للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


آثار علمية وأدبية

(ملخص خطاب مولانا الأستاذ الحكيم في ختام درس المنطق)
وعدنا بأن نأتي بما وعيناه من ذلك الخطاب البليغ، وها نحن أولاء منجزو
موعدنا، قال الأستاذ بعد ما تقدمت الإشارة إليه من ذم الإطراء ما مثاله ملخصًا:
سعادة الناس في دنياهم وأخراهم بالكسب والعمل؛ فإن الله خلق الإنسان وأناط
جميع مصالحه ومنافعه بعمله وكسبه , والذين حصَّلوا سعادتهم بدون كسب ولا سعي
هم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وحدهم لا يشاركهم في هذا أحد من البشر مطلقًا ,
والكسب مهما تعددت وجوهه فإنها ترجع إلى كسب العلم؛ لأن أعمال الإنسان إنما
تصدر عن إرادته , وإرادته إنما تنبعث عن آرائه , وآراؤه هي نتائج علمه , فالعلم
مصدر الأعمال كلها دنيوية وأخروية، فكما لا يسعد الناس في الدنيا إلا بأعمالهم كذلك
لا يسعدون في الآخرة إلا بأعمالهم , وحيث كان للعلم هذا الشأن فلا شك أن الخطأ
فيه خطأ في طريق السير إلى السعادة عائق أو مانع من الوصول إليها , فلا جرم أن
الناس في أشد الحاجة إلى ما يحفظ من هذا الخطأ ويسير بالعلم في طريقه القويم
حتى يصل السائر إلى الغاية , وهذا هو المنطق المسمى بالميزان , والمعيار الذي
يضبط الفكر ويعصم الذهن عن الخطأ فيه ولهذا كانت العناية به من أهم ما يتوجه
إليه طلاب السعادة.
اعتنى العلماء في كل أمة بضبط اللسان وحفظه من الخطأ في الكلام ,
ووضعوا لذلك علومًا كثيرة , وما كان للسان هذا الشأن إلا لأنه مجلي للفكر
وترجمان له وآلة لإيصال معارفه من ذهن إلى آخر، فأجدر بهم أن تكون عنايتهم
بضبط الفكر أعظم. كما أن اللفظ مجلي الفكر هو غطاؤه أيضًا فإن الإنسان لا يقدر
على إخفاء أفكاره إلا بحجاب الكلام الكاذب حتى قال بعضهم: إن اللفظ لم يوجد إلا
ليخفي الفكر.
إنما ينتفع بالميزان الذي هو علم الفكر من كان له فكر , والفكر إنما يكون
فكرًا له وجود صحيح إذا كان مطلقًا مستقلاًّ يجري في مجراه الذي وضعه الله تعالى
عليه إلى أن يصل إلى غايته , وأما الفكر المقيد بالعادات المستعبد بالتقليد فهو
المرذول الذي لا شأن له وكأنه لا وجود له. وقد جاء الاسلام ليعتق الأفكار من رقها ,
ويحلها من عقلها , ويخرجها من ذل الأسر والعبودية , فترى القرآن ناعيًا على
المقلدين ذاكرًا لهم بأسوأ ما يذكر به المجرم , ولذلك بنى على اليقين الذي علمتم
معناه موضحًا في درس سابق [١] لا ينبغي للإنسان أن يذل فكره لشيء سوى الحق ,
والذليل للحق عزيز. نعم يجب على كل طالب علم أن يسترشد بمن تقدمه سواء
أكانوا أحياء أم أمواتًا , ولكن عليه أن يستعمل فكره فيما يؤثر عنهم فإن وجده
صحيحًا أخذ به وإن وجده فاسدًا تركه , وحينئذ يكون ممن قال الله تعالي فيهم:
{فَبِشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ القَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ
هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} (الزمر: ١٧-١٨) وإلا فهو كالحيوان , والكلام كاللجام له أو
الزمام يمنع به عن كل ما يريد صاحب الكلام منعه عنه , ويقاد إلى حيث يشاء
ذلك المتكلم أن يقاد إليه من غير عقل ولا فهم.
