للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


التقريظ

(رسائل أبي العلاء المعري وترجمته)
قد ولع الناس في القرون المتوسطة بحفظ الرسائل التي كانت تدور بين
الأدباء والكتاب , ومن أحسنها رسائل أبي العلاء على قلتها، حفظوها في الكتاب
ونَسُوا مؤلفاته النافعة، حتى لا نكاد نجد منها غير دواوينه الشعرية , وسبب ذلك
أن العلم كان قد أخذ في التدلي أو التولي فلا يُؤْثر منه إلا ما فيه لذة وفكاهة. وهذه
الرسائل على كونها أقل ما كتب الفيلسوف كما هي العادة، هي كنوز آداب ولطائف
لا يكاد يفهمها إلا من أوتي حظًّا من الاطلاع على اللغة العربية مفرداتها وأساليبها،
وسهمًا من تاريخها وأمثالها، ولعل الله تعالى أذن بفضله لهذه اللغة أن تنشط من
عقالها، وتستيقظ بعد طول سباتها، فأوحى لأنصار العلم أن يخدموها، وألهم رجال
المدنية أن يتدارسوها، فراجت بضاعتها في أسواق العلم في بلاده , وأعني بها
المدارس الأوربية الكبرى , وعمد القوم إخراج كنوزها، ونشرها بين الناس. ولا
أجهل أن غرض الأوربيين السياسيين الاستعانة بهذه اللغة على استعمار البلاد
العربية، ولكن العلم لا سياسة له ولا دين , فمتى أخذ رجاله بطرف منه أخذوه بجد،
وخدموه بإصلاح ونصح، ولا يضرهم مع ذلك استفاد منه قومهم أم غير قومهم.
ومن الكتب التي عُنِي الأوربيون بترجمتها ونشرها بلسانهم ولسانها رسائل
أبي العلاء المعري، نقلها إلى الإنكليزية صاحبنا الدكتور مرجليوث الإنكليزي مدرس
اللغات الشرقية بمدرسة أوكسفورد الجامعة، وقد أهدانا نسخة منها مطبوعة باللغتين ,
وفي آخرها ترجمة أبي العلاء وفهارس تشير إلى ما في الرسائل من أسماء
الرجال والنساء والقبائل والحيوانات، وأسماء الأماكن والبلاد، والاصطلاحات
العروضية، وأسماء النجوم، لكلٍّ فهرس مرتب على حروف المعجم، وما أحسن
هذا الاصطلاح وأنفعه لو كنا نجري عليه في طبع كتبنا كما يجرون عليه فيها وفي
كتبهم بالأَوْلَى.
وأنت ترى أن نقل الكتاب من لغة إلى أخرى هو أصعب من تدريسه. وإنا
لنعلم أنه يقل في قراء العربية من أهلها من يقدر على تدريس هذه الرسائل , فما
تقول في فضل أعجمي ينقلها إلى لغته. فنهنئ صاحبنا على عمله , ونشكر له
هديته أجمل شكر.
أما ترجمة أبي العلاء فقد نقلها من تاريخ الذهبي , وفيها أنه أخذ العربية عن
أهل بلده كبني كوثر وأصحاب ابن خالويه، ورحل إلى طرابلس فاستفاد من خزائن
كتبها , وإنه كان قانعًا باليسير. له وقف يحصل له منه في العام نحو ثلاثين دينارًا
قدَّر منها لمن يخدمه النصف، وكان أكله العدس , وحلاوته التين , ولباسه القطن ,
وفراشه لبد , وحصيره بورية. وكانت له نفس قوية لا يحمل منة أحد , وإلا لو
تكسب بالشعر والمديح لكان ينال بذلك دنيا ورياسة، كذا قال الذهبي، ونحن نقول:
إنه لو لم يكن كذلك لما وجدنا في شعره من الفلسفة العالية والمدارك الدقيقة في نقد
العالم البشري ما نجد. ثم ذكر ما قيل في زندقته؛ لأنه التزم أن يذكر ما روي له
وعليه، وأورد بعض شعره الدَّال على شكِّه في الدين , واعتراضه على الشرائع،
ثم نقل عن الحافظ السلفي في ضد ذلك ما نصه:
(ومما يدل على صحة عقيدته ما سمعت الخطيب حامد بن بختيار النميري
بالسمسمانية - مدينة بالخابور - قال: سمعت القاضي أبا المهذب عبد المنعم بن
