(نغمة جديدة) وارحمتاه للجرائد السورية المستعبدة لكل ذي سلطة وجاه، ولا سيما إذا كان شأنه الإيذاء والإضرار بالناس، يبيعون دينهم بدنيا غيرهم مكرهين، وما كان أغناهم عن هذه المهنة الحقيرة إن كانوا متّقين. نشرت جريدة طرابلس في عددها ٢٧٩ الأخير رقيمًا بإمضاء حسن خالد الصيادي أي ابن سماحتلو الشيخ أبو الهدى أفندي المشهور، كتبه لبعض أتباعهم الرفاعية الذي استأذنه بالرد على كتابنا (الحكمة الشرعية في محاكمة القادرية والرفاعية) لأنه اطلع على النبذة التي نشرناها من مقدمته في العدد الثامن والعشرين من جريدتنا المنار. وقد كتبت الجريدة المذكورة مقدمة للرقيم تحت عنوان: (الإنصاف وصف الأشراف) وفي هذا العنوان براعة تامة لأن صاحب الجريدة يعتقد بشرف نسبنا ولا يعتقد شرف صاحب الرقيم، فعنوانه فيه اعتذار خفي لنا على أنه مجبور، ومرضاة لصحاب الرقيم، ولذلك لم نؤاخذه على نشره، ولكن آخذناه على مدحه بقوله: (كان فصل الخطاب وزينَّا جريدتنا بنشره إلخ) وكان له مندوحة عن هذا. فإذا عادت هذه الجريدة لمثل هذا فإننا نقنعها بما عندنا من الحق بالصفة التي يعرفها صاحبها. أما كتابنا (الحكمة الشرعية) فقد اطلع عليه أشهر العلماء في بلاد الشام وأعجبوا بعلمه وبلاغته، ونذكر أسماءهم إذا اقتضت المناسبة، وأما في بلاد مصر فكل من قرأ النبذة التي كتبناها منه فقد أطرانا وأطراه، حتى قال بعض الكتاب البلغاء: إننا حين قرأنا مقالة العدد الثامن والعشرين من المنار كدنا أن لا نميز بين كلام تلك المقدمة وما فيها من آيات القرآن لولا الحفظ. أما الرد على المقدمة المذكورة فليس فيها شيء من مسائل الخلاف يرد عليه، وإنما فيها ذكر مضرة الخلاف في الأمة، والحث على الاتفاق تحت لواء الخلافة، ولكن القوم يستطيعون الرد على كل شيء كما نعلم من كتبهم، وعلى نحو الرقيم الذي نحن بصدده وما هو إلا عبارة عن (شقاشق مزالق. هتك الإنسانية بالإفساد. السفلة. السفهاء. أرباب المقاصد السيئة والأغراض الدنيئة. هتك شرف. إضرار. يجعل الباطل حقًّا والحق باطلاً. والكذب صدقًا والصدق كذبًا. والرفيع وضيعًا. والوضيع رفيعًا. والكريم لئيمًا واللئيم كريمًا. يحط مقادير الكرام ويهضم حقوقهم. يحرف مقاصدهم ويشمت بإساءتهم حسادهم. ذي غرض لئيم. جريء على الناس لمقاصد دنية. أمة ساقطة جاهلة. الأوساخ الدنيوية. نار الشقاق. التهجم بغيًا وعدوانًا. العاجز الباغي هوانه. طيشًا. الأحقاد خدعتهم. آذوا الحضرة. الفتنة. الحاسدين. بدسائس المفسدين. أهل النفاق. الشقاشق الزائدة. المباحث الباردة. بوال زمزم. مذبذب جاهل. قبيح فعاله. سفاسف آماله. حرف المحرف. قلب الخير شرًّا والشر خيرًا بمجرد قياسه العقلي الفاسد، ورأيه المعكوس الكاسد. الخسيسة الدنيوية للمفسدة، يثير ضغائن. للطعن أهل الباطل. الحاسدين. المفسدة. صريع فالج دائه. ذنب الغرائب. الخزعبلات. الترهات) . هذه هي ألفاظ الرقيم وقد ضمنه بعض أحاديث واهية منكرة يقصد بها التهديد كحديث: (أهل الشام سوط الله في الأرض ينتقم بهم ممن يشاء من عباده، وحرام على منافقيهم أن يظهروا على مؤمنيهم وأن يموتوا إلا همًّا وغمًّا وحزنًا) ولا يصح هذا إلا عند مثلهم، وقد ذكرني الحديث الذي وضعوه لإثبات إفساد القادرية للدين وهو: (يفسد هذا الدين عالم وابن ولي) (انظر صفحة ٣ من مقدمة لباب المعاني) . ونحن لا يسمح لنا ديننا وأدبنا بمثل ذلك السفه والكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم، لنجعله ردًّا عليهم مقابلة للفاسد بالفاسد. وإن في القطر جرائد وكتبًا قد كفتنا مؤنة الأول، كجريدة الحشاش التي تصدر في الإسكندرية، وكتاب المسامير الذي يتم طبعه قريبًا، أما كتابنا وجريدتنا فلا تنشر غير الحقائق مع النزاهة التي تليق بأدب المسلمين، وإذا ادعى حسن بك خالد أنه وأبوه لم يهتما لكتاب الحكمة الشرعية، فلماذا حركا نوري باشا لكتابة رد علينا، وطفقا يردان بكلامهما الفاسد! ! وأجبرا جريدتي بيروت والثمرات على نشر رسالة نوري باشا، وربما يجبران جريدة طرابلس على نشرها بعد امتناعها، كما جبراها على نشر كلامهما! ! وإذا كان قومهم على وفاق مع القادرية فليصرح أبو الهدى أفندي في الجرائد بتكذيب (لباب المعاني) وسائر كتبه التي تطعن بهم وتكفرهم! !