للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


الحريق في الآستانة

فجعت الآستانة يوم عيدِ الدستور من الشهر الماضي بحريق هائل، التهم من
البلد ما تقدر مساحته بالأميال , وقيمته بالملايين من الليرات, حتى قيل: إنه دمر
زهاء ربع إستانبول، ومن المباني التي أكلتها النار في أول شبوبها (دائرة أركان
الحرب) ومن المعاهد المشهورة سوق (الشاهزاده) و (آق سراي) و (قوم
قبو) وما يتصل بذلك من الدور والمساجد والمدارس.
المصاب كبير، ومن حسن الحظ أن كان في الصيف (وبساط الصيف واسع)
كما جاء في المثل، ولو كان في شتاء كالشتاء الماضي في برده وثلجه؛ لهلك
الألوف من الناس. وقد كنا كتبنا في الجزء الثاني من هذه السنة نبذة في بيان كثرة
الحريق في الآستانة، وقلة عناية الحكومة بأمر إطفائها؛ كاتخاذ المطافئ الحديثة
وجرها بالآلات البخارية والكهربائية وإعداد الماء لها في كل مكان. وشددنا النكير
على حكومتنا في هذا؛ لعلها تتألم فتتذكر أو تخشى فما أفاد التذكير.
ومما يذكر مقرونًا بالحمد والشكر والترغيب؛ أن أهل النجدة والسخاء طفقوا
يبذلون الإعانات للمنكوبين. ولكن يخشى أن تصرف هذه الإعانات في غير الوجه
الأنفع.
فنقترح الآن أن تؤلف شركة مالية لبناء ما هدم على الطريقة الحديثة بسرعة،
وإعطائها المساكن للمنكوبين بأثمان رخيصة بالتقسيط، وجعل الإعانات التي تجمع
عونًا للفقراء على دفع أقساطهم.