أحمد السروجي يقول: سمعت أخي القاضي أبا الفتح يقول: دخلت على أبي العلاء
التنوخي بالمعرة ذات يوم في وقت خلوة بغير علم منه وكنت أتردد إليه، وأقرأ
عليه، فسمعته وهو ينشد من قبله:
كم غودرت غادة كعاب ... وعمرت أمها العجوز
أحرزها الوالدان حرزًا ... والقبر حرز لها حريز
يجوز أن تبطئ المنايا ... والخلد في الدهر لا يجوز
ثم تأوه مرات وتلا: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ
مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ * وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لأَجَلٍ مَّعْدُودٍ * يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ
نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ} (هود: ١٠٣-١٠٥)
ثم صاح وبكا بكاءً شديدًا , وطرح وجهه على الأرض زمانًا , ثم رفع
رأسه ومسح وجهه فقال: سبحان مَنْ تكلم بهذا في القدم، سبحان مَنْ هذا كلامه،
فصبرت ساعة ثم سلمت عليه فرد , فقال: متى أتيت؟ فقلت: الساعة. ثم قلت:
يا سيدي أرى في وجهك أثر غيظ. فقال: لا يا أبا الفتح، بل أنشدت شيئًا من كلام
المخلوق وتلوت شيئًا من كلام الخالق , فلحقني ما ترى. فتحققت صحة دينه وقوة
يقينه) اهـ
ولعل تلك الخواطر الدالة على الإلحاد كانت في بداية أمره ثم رجع عنها على
أن أكثرها يحتمل التأويل، وإن لم يلتفت إلى ذلك المتشدقون من المرتابين في هذا
العصر.
* * *
(إلياذة هوميروس)
هوميروس كبير شعراء اليونان أشهر من نار على عَلَم , وأشهر شعره ما
سُمي بالإلياذة , وهو ما نظمه في وصف حرب قومه اليونان لطرواده، وقد
عنيت أمم العلم والأدب في القديم والحديث بنقل الإلياذة إلى لغاتها، إلا الذين أَحْيَوْا
جميع علوم اليونان بعد موتها , وهم العرب، حتى قام في هذه الأيام سليمان
أفندي البستاني مؤلف دائرة المعارف العربية فعربها نظمًا. ثم إنه شرح النظم
فكان كتابًا حافلاً بالتاريخ والأدب، ووضع له مقدمة طويلة جمع فيها فصولاً في
تاريخ هوميروس مفصلاً، وفي الإلياذة ومكانتها في نفسها وعند الأمم , وتفصيل
ما فيها من المعارف، وفي التعريب وأصوله، وفي النظم وبحوره وضروبه،
وفي الشعر وتاريخه وطبقات أهله في العرب، وفي الشعر العصري والملاحم،
وفي الشعر واللغة، وهي مقدمة مفيدة جدًّا تدل على غزارة علم المؤلف وحسن ذوقه
وسعة اطلاعه. ثم إنه وضع للكتاب معجمًا خاصًّا فَسَّر فيه غريبه، ومعجمًا آخر
للإلياذة جمع فيه ما فيها من الكلمات في الآلهة والمعاني والأعلام مشيرًا بالأرقام
إلى مواضعها من الصحائف. فالكتاب في مجموعه خزانة علم وأدب ,
وصفحاته ١٢٥٨ وطبعه جميل جدًّا , والشعر فيه مضبوط بالشكل الكامل.
* * *
(الاحتفال بمعرب الإلياذة)
نشر هذا الكتاب فتقبله أهل العلم والأدب بقبول حسن، بل أكبروا أمره
وبالغت الصحف في تقريظه، ثم تألفت لجنة من أدبائنا السوريين في القاهرة
فأولموا بالأمس وليمة في فندق شبرد احتفالاً بمُعَرِّب الإلياذة اجتمع على مائدتها نحو
مائة رجل من فضلاء القطرين المصري والسوري، وأُلقيت فيه الخطب العربية
والفرنسية واليونانية، وتُلي فيه ثلاثة كتب ممّن اعتذر عن عدم حضور الاحتفال،
أحدها من الأستاذ الإمام وكان آية الآيات , وثانيها من الدكتور شميل , وثالثها من
الشيخ علي يوسف صاحب جريدة المؤيد.
