للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


قرار المؤتمر السوري العام

وَعَدنا في مقال (المسألة السورية والأحزاب) بأن ننشر نص قرار المؤتمر
السوري الذي قدمه للجنة الاستفتاء الدولية، وهذا هو النص العربي الأصلي الذي
قدمت ترجمته بالإنكليزية:
(إننا نحن الموقعون أدناه بإمضاءاتنا وأسمائنا أعضاء المؤتمر السوري
العام المنعقد في دمشق الشام , والمؤلف من مندوبي جميع المناطق الثلاث: الجنوبية
والشرقية والغربية، الحائزين على اعتمادات سكان مقاطعاتنا وتفويضاتهم من
مسلمين ومسيحيين وموسويين، وقد قررنا في جلستنا المنعقدة في نهار الأربعاء
المصادف لتاريخ ٢ تموز (يوليو) سنة ١٩١٩ وضع هذه اللائحة المبينة لرغبات
سكان البلاد الذين انتدبونا، ورفعها إلى الوفد الأميركي المحترم من اللجنة الدولية.
(أولاً) : إننا نطلب الاستقلال التام الناجز للبلاد السورية التي يحدها شمالاً
جبال طوروس , وجنوبًا رفح , فالخط المار من جنوب الجوف إلى جنوب العقبة
الشامية والعقبة الحجازية , وشرقًا نهر الفرات فالخابور , والخط الممتد شرقي
أبي كمال إلى شرقي الجوف، وغربًا البحر المتوسط - بدون حماية ولا وصاية.
(ثانيًا) : إننا نطلب أن تكون حكومة هذه البلاد السورية ملكيةً مدنيةً نيابيةً
تدار مقاطعاتها على طريقة اللامركزية الواسعة، وتحفظ فيها حقوق الأقليات على
أن يكون مَلِك هذه البلاد الأمير فيصل الذي جاهد في سبيل تحرير هذه الأمة جهادًا
استحق به أن نضع تمام الثقة بشخصه، وأن نجاهر بالاعتماد على سموه.
(ثالثًا) : حيث إن الشعب العربي الساكن في البلاد السورية هو شعب لا
يقل رقيًّا من حيث الفطرة عن سائر الشعوب الراقية، وليس هو في حالة أحط من
حالات شعوب البلغار والصرب واليونان ورومانيا في مبدأ استقلالها - فإننا
نحتج على المادة الثانية والعشرين الواردة في عهد جمعية الأمم، القاضية بإدخال
بلادنا في عداد الأمم المتوسطة التي تحتاج إلى دولة منتدبة.
(رابعًا) : إذا لم يقبل مؤتمر الصلح هذا الاحتجاج العادل لاعتبارات لا نعلم
كنهها، فإننا بعدما أعلن الرئيس ولسن أن القصد من دخوله في الحرب هو القضاء
على فكرة الفتح والاستعمار - نعتبر مسألة الانتداب الواردة في عهد جمعية الأمم
عبارةً عن مساعدة فنية واقتصادية، لا تمس باستقلالنا السياسي التام، وحيث إننا
لا نريد أن تقع بلادنا في أخطار الاستعمار، وحيث إننا نعتقد أن الشعب الأمريكي
هو أبعد الشعوب عن فكرة الاستعمار، وأنه ليس له مطامع سياسية في بلادنا، فإننا
نطلب هذه المساعدة الفنية والاقتصادية من الولايات المتحدة الأميركية على أن لا
تمس هذه المساعدة باستقلال البلاد السياسي التام، وعلى أن لا يزيد أمد هذه المساعدة
عن عشرين عامًا.
(خامسًا) : إذا لم تتمكن الولايات المتحدة من قبول طلبنا هذه المساعدة منها،
فإننا نطلب أن تكون هذه المساعدة من دولة بريطانيا العظمى على أن لا تمس
باستقلال بلادنا السياسي التام ووحدتها، وعلى أن لا يزيد أمدها عن المدة
المذكورة في المادة الرابعة.
(سادسًا) : إننا لا نعترف بأي حق تدعيه الدولة الإفرنسية في أي بقعة
كانت من بلادنا السورية، ونرفض أن يكون لها مساعدة أو يد في بلادنا بأي حال
من الأحوال.
(سابعًا) : إننا نرفض مطالب الصهيونيين بجعل القسم الجنوبي من البلاد
السورية - أي فلسطين - وطنًا قوميًّا للإسرائيليين، ونرفض هجرتهم إلى أي قسم
من بلادنا؛ لأنه ليس لهم فيها أدنى حق، ولأنهم خطر شديد جدًّا على شعبنا من
حيث الاقتصاديات والقومية والكيان السياسي، أما سكان البلاد الأصليون من
إخواننا الموسويين، فلهم ما لنا وعليهم ما علينا.
(ثامنًا) : إننا نطلب عدم فصل القسم الجنوبي من سورية المعروف
بفلسطين، والمنطقة الغربية الساحلية التي من جملتها لبنان عن القطر السوري،
ونطلب بأن تكون وحدة البلاد مصونةً لا تقبل التجزئة بأي حال كان.
(تاسعًا) : إننا نطلب الاستقلال التام للقطر العراقي المحرر، ونطلب عدم
إيجاد حواجز اقتصادية بين القطرين.
(عاشرًا) : إن القاعدة الأساسية من قواعد الرئيس ولسن التي تقضي بلغو
المعاهدات السرية، تجعلنا نحتج أشد الاحتجاج على كل معاهدة تقضي بتجزئة
بلادنا السورية، أو كل وعد خصوصي يرمي إلى تمكين الصهيونيين من القسم
الجنوبي من بلادنا، ونطلب أن تلغى تلك المعاهدات والوعود بأي حال كان.
هذا وإن المبادئ الشريفة التي صرح بها الرئيس ولسن لتجعلنا واثقين كل
الثقة في أن رغائبنا هذه الصادرة من أعماق القلوب، ستكون هي الحسم القطعي في
تقرير مصيرنا، وإن الرئيس ولسن والشعب الأمريكي الحر، سيكون عونًا على
تحقيقها فيثبتون الجلاء مصداق مبادئهم السامية وغاياتهم الشريفة نحو البشرية
بنوع عام، وشعبنا العربي بنوع خاص، وإن لنا الثقة الكبرى في أن مؤتمر السلم
يلاحظ أننا لم نثر على الدولة التركية التي كنا وإياها شركاء في جميع الحقوق
التمثيلية والمدنية والسياسية إلا لأنها تحاملت على حقوقنا القومية فيحقق لنا
رغائبنا بتمامها، فلا تكون حقوقنا قبل الحرب أقل منها بعد الحرب، بعد أن أرقنا
من الدماء ما أرقناه في سبيل الحرية والاستقلال، ونطلب السماح لنا بإرسال وفد
يمثلنا في مؤتمر السلام للدفاع عن حقوقنا الثابتة تحقيقًا لرغباتنا، والسلام) اهـ.