المُشَكَّلَة بموجب قرار مجلس الوزراء الصادر في ١٢ أبريل سنة ١٩٣٢
أرسل إلينا صاحب السعادة محمد شاهين باشا رئيس هذه اللجنة الأسئلة الآتية كما أرسلها إلى كثير من الجماعات وأفراد العلماء الباحثين منذ شهر يونيو، وكنا أخرنا أجوبتنا لأجل أن ندرس الموضوع من جميع أطرافه فتكون مفصلة، ولما رأينا من سبقنا إلى الكتابة في الموضوع قد أطالوا في كل جواب رأينا الاكتفاء بما يوجبه علينا الشرع من بيان حكمه في الموضوع، وهذا نص الأسئلة مع أجوبتنا: أسئلة يُراد الإجابة عليها السؤال الأول هل ترون إلغاء البغاء الرسمي أو إبقاءه، وما هي الأسباب التي تبنون عليها رأيكم؟ جوابه: إنني أرى وجوب إلغاء البغاء الرسمي وغير الرسمي وعقاب الزناة والزواني؛ لأن الزنا فاحشة حرَّمها الله تعالى بنص القرآن وعلى ألسنة جميع الأنبياء، فإباحته واستباحته - أعني استحلاله - ارتداد عن الإسلام، وما حرَّمه الله تعالى إلا لما فيه من المضار والمفاسد البدنية والنفسية والاجتماعية التي تضاعفت في هذا الزمان بفشوه في جميع الطبقات، ومنه بعض الأمراض السرية التي لم تكن كلها معروفة في العصور السابقة، وإن من أكبر العار على الأمة المصرية ولا سيما علمائها، وعلى الحكومة المصرية التي وضعت في دستورها أن دينها الإسلام أن تبيح الزنا في هذا القطر الإسلامي الذي يدين جميع أهله بتحريم الزنا وقبحه، لا يشذ منهم إلا زعانف من الملاحدة الإباحيين هم أكبر خطر على هذه الأمة؛ فإن هذا الإسراف في الفسق يهلك الأمم القوية فكيف يكون فتكه بالأمم الضعيفة التي هي في سن التكوين السياسي والمدني والاقتصادي. ومن العجب أن كثيرا من أهل هذه البلاد وغيرهم يرون أن مصر أولى الأقطار الإسلامية بزعامة العالم الإسلامي، وبأن تكون مقر الخلافة الإسلامية، وأن تكون الحجاز تابعة لها أو تحت سيادتها، وهي تبيح الزنا والسكر والربا والميسر إلا بعض أنواعه. بل يجب على الحكومة المصرية سد ذرائع الزنا من تهتك النساء ورقصهن وتبرجهن في الأسواق والشوارع (كاسيات عاريات مائلات مميلات) كما ورد في الحديث الصحيح في صفات أهل النار ولا سيما استحمامهن على شواطئ البحار مع الرجال، ورقصهن معهم وخلوتهن بهم في هذه الحال، وتلك المحال، بل خروجهن بسترة الحام الرقيقة إلى الشوارع والملاهي والمقاهي، وهذه الإباحة شر من إباحة الزنا في مواخير لا يراها إلا من يدنس نفسه بدخولها، ولا يمكن منع الزنا مع إباحتها. *** السؤال الثاني وجوابه في حالة الإلغاء ما هي الطرق التي تشيرون بها لمعاملة البغايا المرخص لهن الآن؟ (ج) إن الأطباء ورجال الإدارة أوسع رأيًا مني في هذه المسألة؛ وإنما أقول إن كل معاملة يُعاملن بها خير لهن وللناس من إباحة هذه الحرفة الملعونة. *** السؤال الثالث وجوابه ما هي الوسائل التي تقترحونها لمكافحة البغاء السري؟ (ج) لعل أقرب الوسائل إلى ذلك وضع العقوبات الشديدة على الزنا والقيادة وأصحاب المواخير السرية مع مراقبتهم بالدقة التي يُراقب بها شر الجناة والمجرمين ومنع إباحة تهتك النساء جهرًا في شواطئ البحار وأمثالها. *** السؤال الرابع وجوابه ما هي الوسائل التي تقترحونها لتلافي أضرار الأمراض السرية؟ (ج) إن خير وسائلها منع أسبابها، ومصلحة الصحة في غنى عن رأي مثلي في طرق علاجها. *** السؤال الخامس وجوابه إذا كنتم ترون إلغاء البغاء الرسمي فهل يكون ذلك تدريجًا أم دفعة واحدة؟ أي هل يكتفى مبدئيًّا بعدم الترخيص لبغايا جديدات فيندثر البغاء الرسمي تدريجًا؟ أم يحرم على البغايا الموجودات في الوقت الحاضر ممارسة مهنتهن فيقضى على البغاء دفعة واحدة؟ (ج) الواجب القطعي الذي لا تخيير فيه شرعًا ولا مصلحة: إلغاء البغاء دفعة واحدة بقانون صريح يتضمن العقاب الشديد على مخالفته، وتحريمه فعلاً كما حرَّمه الله حكمًا، ورجال القانون أعلم بأقرب الطرق الممكنة لتنفيذه.