ورأينا هؤلاء العلماء والأدباء حاضري الاحتفال متفقين على أن تعريب
الإلياذة من أجلِّ الخدم للغة العربية , ومتعجبين من عدم سبق العرب إلى تعريبها في
أيام دولتهم العلمية؛ إذ عربوا كتب اليونان في جميع العلوم. وكان الدكتور يعقوب
أفندي صروف أول خطيب في الحفلة , فجال في هذا المعنى جولة المؤرخ العالم،
وقال: إن السُّريان الذين كانوا يعربون الكتب اليونانية في أول الأمر للعرب قد
نقلوا الإلياذة إلى لغتهم دون اللغة العربية، ثم أطنب في وصف التعريب الجديد،
وما أضيف إليه من الفوائد، وانتقل إلى ذكر فضل المؤلف وفضل بيت البستاني
في خدمة العلم فبدأ يذكر عموده، وكبيره بطرس البستاني مؤسس دائرة المعارف
وصاحب الكتب والصحف الشهيرة فصفَّق له الحاضرون استحسانًا.
وتلاه بالخطابة كاتب هذه السطور , فذكر معنى الاحتفال وفائدته ونسبة
الإلياذة إلى الشعر العربي وسبب إغفال العرب لها، بينت في هذا أن الروح الأدبي
يسبق في الأمم الروح العلمي والصناعي، فمتى سمت آداب الأمة ورق شعورها؛
تحس بحاجتها إلى العلم فتنبعث إليه وتبدأ بخدمة علم الأدب منه، فكان مقتضى هذه
القاعدة أن يبدأ العرب بنقل آداب اليونان قبل علومهم، ولكن العرب كانوا في غنى
عن هذه الإلياذة فما دونها من آداب اليونان؛ لأنه لا يكاد يوجد فيها شيء من
المعاني الشعرية والأدبية إلا وقد سبقوا إلى مثله أو خير منه، وفي شرح الإلياذة
العربية شواهد كثيرة على ذلك، والسبب فيه أن حال اليونان في حروبهم التي
يصفها هوميروس شبيه بحال العرب في بداوتهم وحروبهم، ولكن وثنيتهم تخالف
وثنية العرب. قلت: ويعلم السادة الحاضرون أن العرب لم يندفعوا إلى ترجمة
الكتب إلا بعد الدخول في الإسلام فقد كانوا قبله أُميين لا يعرفون الكتاب، فالإسلام
هو الذي ساقهم إلى طلب العلم والحكمة، فلما أرادوا ترجمة كتب اليونان للاستفادة
منها رأوا في آدابهم وأشعارهم العربية مثل ما عند أولئك وزيادة إلا ما كان من
الخرافات الدينية كأحوال الآلهة الكثيرين , وهذا ما جاء الإسلام لمحوه لا لإحيائه
بعد موته، فكان إغفال العرب للإلياذة كإغفالهم لصناعة التصوير؛ لأن الصور
كانت في أيامهم خاصة بالشعائر الوثنية، فلما تغيرت الأحوال وأراد الله لهذه اللغة
أن تنهض نهضة جديدة أحس رجال الأدب بالحاجة إلى ماعند الأمم الأخرى من
الآداب , وأقدمها وأشهرها الإلياذة , فكان صديقنا البستاني هو السابق إلى توفية هذه
الحاجة؛ فقوبل بهذا الاستحسان العظيم.
وأما الاحتفال فقد بينت أنه شكرٌ لصاحب الأثر وتربية حسنة للأمة، فإن
أصحاب الاستعداد إذا رأوا أن خواص الأمة يقدرون الآثار العلمية والأدبية قدرها
فإن استعدادهم يظهر بالفعل، وتنتفع الأمة بمباراتهم في ذلك , فقد قامت لجنة هذا
الاحتفال بشكر عالم خدم الأدب، فكأنها احتفلت بكل عالم وأديب، إذ يحس كل منهم
بأن له في هذا الاحتفال نصيبًا، والشكر مدعاة المزيد ومبعث الرغبة في العاملين،
وتركه سبب الإهمال , فإن العالم الكامل وإن كان يتلذذ بالعلم ويحب الخير لذاته لا
تنبعث همته إلى إظهار الآثار النافعة إذا علم أن قومه لا يعرفون قيمتها ولا يقدرونها
قدرها؛ لأنه يرى ذلك من العبث. وما عساه يعمله تلذذًا به لا يجيء كاملاً كما إذا
كان يرجو أن يعرض عمله على أهل البصيرة والفضل فيَزِنُوه بميزانه، ويكافئوه
على قدر إحسانه، لهذا كان الشكر بطبيعته موجبًا للمزيد، بل إن الله تعالى وهو
الغني عن العالمين وذو الكمال المطلق قد جعل شكره سببًا للمزيد فقال: {لَئِن
شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُم} (إبراهيم: ٧) فلا غرو أن يزيد صديقنا البستاني في خدمته
للعلم والأدب بسبب هذا الشكر الحسن الذي نقابله به.