ما الذي يعتق الأفكار من رقها وينزع عنها السلاسل والأغلال لتكون حرةً
مطلقةً؟ الجواب عن هذا السؤال يحتاج إلى شرح طويل لأن تخليص الأفكار من
الرق والعبودية من أصعب الأمور , ويمكن أن نقول فيه كلمة جامعة يرجع إليها كل
ما يقال وهي (الشجاعة) .
الشجاع هو الذي لا يخاف في الحق لومة لائم، فمتى لاح له يصرح به ويجاهر
بنصرته وإن خالف في ذلك الأولين والآخرين , ومن الناس من يلوح له نور الحق
فيبقى متمسكًا بما عليه الناس ويجتهد في إطفاء نور الفطرة , ولكن ضميره لا
يستريح فهو يوبخه إذا خلا بنفسه ولو في فراشه. لا يرجع عن الحق أو يكتم الحق
لأجل الناس إلا الذي لم يأخذ إلا بما قال الناس , ولا يمكن أن يأتي هذا من موقن
يعرف الحق معرفة صحيحة.
إن استعمال الفكر والبصيرة في الدين يحتاج إلى الشجاعة وقوة الجنان , وأن
يكون طالب الحق صابرًا ثابتًا لا تزعزعه المخاوف فإن فكر الإنسان لا يستعبده إلا
الخوف من لوم الناس واحتقارهم له إذا هو خالفهم أو الخوف من الضلال إذا هو
بحث بنفسه , وإذا كان لا بصيرة له ولا فهم فما يدريه لعل الذي هو فيه عين
الضلال. إذن (إن الخوف من الضلال هو عين الضلال) . فعلى طالب الحق أن
يتشجع حتى يكون شجاعًا، والله تعالى قد هيأ الهداية لكل شجاع في هذا السبيل , ولم
نسمع بشجاع في فكره ضل ولم يظفر بمطلوبه.
وههنا شيء يحسبه بعضهم شجاعة وما هو بشجاعة وإنما هو وقاحة , وذلك
كالاستهزاء بالحق وعدم المبالاة بالمحق، فترى صاحب هذه الخلة يخوض في الأئمة
ويعرض بتنقيص أكابر العلماء غرورًا وحماقة , والسبب في ذلك أنه ليس عنده من
الصبر والاحتمال وقوة الفكر ما يسبر به أغوار كلامهم , ويمحص به حججهم
وبراهينهم ليقبل ما يقبل عن بينة ويترك ما يترك عن بينة , وهذا لا شك أجبن من
المقلد لأن المقلد تحمل ثقل التقليد على ما فيه , وربما تنبع في عقله خواطر ترشده
إلى البصيرة أو تلمع في ذهنه بوارق من الاستدلال لو مشى في نورها لاهتدى
وخرج من الحيرة , وأما المستهزئ فهو أقل احتمالاً من المقلد، فإن الهوس الذي
يعرض لفكره إنما يأتيه من عدم صبره وثباته على الأمور وعدم التأمل فيها.
