إن الأئمة في نظر طائفة (الإمامية) يأتون على هذا الترتيب: (١) سيدنا علي. (٢) الحسن. (٣) الحسين. (٤) علي بن العابدين. (٥) محمد الباقر بن زين العابدين. (٦) جعفر الصادق بن محمد الباقر. (٧) موسى الكاظم بن جعفر الصادق. (٨) علي الرضا بن موسى. (٩) محمد بن علي النقي. (١٠) علي بن النقي. (١١) حسن بن علي الزكي. (١٢) محمد بن حسن العسكري. يعتقد الإماميون أن الإمام الثاني عشر وهو محمد بن حسن العسكري حي إلى اليوم , (وهو الإمام المهدي المنتظر عندهم) . ومن مطالعة مؤلفاتهم يرى الإنسان عقائد غربية مثل قولهم: غيبة صغرى، وغيبة كبرى. الغيبة الصغرى: يزعمون أنه كان في عام ٢٦٦ هجرية في زمان المعتمد العباسي مناسبات وعلائق بين الإمام وصلحاء الأمة. وكان بينهما سفراء ووكلاء ودام هذا ٧٣ سنة. الغيبة الكبرى: ابتدأت في خلافة الراضي بن المقتدر، وانقطعت بعد ذلك المناسبات بين الأئمة والأمة , وكان أول وكيل للإمام عند الخلفاء (عثمان بن سعيد العمري الأسدي) , ثم انتقلت هذه السفارة بأمر الإمام إلى ابنه أبي جعفر، وظل هذا وكيلاً عن الإمام خمسين سنة، ثم انتقلت إلى أبي القاسم حسين بن روح أبي بحر النوبختي , وبوفاته انتقلت وكالة الإمام إلى أبي الحسن علي بن محمد السميري , وعندما مرض هذا مرض الموت سألته الشيعة: لمن يجب توجيه الوكالة؟ فأعطاهم مكتوبًا زعم أنه أخذه من الإمام المخفي هذه صورته: (بسم الله الرحمن الرحيم. يا علي بن محمد السميري، عظم الله أجر إخوانك فيك، فأنت ميت، ما بيني وبينك ستة أيام , فاجمع أمرك ولا تعرض إلى أحد فيقوم مقامك , وبعد وفاتك قد وقعت الغيبة التامة، فلا ظهور بعد إلا بإذن الله تعالى ذكره، وذلك بعد طول الأمد، وقسوة القلوب، وامتلاء الأرض جورًا، وسيأتي من شيعتي من يدعي المشاهدة. ومن يدعي المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة، فهو كذاب مفتر فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) . وبهذا المكتوب يدعي الإماميون أن الغيبة الصغرى قد انتهت، وأن الإمام اختفى، وأن الغيبة الكبرى قد ابتدأت. إن هذه العقائد ليست من الإسلامية في شيء، وهي إيرانية بحتة. إن الإمام الثاني عشر توفي عام ٢٦٠ في زمان الخليفة العباسي المعتمد , وما رآه هؤلاء الأكارم من الأذى حقيقة يحرق الفؤاد، إن والد حسن جلب بأمر الخليفة المتوكل من المدينة إلى سر من رأى , وحبس هناك وظل في السجن حتى مات، وهكذا عومل حسن، وحينما حبس الإمام حسن خرج ابنه البالغ من العمر خمس سنين؛ ليفتش على أبيه , ثم دخل في مغارة أو - سرداب - ولم يخرج منها. وظل الإمامية يذهبون مدة طويلة يوميًّا لباب المغارة ينتظرون خروج الإمام منها، كما ذكر ابن خلدون إن الإمامية لم يكتفوا بتصديق الأوهام وإدخالها بين قواعد الدين، بل اخترعوا أحاديث ما لها أصل , وقدموها للعوام كصحيحة تأمينًا لمنافعهم وتهويشًا لبساطة الدين، الأحاديث التي تبحث عن فضائل الطعام , والتي قيل فيها: إن كذا وكذا من طعام أهل الجنة، وأمثال ذلك من الخرافات جميعها من تلفيقات الإماميين. [١] إن هذه الأحاديث الموضوعة تجاوزت الحد , وأضرت بالمسلمين أضرارًا اقتصادية أيضًا. مثلاً: ماذا تظن بأصل الاستمداد من الأموات؟ وبجمع الإعانات لهم؟ رجل كسلان لا يقدر أن يحسن عملاً , يرى في المنام قبرًا لا يعلم أحد ما في داخله [٢] فيتخذه ذريعة للمعيشة بدون تعب، يعلق هناك قنديلاً، ويرفع على أطرافه حائطًا [٣] ثم يكتب لوحًا بأن زيارته تشفي الأمراض وتقضي الديون , ثم يضع جملة توافق هواه ويسميها حديثًا. ويكتبها بخط جلي، ويعلقها في محل مرتفع؛ عندئذ يصدقه البله , ويهرعون للزيارة وللإعانة ولتقديم النذور!! فهذا الحال أضر بالمسلمين أضرارًا عظيمة أولها: مخالفة حكام الدين , وثانيها: إغراء الناس بالمطل والاحتيال. وثالثها: تعطيل قسم عظيم من الثروة العمومية. ورابعها: أنه يسوق الناس للأوهام ويبعدهم عن الجزم بأن {لَيْسَ لِلإنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى} (النجم: ٣٩) . فالعمدة في الرزق الكسب من طريق الأسباب، لا ما أعطاه الأموات. أما آن الأوان أيها المسلمون لنبذ هذه الخرافات؟ أليس قوله تعالى: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَراًّ يَرَهُ} (الزلزلة: ٧-٨) أبلغ من جميع هذه الترهات؟ *** فرقة الكاملية من الشيعة من غالى وزعم أن كل من لم يبايع عليًّا - رضي الله عنه - عقيب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فهو كافر , حتى إن عليًّا نفسه لم يسلم من اتهامهم، منهم الكاملية رجل اسمه أبو كامل كان يقول بالتناسخ، وهذه خلاصة تعاليمه: (الإمامة نور تنتقل من شخص إلى آخر , ويتجلى هذا النور في شخص بشكل النبوة، وفي آخر بشكل الإمامة , وفي بعض الأحايين ينقلب نور الإمامة إلى نور النبوة) هذه أصول خرافاته , يراها الأوربي ويظن بنا الظنون [٤] . *** فرقة البيانية هؤلاء يقولون: بتجسد الله (سبحانه وتعالى) رئيسهم رجل اسمه (بيان بن سمعان التميمي) , وهذه خلاصة مذهبه: إن الله بصورة الإنسان , ولا أحد يبقى غيره [٥] ، وإن روحه تجلت أول الأمر في علي بن أبي طالب , ثم انتقلت إلي ابنه محمد ابن الحنفية , ثم إلي أبي هاشم، وأخيرًا إلي بيان بن سمعان؛ أي: إليه نفسه. (بيان) هذا كان يزعم اتحاد الإله بشخص علي. عجبًا من أين أتيت هذه الخرافات إلى ديننا الحنيف؟ أتت من إيران واليونان ومن النصارى؛ لأن زعم بيان بنصف ألوهية علي هو عين اعتقاد الإيرانيين في (ميترا) والنصارى في عيسى. *** فرقة العليائية [٦] أسسها علياء بن ذراع الأسدي , وكان هذا يزعم بأن علياء هو الله , وكان يزعم أن محمدًا صلى الله عليه وسلم بعث من قبل علي. *** فرقة المغيرية رئيسها المغيرة بن سعيد العجلي , كان يبالغ أكثر من بيان بما يبين شكله تعالى وحدوده , وهذه نظريته: إن الله إنسان من نور وعلى رأسه تاج نوراني , وعندما أراد أن يخلق البشر تكلم باسمه الأعظم. وعندما بلغه عمل الناس السيئ غضب وعرق , وحصل من عرقه بحران: أحدهما مالح، والآخر حلو , وكان البحر الأول مظلمًا، والثاني نورانيًّا , ثم نظر للبحر النوراني فرأي ظله، فأخذ منه شيئًا وخلق الشمس والقمر [٧] , ثم قال: لا يجوز أن يشاركني في الألوهية أحد. وأعدم باقي الظل , ثم خلق المؤمنين من البحر الحلو، والكافرين من البحر المالح. اهـ لا أشك في أن دماغ الإنسان يجمد عندما يتصور أن أوربيًّا يقرأ هذه الترهات باسم طائفة إسلامية , وأظن أن القرد يفكر أحسن من ذلك. وهذه النظرية أيضًا إيرانية؛ لأن الإيرانيين كانوا يعتقدون مثل ذلك. وهو وصف الله بما كان يصف الفرس (هرمز) معبودهم، ولقد وصف البحار. إنما كان الفرس يسمونه (آهريمان) . كان الإيرانيون يعتقدون بأن خالق كل شيء هو (هرمز) ، ثم قال هرمز لزرادشت: بلغ الناس أن كل شيء يلمع على وجه الأرض هو مقتبس من نوري. ولا في الكون أبهى من ذلك النور , خلقت الجنة والملائكة وكل شيء حسن من هذا النور , وخلقت جهنم وجميع الشرور من بحر الظلمة. فيظهر أن المغيرة أراد أن يقلد (هرمز) ولكنه لم يحسن التقليد أيضًا. *** فرقة المنصورية مؤسسها أبو منصور العجلي , ظهر في زمان عبد الملك الأموي , وادعى الإمامة , فاجتمع حوله خلق كثير , وشغل الأمة وقتًا بما لا يفيد , وهذه نحلته قال: صعدت إلى السماء ورأيت الله , ووضع يده على رأسي , وقال لي: انزل إلى الأرض , وبلغ الناس أوامري. وهذه خرافة مأخوذة من الكلدانية والمصرية , ولكنها صبغت بصبغة إسلامية، يا للأسف. *** فرقة الجناحية رئيسها عبد الله بن معاوية , زعم أن روح الله انتقلت إلى الأنبياء , ثم إلى الأئمة، ثم حلل جميع المحرمات. وقسم نظريته الأول مأخوذ من عقيدة قدماء المصريين بالتناسخ , وقسم نظريته الثاني أخذه من نظرية (مزدك) الإيراني. *** فرقة الخطابية أسسها أبو الخطاب محمد ابن زينب الأسدي , هذا كان يقول بنبوة الأئمة وبألوهيتهم. وكان يدعي بأنه أفضل من علي نفسه. *** فرقة الهشامية مؤسسها هشام بن سالم الجواليقي , ونظرية هذه الفرقة: لله جسد طوله وعرضه وعمقه متساوية، وهو سبعة أشبار. يشبه الأجسام وجامع للأوصاف الحسية، وهو جالس على العرش بالتماس , لا يعرف الأشياء إلا بعد ظهورها، وقبل ظهورها لا يعرف عنها شيئًا , هذه نظرية هشام بن الحكم. وأما نظرية هشام بن سالم فهي: (زعمه) أن الله بصورة الإنسان، وله يد ورجل وأنف وأذن وعين وفم، ونصفه الأعلى مجوف , ولكنه ليس لحمًا ودمًا. إن هذه النظريات التي تضحك القرود كانت قصدية لإشغال المسلمين عن الأشياء النافعة , ولقد نالوا ما يبغون وا أسفاه! ! ! *** فرقة اليونسية مؤسسها يونس بن عبد الرحمن القمي , زعم أن الله جالس على العرش والملائكة تجره من مكان إلى آخر , ثم يقول: مع أن الملائكة تجر عرش الله فهو أقوى منهم كلهم. *** فرقة المفوضة يزعم هؤلاء أن الله بعد أن خلق محمدًا صلى الله عليه وسلم. فوض إليه خلق كل شيء، فالخلاق هو محمد. وبعضهم ينسب خلقه العالم إلى علي. إن هذا ليس من الإسلام بشيء، بل هو نصرانية بثوب إسلامي. *** فرقة المشبهة أشهر أركان هذه الفرقة أحمد الهيجمي , زعم هذا بأن الله جسم يلامس ويصافح , وحتى يعانق من يريد من أهل الدنيا. ومنهم عبد الله بن محمد بن كرام أسس شعبة لهذه الفرقة وسماها (المشبهة الكرامية) , وقال: إن العرش هو قطر الألوهية. أرأيت أيها القارئ المحترم ماذا كان يشتغل أجدادنا؟ أتظن أن هناك سببًا أقوى مما ذكر أدى لتأخرنا وضعفنا؟ أتظن أن هناك سببًا لتشوش أفكارنا , وتردد أعمالنا غير هذه النظريات المخلة المختلة. لا تفل أيها القارئ اللبيب: هذا شيء مضى , وهو من بقايا القرون القديمة. إن آثاره لحد اليوم حاكمة علينا. لماذا يقتل الأتراك والزيديين في اليمن؟ لماذا اتفق الإدريسي مع النصارى؟ لماذا يقتل الأتراك بالدروز؟ لماذا يشتغل المسلمون حتى اليوم في ترهات كهذه، والأوربي يشتغل بالبخار والحديد؟ كل هذا لأن الإسلامية أضاعت شيئًا مهمًّا من نبالتها الأصلية , وأصبحت أعجوبة ممزوجة بالخرافات. والأمر من كل هذا أن العوام أصبحوا خاضعين للخرافات أكثر من الحقائق , وكل من حاول إرجاع المسلمين إلى دينهم الصافي يحكم عليه بضعف الاعتقاد! ! وهؤلاء المساكين لا يدرون أنهم يدينون بخرافات اليونان وإيران. ثم إن لمبشري النصارى تأثيرًا عظيمًا في إكمال ما غاب عن ذهن مؤسس الفرق المبحوث عنها , أولئك كانوا يبتدعون بدعات جديدة , وهؤلاء يأتون من طريق منحنٍ أهم ما يرمون إليه التشكيك بأمر الدين , وأغرب أمرهم أنهم فيما يريدون إقناع الذي يجدونه ساذجًا بأمر ما , يتكلمون على الأديان كلها , ويجرحون قواعد الإسلامية والنصرانية معًا؛ ليحسن السامع الظن بهم وينالون مأربهم. ((يتبع بمقال تالٍ))