هذا زبدة ما بيَّنه هذا العاجز في خطابه، وهو ما خطر له عند الكلام من غير
سابقة تفكر فيه. وقد أطنب بعض الخطباء في مدح الإلياذة نفسها وزعموا أنها
ستكون ترجمتها مبدأ انقلاب في الآداب العربية وفاتحة ترقٍّ عظيم فيها , وهو
مبالغة , والعربية أغنى من ذلك، ولو نظم الإلياذة غير البستاني فأحسن نظمها كما
أحسن؛ لما لقي من الشكر بعض ما لقي. ذلك أن صاحبنا في علمه الواسع، وأدبه
الرائع، وخدمته السابقة، وشجرته الباسقة، وما أضافه إلى النظم من الشرح
والمقدمات التي هي أكثر فائدة للمطالع، وخير مرجع للمراجع، قد هز أريحية
فضلا السوريين فكان منهم ما يجب أن يكون فيه أسوة حسنة لغيرهم ممن لا يقدرون
لعامل قدرًا، ولا يؤدُّون لمحسن شكرًا، فحيا الله البستاني وحيَّا الله السوريين؛ هذا
وإننا سنعود إلى الإلياذة فنختار منها مقاطيع نعرضها للقراء إن شاء الله تعالى.
وثمن النسخة من الإلياذة جنيه إنكليزي.
* * *
(الفلسفة اللغوية)
اتسع نطاق العلوم كلها لسانية وعقلية وعملية؛ فكثرت فروعها وتعددت
طرق تعليمها، وأهل الأزهر ومن على شاكلتهم من مقلدي الأموات على جمودهم
لا ينقصون من كتب مشايخهم، ولا يزيدون فيها حتى صرنا لا نرى شيئًا من
الإصلاح في العلوم العربية، حتى علوم اللغة إلا ممن تعلم في المدارس النظامية التي
أصبح زمامها بأيدي الإفرنج في كل قطر , فبينما ترى جبر أفندي ضومط يؤلف
الكتب البديعة في البلاغة والنحو كالخواطر الحسان في المعاني والبيان، وفلسفة
البلاغة والخواطر العراب؛ إذا بجرجي أفندي زيدان يؤلف كتبًا في فلسفة اللغة
العربية وتاريخها وتاريخ التمدن الإسلامي. وقد كان ألف كتاب (الفلسفة اللغوية)
سنة ١٨٨٦ م ونشره في بيروت , وأعاد طبعه في هذه السنة مع زيادة فيه.
وموضوعه: (الأدلة اللغوية التحليلية على أن اللغة العربية مؤلفة في الأصل من
أصول قليلة ثنائية أحادية المقطع مأخوذ عن محاكاة الأصوات الخارجية والأصوات
الطبيعية التي ينطق بها الإنسان نطقًا غريزيًّا) فهو يبحث عن كيفية نشأة اللغة
وارتقائها. وهو بحث جليل أفرده الإفرنج بالتدوين، وأقاموه على قواعد علمية
استقرائية، وصفحات الكتاب ١١٨ , ولعلنا نوفق لمطالعته ونقده مساعدة لمؤلفه
على خدمة لغتنا الشريفة. وهو يطلب من مكتبة الهلال بالفجالة وثمنه عشرة قروش ,
وأجرة البريد قرش.
* * *
(الخواطر العراب)
كتاب جديد في النحو ألفه جبر أفندي ضومط أستاذ العلوم العربية في المدرسة
الكلية الأمريكانية ببيروت، وصاحب الخواطر الحسان، وفلسفة البلاغة. وضعه
بأسلوب تعليمي غاية في البسط ودقة البحث وحسن البيان، واستيفاء التقسيم وكثرة
التمثيل واختيار الأمثلة - يمثل بالآيات الكريمة والأحاديث الشريفة والأمثال
الحكيمة والأشعار الرقيقة في الحِكَم والغزل وغيرهما , فهكذا يكون التأليف لا سيما
في مثل هذا العصر الذي كثرت فيه العلوم والفنون، وعرف فيه الاقتصاد في
الوقت , فصار الإنسان يبخل على فن النحو بالسنين الطويلة، ينفقها في مُدارسته ,
وهو من وسائل اللغة , وما اللغات وفنونها إلا وسيلة للعلوم الحقيقية التي تبين
للناس كيفية الأعمال المعاشية وغيرها. وإنه ليسهل على المعلم البارع أن يدرس
هذا الكتاب في سنة واحدة وهو كاف في هذا الفن.