والحاصل أن الفكر الصحيح يوجد بالشجاعة والشجاعة هنا (هي التي يسميها
بعض الكتاب العصريين الشجاعة الأدبية) قسمان: شجاعة في رفع القيد الذي هو
التقليد الأعمى , وشجاعة في وضع القيد الذي هو الميزان الصحيح الذي لا ينبغي
أن يقر رأي ولا فكر إلا بعد ما يوزن به ويظهر رجحانه , وبهذا يكون الإنسان حرًّا
خالصًا من رق الأغيار عبدًا للحق وحده. وهذه الطريقة طريقة معرفة الشيء بدليله
وبرهانه ما جاءتنا من علم المنطق , وإنما هي طريقة القرآن الكريم الذي ما قرر
شيئًا إلا واستدل عليه وأرشد متبعيه إلى الاستدلال , وإنما المنطق آلة لضبط
الاستدلال كما أن النحو آلة لضبط الألفاظ في الإعراب والبناء كما قلنا. ولا يمكن
أن ينتفع أحد بالمنطق ولا بغيره من العلوم مهما قرأها وراجعها إلا إذا عمل بها
وراعى أحكامها حيث ينبغي أن تراعى، فالذي يحفظ العلم حفظًا حقيقيًّا هو العمل به
وإلا فهو مَنسيّ لا محالة , وإننا نرى المجاور يقضي السنين الطويلة في الأزهر
يدرس العلوم العربية ولا ينتفع بها بتحصيل ملكة العربية قولاً وكتابة , وإنما ذلك
لعدم الاستعمال. فأنصح لكل من يسمع كلامي أن يستعمل ما يحصله من العلم ,
وأن يحصل لنفسه ملكة الشجاعة , وبدون هذا لا ينتفع بعلم ولا عمل ويكون
الاشتغال بالدروس في حقه من اللغو المنهي عنه المذموم صاحبه شرعًا. بل يقضي
حياته كسائر الحيوانات العجم وربما كان أتعس منها. وأحب أن يكون كل منكم
إنسانًا كاملاً والإنسان يطلب الجميل النافع لأنه حسن في نفسه لا لأن غيره يطلبه ,
فلو كفر كل الناس لوجب عليه أن يكون أول المؤمنين , وهذا هو الإسلام الصحيح
ثم ختم الأستاذ الخطاب بالدعاء والثناء على الله تعالى وانفض الاجتماع.
***
(قصيدة)
من القصائد التي نظمت بمناسبة الاحتفال بختم درس المنطق , قصيدة غراء
لصديقنا الفاضل الشيخ أحمد عمر المحمصاني البيروتي قال في مطلعها يخاطب
الأستاذ:
لعلياك مجد لا يماثله مجد ... وفضلك فضل لا يرام له حد
وأنت إمام العصر بل أنت شمسه ... وأنت وحيد الدهر والعلم الفرد
أقمت منار الشرع فينا بهمة ... هي الهمة العلياء والفطنة النقد
(ومنها)
فللت جموع الزيغ بالحق والهدى ... وهابتك حتى في مرابضها الأسد
وذدتَ عن الدين الحنيفي مخلصًا ... على حين أن القوم ليس لهم ذود
بتفسيرك الشافي كشفت سحابة ... من الجهل قد غشت وطال بها العهد
على أمة في غفلة عن حياتها ... وقل نصير الحق وانتشر الصد
عن المنهج الأقوى عن الخير كله ... ولولا كتاب الله لانفرط العقد
وأحييت ألبابًا بتقريرك الذي ... تباهت به الأقطار والسند والهند
هو الحق والعلم الصحيح بيانه ... هو الذهب الإبريز واللؤلؤ النضد
بك اعتز دين الله من بعد فترة ... تحكم فيها الجهل والحقد والجحد
فكنت بنصر الحق أفضل قائم ... وليس سوى الإخلاص عون ولا جند
ومنها في نصيحة طلاب العلم:
أيا معشر الطلاب للخير سارعوا ... ولا تهنوا في العلم فالوقت يشتد
إذا عرف الإنسان قيمة نفسه ... ... تسامى إلى العليا وطاب له السهد
وإن فتى الفتيان في العلم همه ... طلاب المعالي لا الثراء ولا الرفد
وقال في الختام يخاطب الأستاذ:
ويا شمس هذا العصر لا زلت راقيًا ... من المجد ما يبقى له الذكر والحمد
ودام بك النفع العميم مؤزرًا ... وخادمك الإقبال واليمن والسعد
***
(كتاب البصائر النصرية)
نوًهنا بهذا الكتاب الجليل في ذكر الاحتفال بختامه في الجزء الماضي , وهو
من تصنيف العلامة الجليل القاضي الزاهد زين الدين عمر بن سهلان الساوى. ألفه
باسم السيد نصير الدين بهاء الدولة كافي الملك أبي القاسم محمود بن أبي توبة
ونسبه إليه.
