للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


أسئلة مختلفة من بيروت

بسم الله الرحمن الرحيم
(س ٣٩ - ٤٦) من صاحب الإمضاء في بيروت
حضرة صاحب الفضل والفضيلة سيدنا ومولانا العالم العلامة الإمام، مفتي
الأنام، ومرجع العلماء الأعلام، شيخ الإسلام، الأستاذ الجليل السيد محمد رشيد
أفندي رضا صاحب مجلة المنار الغرَّاء حفظه الله تعالى.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد فإنني لما رأيت الأحوال الحاضرة
في مصر من التهتكات الموبقة التي تصرع شرف الإنسانية وتهدم دعائم الفضيلة
تزداد حينًا بعد حين، وتفشو في تلك البلاد من أدناها إلى أقصاها دفعتني الغيرة
الدينية إلى استجواب فضيلتكم عما يأتي:
(١) إن تهتك النساء وتلبسهن بجميع أنواع التبرج الشائن من لبس الرقيق
الشفاف، والضيق الذي يجسِّم أعضاءهن ويصفها، فضلاً عن القصير الذي تبدو
دونه السيقان والسواعد والأعناق وأعالي الصدور مع كمال زينتها وتمام تحليتها -
لمن أكبر دواعي الفساد، وأقوى أسباب الفتنة في الدين والأخلاق والحياة، وإنه
يتفاحش إلى حد مستفظع، فلمَ تغض الحكومة المصرية الإسلامية الطرف عن ذلك
وما معنى كونها إسلامية؟ ألم يكن من واجبها كبح جماح الفتن، وقضم علائق
الفحش الذي يؤدي إلى ضعف قوتها ووهن شوكتها بانغماس رعيتها فيه؟
(٢) أليس من الواجب على علماء هذا القطر أن يقوموا بصد ذلك التيار
الجارف بكل ما استطاعوا من قوة سواء لدى الحكومة أو الشعب الغافل؟ ألم يكن
سكوتهم عن ذلك ذنبًا عظيمًا وإثمًا مبينًا؟
(٣) ما السبب الداعي لسكوت الحكومة والعلماء عن ذلك مع أنه أكبر
ضرر وأعظم خطر على الأمة المصرية وما جاورها من البلاد الإسلامية كالسودان
وكذلك الحجاز ونجد وغيرها؟
(٤) إن مجلتكم المنار من الأمور المهمة التي تبث في نفوس المسلمين في
جميع الأقطار روحًا إسلامية عالية، وتنفي عنها كل جرثومة من الرذائل حتى
غدت مطمح أنظار المسلمين جميعًا، ومحط آمالهم في جميع الأصقاع والأنحاء
فكان عليها أن لا تألو جهدًا في محاربة كل هذه النقائص والمنكرات بعزيمة لا
تعرف الفتور، وهمة لا يعتورها وهن، فما سبب الإحجام عن الاستمرار في ذلك
الجهاد الشريف مع أنها عنوان الفضائل الإسلامية؟
(٥) إن انتشار الإلحاد بصورة هائلة في جميع العالم الإسلامي ليدعو إلى
الدهشة والحيرة فما سبب ذلك؟ على أنه يوجد في تلك البلدان التي وقعت تحت
أنياب الإلحاد علماء إسلاميون بكثرة لا تقع تحت حصر، فهل العلماء يقومون
بواجبهم الديني في الإغارة على جنود المادة والطبيعة بكل وسيلة تُستطاع تحصينًا
للدين وحفظًا له أن يمسه شرر ذلك وخطره منها؟ قد اعتنق الجم الغفير من
المسلمين هذه العقيدة الباطلة ونبذوا الدين وراءهم ظهريًّا، أما كان الواجب على
العلماء الفطاحل أن يتخذوا جميع الاحتياطات اللازمة في تفنيد آرائهم، وبيان فساد
معتقداتهم، حتى يتضح الحق ويزهق الباطل ليكون ذلك حصنًا منيعًا لحفظ الدين
في نفوس أبنائه؟
(٦) هل يحسن من المسلمين أن يأخذوا أزواجهم إلى البلاد الأوربية للنزهة،
فيتزينون بزيهم ويخلع النساء عن أنفسهن ثياب الحشمة التي هي من شعائر الدين
والفضيلة، ولا ندري ما يكون سبب ذلك من أضراب المنكر فما حكم هذا؟
(٧) فما دواء كل ذلك؟ وما هي الطريقة التي يجب على الحكومة والعلماء
عملها لمنع هذه المسائل كلها؟
(٨) إن في مصر، بل في جميع البلاد الإسلامية مدارس أجنبية أنشئت
للدعاية إلى الإلحاد أو المسيحية ومقاومة الإسلامية، وآثارها الفاسدة ظاهرة للعيان،
فما السبب الداعي لانكباب المسلمين عليها ووضع أبنائهم وبناتهم تحت نيرانها
وضلالها؟ حتى أنه يبلغ عدد البنات المسلمات في هذه المدارس مبلغًا عظيمًا،
رأيت ذلك وأنا في مصر ورأيتهن لابسات القبعة (البرنيطة) سافرات عن وجوهن
وغير ذلك، فما الواجب على المسلمين تجاه هذه الحالة؟
(٩) هل يجوز للعامي الذي لا يعرف نحوًا ولا صرفًا مطلقًا أن يقرأ الكتب
الدينية الإسلامية ككتب الفقه وفتاوى العلماء وغيرها لأجل أن يعمل بها وهو يلحن
في القراءة أم لا؟ تفضلوا بالجواب على صفحات مجلة المنار الأغر ليكون النفع
عامًّا؛ ولكم الأجر والثواب.
