتاب في العام الماضي بالمطبعة السلفية طبعًا حسنًا وأهداه مؤلفه إلى خزانة جلالة ملك مصر المعظم، وثمن النسخة منه ١٠ قروش ما عدا أجرة البريد، وهو يطلب من مكتبة المنار بمصر. *** (حقيقة الإسلام وأصول الحكم) بلغت صفحات هذا الكتاب ٤٤٧ صفحة بقطع المنار، وحروفه فهو مرتب ترتيب ما سبقه، ولكنه لم يكتف بتفنيد مزاعم الشيخ علي عبد الرازق، وإبطال دعاويه بكونها دعاوى لا تقوم عليها بينة على كونها كما قال سلبية، بل استطرد إلى إيراد الشواهد على إثبات ما ادعى نفيه من نظم الحكومة الإسلامية بالنقول من الكتب المعروفة، وأهمها مبحث بيان النبي - صلى الله عليه وسلم - لنظام القضاء وما يتوقف عليه، وقد عقد لذلك سبعة أبواب (الأول في الوظائف والأعمال البلدية) وفيه ٢٣ فصلاً، أدخل فيها الوظائف الدينية كإمامة الصلاة (الثاني في العمالات المتعلقة بالأحكام) ، وفيه ستة فصول (الثالث في العمالات الجهادية، وما يتشعب منها) ، وفيها ١١ فصلاً (الرابع في العمالات الجبائية) وفيه ثلاثة فصول ... إلخ وقد طبع الكتاب في المطبعة السلفية أيضًا طبعًا حسنًا، وثمن النسخة منه ١٥ قرشًا، ويطلب من مكتبة المنار بمصر. *** (القول الوثيق في الرد على أدعياء الطريق) يستدل بعض العوام على مشروعية البدع الفاشية فيهم عامة وفي المنتسبين إلى طرائق المتصوفة خاصة بسكوت علماء الشرع عن الإنكار عليها وحضور بعضهم أقبح احتفالاتها كالموالد وزيارتهم معهم للقبور المشرفة التي بنيت عليها المساجد وتضاء عليها السرج والشموع كل ليلة ولا سيما ليالي الموالد، وهذا الاستدلال باطل وغير صحيح على إطلاقه. أما بطلانه فلأن سكوت هؤلاء العلماء ليس بحجة شرعية وكذا أعمالهم ومن سكت منهم عن المنكر وأقره وهو قادر على إنكاره، أو شارك أهله فيه لمنفعة له منه كالذين يعطون نصيباً مما ينذر لأصحاب القبور أو من أهله فهؤلاء ممن قال الله فيهم: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ} (الجاثية: ٢٣) وأما كونه غير صحيح فلأن كثيرًا من العلماء ينهون عن البدع، والمنكرات في كل زمان، وكل قطر إسلامي وهذه كتبهم مودعة في الخزائن، وقد طبع بعضها في هذا العصر ككثير من كتب شيخي الإسلام ابن تيمية وابن القيم، وكتاب تلبيس إبليس للحافظ ابن الجوزي، وكتاب الاعتصام للإمام الشاطبي، وكتاب المدخل للفقيه ابن الحاج، وكتاب الطريقة المحمدية للبركوي، وكتب المجدد الشيخ محمد عبد الوهاب، وأولاده وأحفاده وتلاميذه من علماء نجد وبعض رسائل القاضي الشوكاني وغيره من علماء اليمن وكتبهم - وأما علماء هذا العصر فلهم رسائل ومقالات كثيرة في ذلك منها مقالات الأستاذ الإمام وبعض رسائله، وهذه مجلدات المنار ولله الفضل والمنة. وبين يدينا الآن رسالة مطبوعة في إنكار الفاشي من بدع أهل الطرق في مصر هي جواب سؤال للشيخ محمد حسنين العدوي من كبار علماء الأزهر في هذا العصر، وكان وكيلاً للأزهر ومديرًا للمعاهد الدينية وسماها (القول الوثيق في الرد على أدعياء الطريق) ، وقد رأينا أن ننشر نص السؤال وبعض نص الجواب تأييداً لخطة المنار، ولأن فيه بدعًا لم يسبق لنا الإنكار عليها، وتجد ذلك في باب المقالات (ص ٤٦٩) . *** (جريدة الصراط المستقيم) وقد أتمت هذه الجريدة الإسلامية الوطنية الفلسطينية السنة الأولى بجد وثبات من مؤسسها ومحررها الأستاذ الفاضل الشيخ عبد الله القلقيلي الأزهري فقد نوهض واعتدي عليه وأحرقت مطبعة جريدته؛ فصبر صبرًا يبشر بنجاحه في عمله فقد قال بعض حكماء الصوفية: من لم تكن له بداية محرقة، لا تكون له نهاية مشرقة، وإنا ليسرنا نجاحه لأنه على مشربنا في الإصلاح، لا جامدًا كجمهور الأزهريين، كما يسوؤنا أن يكون خصماً للمجلس الإسلامي الفلسطيني فإنه شديد الانتقاد عليه قد لا يخلو عدد من أعداد الجريدة من ذلك، ولا ننكر عليه أنه ينتقد ما يراه منتقدًا، ولا نتهمه بأنه كالخصوم السياسيين الذين يجعلون حق خصومهم باطلاً، وباطلهم حقًّا في كل شيء، ولكننا نذكره بأن يحاسب نفسه على النظر بعين السخط إلى هذا المجلس وبعين الرضا إلى خصومه وكل من العينين خادعة لصاحبها، ونحب له أن يتحرى إقامة ميزان القسط في الفريقين، ويجعل جريدته للمصلحة العامة لا لحزب دون حزب، فإن كان عند نفسه على هذا الرأي، فلا يثقلن عليه أن يذكره أحد شيوخ الصحافة الإصلاحية بالتحري ومحاسبة النفس والاستعانة على ذلك بمطالعة كتاب النية والصدق والإخلاص من جزء الإحياء الرابع.