والكتاب جزل العبارة كبير الفائدة يمتاز على جميع الكتب المتداولة في الفن
بالتحقيق والتحرير وتحري المسائل التي يحتاج إليها من يريد استعمال الفن فيما
وضع له , ويزيد عليها بأبواب ومسائل لا توجد فيها كالأجناس العشرة التي تسمى
بالمقولات , وإطالة البيان فيما قصرت فيه لا سيما في باب القياس فعقد فصولاً
لاكتساب المقدمات ولتحليل القياسات ولاستقرار النتائج التابعة للمطلوب الأول ,
وللنتائج الصادقة عن مقدمات كاذبة , وللقياسات المؤلفة من مقدمات متقابلة ,
وللمصادرة على المطلوب الأول , وللأمور الشبيهة بالقياس وليست منه،
والقياسات المخدجة، وتكلم في هذا الفصل على الاستقراء والتمثيل والضمير
والرأي والدليل والعلامة والقياس الفراسي، بما لا نكاد نجده في غيره. وتوسع في
مواد القياس توسعًا نافعًا لا يستغني عنه طالب هذا الفن. وقد علق عليه مولانا
الأستاذ الشيخ محمد عبده تعليقًا وجيزًا تُعلم فائدته مما كتبناه في الجزء الماضي ,
وأحسن ما يقرظ به الكتاب قول الأستاذ في مقدمة هذا التعليق:
(وهو حاو مع اختصاره لما لم تحوِه المطولات التي بأيدينا من المباحث
المنطقية الحقيقية , وخالٍ مع كثرة مسائله من المناقشات الوهمية التي لا تليق
بالمنطق , وهو معيار العلوم من مثل ما نجده في المطالع وشروحها وسلم العلوم وما
كتب عليه (قال) : ووجدته على ترتيب حسن لم أعهده فيما وقفت عليه من كتب
المتأخرين من بعد الشيخ الرئيس ابن سينا ومن في طبقته من علماء هذا العلم) ثم
ذكر استحسانه لقراءته في الجامع الأزهر وعرضه على شيخ الجامع وأعضاء
مجلس إدارته وإعجابهم به وإقرارهم على قراءته في الأزهر لأنه من أفضل ما
يهدى إليه ثم قال:
(على أن الكتاب وإن كان جزل العبارات صحيح البيان إلا أن فيه ألفاظًا
وعبارات ومسائل اعتمد في الإتيان بها على ما كان عليه أهل زمانه من درجته في
العرفان , وهي اليوم تحتاج إلى شيء من الإيضاح والشرح، فاستخرت الله تعالى في
وضع بعض تعاليق على ما رأيته محتاجًا إلى ذلك , وأسأل الله أن ينفع به الطلاب
ويجزل فيه الثواب) .
والكتاب يباع في محل السيد عمر الخشاب في السكة الجديدة وثمنه عشرة
غروش أميرية , وهي قيمة الاشتراك به قبل طبعه لم يزد عليها تسهيلاً على طلاب
العلم.
***
(طوفان نوح)
جاء في جريدة نور الإسلام المفيدة تحت هذا العنوان ما نصه:
رفع سؤال إلى مولانا الأستاذ الأكبر والعلم الأشهر حكيم الأمة وخاتمة الأئمة
الشيخ محمد عبده أفندي مفتي الديار المصرية، مصحوبًا هذا السؤال برسالة ألفها
الأستاذ الشيخ بكر التميمي النابلسي في مسألة الطوفان , وهل كان عامًّا أم لا؟
يطلب رافعه من فضيلة المفتي حكمه فيما نشر في هذه الرسالة , وبيان ما يجب
اعتقاده شرعًا في هذه المسألة التي كثر فيها الاختلاف. فأجاب -أطال الله وجوده- بما
يأتي:
الحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله , اطلعت على رسالة الطوفان التي حررها
حضرة الشيخ بكر التميمي النابلسي فرأيت أن حضرة الكاتب يبني رأيه فيها على
أصول مقررة تعرفها الشريعة الإسلامية , ولا ينكرها أحد من العارفين بها إلا إذا
صدق بعضًا وأنكر بعضًا , وهو ليس من خلائق أهل الإسلام , أو ناقض بعض
آرائه بعضًا وهو ليس من شأن العقلاء.