... ... ... ... ... ... ... ... محمد علي ... اليماني
... ... الطالب سابقًا بالأزهر الشريف

أجوبة المنار، على هذه الأسئلة على ما فيها من التكرار، الموجب للاختصار
٣٩- تهتك النساء وإقرار الحكومة المصرية له
تهتك النساء في مصر يفحش ويتفاقم شره، ويستشري ضره عامًا بعد عام
حتى صار يخشى منه انفصام عرى الأُسر (العائلات) وانتكاث فتل الأمة، وأما
سبب سكوت الحكومة المصرية عليه وإقرارها له فهو يرجع إلى التفرنج وسيطرة
الإفرنج على البلاد بامتيازاتهم وبمساعدة أعوانهم المتفرنجين من رجال الحكومة
وغيرهم.
والإفرنج المستعمرون يعنون بإفساد دين الأمة وأخلاقها لتنحل جميع الروابط
التي تكون بها أمة لها كون خاص، ومقومات ومشخصات تحيا بها وتأبى بطبعها
أن تكون مستعبدة مستعمرة لغيرها، وكان بدء هذا الفساد الديني الأخلاقي في عهد
إسماعيل باشا أي قبل الاحتلال البريطاني، فكان ممهدًا لكل ما فعله رجاله من
مقاومة التعليم الديني على ضعفه في مدارس الحكومة، ومن حرية الفسق والفجور،
وقد صار الألوف من رجال الحكومة ملاحدة معطلِين أو فاسقين لا يصلون ولا
يصومون ولا يحرِّمون ما حرَّم الله ورسوله من السُّكر والزنا والقمار، بل منهم من
يهزءون بمن يرونه يصلي ويصوم، ويعدونه متأخرًا أو رجعيًّا! !
وأما تسمية الحكومة إسلامية فمعناها أنها تمثل شعبًا أكثر أفراده مسلمون،
فهي تراعي شعائرهم ومواسمهم وتقاليدهم الدينية سواء كانت ثابتة في أصل دينهم
أو مبتدعة فيه كالموالد وبناء المساجد والقباب على قبور الصالحين وتشييدها
ووضع السرج عليها من أموال الأوقاف، وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة لعن من
يفعلون هذا، وليس معناه أنها حكومة إسلامية كحكومة الخلفاء السابقين أو الحكومة
السعودية في نجد والحجاز والحكومة الإمامية في اليمن - تقيم الشريعة وتلتزمها في
سياستها وجميع قوانينها، وتمنع المنكرات الدينية كلها.
وجملة القول: إن ما فشا في البلاد من تبرج النساء وتهتكهن ما كان ليفشو إلى
هذه الدركة السفلى لولا استحسان الكثيرين من رجال الحكومة، ومن في طبقتهم من
الأغنياء المترفين له، ومجاهرتهم في اقترافه.