الكتاب تحت الطبع , وقد تفضل صديقنا المؤلف بإرسال كراريسه إلينا تباعًا
لننتقدها، وقد تصفحنا بعض صفحاته فوجدناها تجل عن الانتقاد إلا ما لا يكاد يخلو
منه كتاب حديث كاستعمال بعض الألفاظ أو الجمل استعمالاً غير صحيح أو غير
فصيح.
* * *
(الإحاطة في أخبار غرناطة)
صدر الجزء الثاني من هذا الكتاب طبعته شركة طبع الكتب العربية على
ورق جيد كالعادة، وهو كما علم القراء من تقريظ الجزء الأول تأليف الوزير محمد
لسان الدين بن الخطيب الشهير , وأوله ترجمة محمد بن يوسف أمير المسلمين
بالأندلس لذلك العهد وآخره ترجمة محمد بن عبد الرحيم اللخمي ذي الوزارتين ,
والجزء كله في ترجمة المحمدين من حرف الميم وهو ٣٠٣ صفحات، وروح لسان
الدين الشعر والأدب فهي فائضة في الكتاب، وكانت سوقه نافقة في الأندلس لعهده ,
وثمن الكتاب عشرة قروش صحيحة.
* * *
(مراثي الأمة القبطية)
صدرت النبذة الثانية من هذه النبذ التي يكتبها أحد شبان القبط في انتقاد رجال
ملته. وهذه النبذة في المدرسة الإكليركية - تاريخها ونظامها الإداري ومدرسيها
وثورتها، وهذا الانتقاد من جملة أمارات الحياة الكثيرة في هذه الطائفة المستيقظة ,
وقد أهديت لنا النسخة من بضعة أشهر , وكنا أضللناها فنشكر لكاتبها غيرته الملية
ونرجو أن تكون نافعة لقومه.
* * *
(رسالة في أن العمل بالحقائق الدينية
عماد الارتقاء في الحياة الدينوية)
ألف هذه الرسالة السيد حسين كمال أفندي الشريف أودعها محاورة بينه وبين
أخيه السيد مصطفى فهمي أفندي الشريف في أسباب تأخر الأمة الإسلامية، وما
الذي يجب عليها في تلافي هذه الأسباب وقد قرأنا جملاً منها فإذا هي في الدعوة إلى
العمل بالكتاب والسنة الصحيحة، وترك كل ما سواهما من جهة الدين , والبحث في
بعض المسائل الدينية كالأمر بالمعروف، ورجم الزاني , وفيها إنكار على منصور
أفندي الشريف لأنه يكتب في مسائل دينية برأيه، وقال: إنه لم يتلق العلم عن أحد.
وفيها بحث في الفتوى الترنسفالية المشهورة - هذا ما ظهر لنا من تصفح معظم
صفحات الرسالة ولم نقرأ شيئًا من مباحثها بالتدقيق، وقد حمدنا من المؤلف هذه
المباحث.
* * *
(جرائد جديدة)
(المنعم) جريدة سياسية وطنية أسبوعية تصدر بالقاهرة محررها لطفي
عيروط المحامي بالاستئناف ومديرها سليم أفندي عيروط المحامي , وقيمة الاشتراك
فيها ستون قرشًا مصريًّا، وقد صدر منها بضعة أعداد , وكتب إلينا من إدارتها أنه
سيكتب في العدد الثامن مقالة مهمة في استعباد البلاد بالامتيازات، وأخرى مثلها في
خيانة المجلس البلدي في الإسكندرية فتوجه الأنظار إلى الجريدة وإلى المقالتين
بخصوصهما.
(الصواب) جريدة علمية سياسية أدبية تصدر في تونس يوم الجمعة من كل
أسبوع مديرها ومحررها (محمد الجعايبي) من كُتَّّاب التونسيين وأدبائهم، وقد
رأينا في الأعداد الأخيرة منها مقالات مفيدة في انتقاد الامتحان في جامع الزيتونة،
وما أحوج الأزهر إلى مثل هذا الانتقاد، وإننا لنشكر للحكومة التونسية إطلاق
الحرية للجرائد، وقيمة الاشتراك ٨ فرنكات في البلاد التونسية و ١٠ في الجزائر
و١٣ في سائر الممالك.
(النادي) جريدة مدنية أدبية اجتماعية تصدر في القاهرة باللغتين العربية
والإيطالية صاحبها الدكتور أنريكو آنساباتو. ومما أخذه صاحبها على نفسه بيان
بعض مزايا الإسلام، ولا سيما مذهب التصوف وقد جعل قيمة الاشتراك في السنة
٤٠ قرشًا في البلاد المصرية و ١٢ فرنكًا في غيرها , فنتمنى له التوفيق والنجاح.