وقد ورد عليّ من عدة أشهر سؤال في هذه الحادثة من أحد أهل العلم بمدينة
نابلس وفيه ذكر لما يستند إليه منكرو عموم الطوفان وعموم رسالة نوح عليه السلام.
فأجبته بجواب أكتفي بنقل صورته , وهو يؤيد رأيي في الرسالة وهذا نصه:
(أما القرآن الكريم فلم يرد فيه نص قاطع على عموم الطوفان ولا عموم
رسالة نوح عليه السلام , وما ورد من الأحاديث على فرض صحة سنده فهو آحاد
لا يوجب اليقين , والمطلوب في تقرير مثل هذه الحقائق هو اليقين لا الظن إذا عُدَّ
اعتقادها من عقائد الدين. وأما المؤرخ ومريد الاطلاع فله أن يحصل من الظن ما
ترجحه عنده ثقته بالراوى أو المؤرخ أو صاحب الرأي. وما يذكره المؤرخون
والمفسرون في هذه المسألة لا يخرج عن حد الثقة بالرواية أو عدم الثقة بها ولا
يتخذ دليلاً قطعيًّا على معتقد ديني , وأما مسألة عموم الطوفان في نفسها فهي
موضوع نزاع بين أهل الأديان وأهل النظر في طبقات الأرض , وموضوع خلاف
بين مؤرخي الأمم , فأهل الكتاب وعلماء الأمة الإسلامية على أن الطوفان كان عامًّا
لكل الأرض , ووافقهم على ذلك كثير من أهل النظر , واحتجوا على رأيهم بوجود
بعض الأصداف والأسماك المتحجرة في أعالي الجبال لأن هذه الأشياء مما لا يتكون
إلا في البحار، فظهورها في رءوس الجبال دليل على أن الماء صعد إليها مرة من
المرات , ولن يكون ذلك حتى يكون قد عم الأرض. ويزعم غالب أهل النظر من
المتأخرين أن الطوفان لم يكن عامًّا , ولهم على ذلك شواهد يطول شرحها غير أنه
لا يجوز لشخص مسلم أن ينكر قضية أن الطوفان كان عامًّا لمجرد حكايات من أهل
الصين أو لمجرد احتمال التأويل في آيات الكتاب العزيز، بل على كل من يعتقد
بالدين أن لا ينفي شيئًا مما يدل عليه ظاهر الآيات والأحاديث التي صح سندها
وينصرف عنها إلى التأويل إلا بدليل عقلى يقطع بأن الظاهر غير مراد , والوصول
إلى ذلك في هذه المسألة يحتاج إلى بحث طويل وعناء شديد وعلم غزير في طبقات
الأرض وما تحتوي عليه , وذلك يتوقف على علوم شتى عقلية ونقلية , ومن هذى
برأيه بدون علم يقيني فهو مجازف , ولا يسمع له قول , ولا يسمح له ببث
جهالاته , والله سبحانه وتعالى أعلم) .
هذا ما كنت كتبته جوابًا عن السؤال الوارد إلي , أما وقد اطلعت على رسالة
الشيخ بكر التميمي فأرى أنه لم يخطئ الصواب فيما كتب , ولا أجد في كلامه ما
يشم منه رائحة التطوح مع الهوى فيما وجه إليه قصده من ترجيح أحد الرأيين على
الآخر , والله الموفق للصواب.