٤٠- ما يجب على العلماء من مقاومة هذا الإلحاد والفساد
إن وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - وأنكره الإلحاد والفساد - من
الأمور المعلومة من دين الإسلام بالضرورة، وهذه الفريضة هي سياج الدين وحفاظ
الفضيلة في الأمة ووقايتها من الرذيلة أن تفشو فيها، بل إنكار المنكر واجب في
الإسلام باليد فاللسان فالقلب، وهذا أضعف الإيمان كما ثبت في الحديث الصحيح
المشهور، والعلماء أول المطالبين بإقامة هذه الفريضة لعلمهم بوجوبها وشدة خطر
تركها وما لها من أحكام؛ ولأن كلامهم أجدر بالقبول والتأثير، وسبب تقصير
أكثرهم في إقامتها ضعفهم في الدين والأخلاق، وامتهان الحكام لهم بامتهانهم
لأنفسهم، كما قال شاعرهم الحكيم:
ولو أن أهل العلم صانوه صانهم ... ولو عظَّموه في النفوس لعظما
ولكن أهانوه فهانوا ودنَّسوا ... محياه بالأطماع حتى تجهما
وقد كان من سيرتنا في المنار من سنته الأولى (سنة ١٣١٥) إلى اليوم
مطالبتهم بإقامة هذه الفريضة والإنحاء عليهم باللائمة لتقصيرهم فيها، حتى أنهم
كرهونا وقاومونا وصاروا يصدون العامة عن قراءة المنار لأجل ذلك، وكان أول
من لامنا واعتذر عن العلماء في سكوتهم عن إنكار المنكرات شيخنا الأستاذ العالم
العاقل الشيخ حسين الجسر عفا الله عنه، فقد رد علينا في جريدة طرابلس،
واضطررنا إلى الرد عليه في المجلد الثاني من المنار من غير تصريح باسمه،
ونحمد الله تعالى أن كثر في هذه السنين العلماء والوعاظ الذين يقاومون الإلحاد
والفساد، وينهون عن الفواحش والمنكرات الفاشية والبدع والخرافات المزمنة،
ووزارة الأوقاف تساعدهم على ذلك، وهذا من فوائد كون دين الحكومة الرسمي
الإسلام، وإن تألفت في مصر جمعيات تعنى بذلك كجمعية مكارم الأخلاق الإسلامية،
وجمعية الشبان المسلمين، وجمعية الهداية في القاهرة، وقد سبقتها ولحقتها
جمعيات أخرى في البلاد المصرية تدعو إلى هداية السلف الصالح وترك البدع كلها،
وإننا ولله الحمد نساعد أكثر هذه الجمعيات ولنا فيها الإخوان والمريدون
المخلصون، وأنشئت لبعض هذه الجمعيات ولبعض الأفراد مجلات وجرائد تقوم
بهذا الواجب أيضًا.
٤١- عمل مجلة المنار وما وصفها به السائل من الإحجام
إننا قد أنكرنا تبرج النساء وتهتكهن مرارًا كثيرة بأساليب مختلفة في مجلدات
المنار المتعددة، ولا نزال نعود إلى الإنكار عند سنوح المناسبة، كما ننكر دائمًا
على سائر المعاصي والبدع، ونرد على أهل الإلحاد والشيع، ونفنِّد شبهات
المبشرين، وزيغ الماديين، ونبين في مقابلة هذا الكفر والضلالة، ما جاء به
الإسلام من الهداية، وكونها هي السبب الوحيد لسعادة الدنيا والآخرة، والجامع
الأعظم لكل ما يجب من تخلية وتحلية، هو تفسيرنا للكتاب الحكيم، الذي شهد له
العلماء في مصر وغيرها، العارفون بما يحتاج إليه المسلمون وسائر البشر في هذا
العصر من الإصلاح بأنه خير تفسير لكتاب الله عز وجل، الذي أكمل الله به الدين،
ويليه باب الفتاوى العامة التي نشرح فيها ما يسألنا عنه القراء من جميع الأقطار
من حل المشكلات، والترغيب في الواجبات، والترهيب عن المنكرات، ويليه
باب المقالات الشارحة لأهم ما يهم المسلمين من أمر دينهم وأمتهم وحكومتهم ... إلخ،
وكثيرًا ما لامنا القراء على عدم فتح أبواب في المنار للمباحث الأدبية واللغوية
والفنية وغيرها مما يحبه جماهير الناس، فيكون مرِّغبًا في قراءته؛ لأنهم يملون
بالطبع من جعل جميع مباحثه في المسائل الإسلامية التي يُقصد منها إحياء هداية
الدين والدفاع عنه، فلا نجد فيه سعة لما يقترحونه وإن كان فيه مصلحة لنا.
فإذا كان السائل يرى من الواجب أن نكتب في كل جزء منه مقالاً في إنكار
تبرج النساء وتهتكهن، وأن ترك هذا إحجام عن الواجب - فنحن لا نوافقه على هذا
الرأي ولا نظن أن أحدًا من أهل الرأي يوافقه عليه، وقد ثبت في الصحيح أن
النبي صلى الله عليه وسلم كان يتخول الناس بالموعظة خشية السآمة والملل من
التكرار.
٤٢- سبب فشو الإلحاد وما يجب على العلماء من مقاومته
أما سبب فشو الإلحاد فقد بيَّناه في المنار مرارًا، وهو أمران أهمهما عدم
التعليم الإسلامي الصحيح الذي يقتضيه حال هذا العصر، وعدم التربية الملية
الوجدانية على هدايته، والثاني فشو الأفكار المادية والشبهات العلمية على الدين في
المدارس المصرية من أجنبية وأميرية وتولي المتخرجين فيها لأمور الحكومات
وسائر المصالح العامة.
وأما ما يجب على العلماء من مقاومة ذلك وصد تياره، فالقول فيه كالقول في
مسألة مقاومة البدع والمنكرات، أكثر العلماء الرسميين المقلدين يعجزون عن
مقاومة شبهات الإلحاد، إما لأنهم لا يفهمونها ولا يفهمون الدين كما يجب أن يفهمه
من يقوم بذلك بالحجة والبرهان، وإما لضعفهم في البيان أو في الغيرة على الدين،
على أنه قد وجد فيهم وفي غيرهم أفراد يقومون بهذا الواجب على قوة أو ضعف
ولو تم للإستاذ الإمام رحمه الله تعالى ما كان يحاوله من إصلاح الأزهر ولم يصده
عنه الجمود والاستبداد، أو لو تم لنا ما قمنا به بعده من إنشاء جمعية ومدرسة
للدعوة والإرشاد، ولم يقض عليها نفوذ الاستعمار وفشو الإلحاد، لما خطر هذا
السؤال لملقيه علينا ببال.
٤٣- سفر النساء المسلمات إلى أوربة مع أزواجهن ... إلخ
من الغريب أن يسأل مسلم: هل يحسن هذا الأمر أم لا؟ وأن يسأل عن حكمه
مع علمه بما فيه من المنكرات التي ذكر بعضها، وأن من النساء من صرن يسافرن
إلى أوربة منفردات أو مع أخدانهن من الرجال، وأمثال هؤلاء لا يخطر لهم الدين
ببال، ولا مراعاة أحكامه في حرام ولا حلال، ويقل فيهم من يسافر مع امرأته
ويكون ملازمًا لها في سفرها، فلا يخالف أحكام الإسلام وآدابه إلا فيما يجب عليها
من الستر وعدم الخلوة بأجنبي، وعدم حضور مجالس السكر ورقص الخلاعة
وأمثال ذلك.
٤٤- تعليم أبناء المسلمين وبناتهم في المدارس الأجنبية
من إلحادية وتبشيرية
تقدم أن أحد سببي فشو الإلحاد والإباحة في المسلمين تعلمهم في هذه المدارس
مع تركهم لتعلم دينهم وتربيتهم، وأما سبب انكبابهم عليها فثلاثة أمور (١)
الشعور العام بأن ما فيها من العلوم والفنون ضروري للحياة المدنية الراقية في هذا
العصر (٢) الجهل بما فيه من الضرر والفساد الديني والقومي مع ظهور نتائجه
(٣) عدم وجود حكومة إسلامية أو جمعيات إسلامية راقية تكفل لهم تحصيل ما
يشعرون بأنه لا بد منه من العلوم والفنون على الوجه الذي يُرجى نفعه، ويُؤمن
ضرره، بإنشاء مدارس راقية في تعليمها وتربيتها ونظامها، تشتمل على التعليم في
جميع مراتبه لجميع العلوم النافعة، وما وجد من المدارس الإسلامية لبعض الأفراد
أو الجمعيات، لم يقصر المسلمون في الإقبال عليها، وإن لم تبلغ درجة الكليات
والجامعات الأجنبية في استعدادها ومرغباتها.
وهنالك سبب رابع هو أعم الأسباب، وهو التقليد والتيار الاجتماعي الذي
يجرف الجماهير، إلى حيث لا يعلمون من المصير، وقد سألت رجلاً عطارًا: لمَ
ترسل ابنتك إلى المدرسة وما تقصد أن تستفيد منها؟ قال: لا أدري! أنا أعمل كما
يعمل الناس.
٤٥- الدواء لجميع هذه العلل
والواجب على الحكومة والعلماء عمله
قد طرقنا أبواب هذا البحث مئات من المرات منذ أنشئ المنار إلى اليوم - أي
في مدة ثلث قرن - بعنوان الداء والدواء وباسم الاصلاح وبغير هذا من الأسماء،
ولا يزال المسلمون يتساءلون عنه، ولا يفقه أكثرهم ما كتب ولا ما قيل، وذلك أنه
ليس لهم حكومة إسلامية ولا هيئات إسلامية تقوم بما يجب من ذلك، والخلاصة
المختصرة التي نجيب بها هذا السائل أن الدواء الوحيد لذلك هو قيام حكومة إسلامية
راشدة توفَّق لأعوان من عقلاء العلماء بكل مصلحة من المصالح، ولا سيما التعليم
والإرشاد، ومساعدة العالم الإسلامي لها أينما وجدت، وكان هذا رأي حكيم الإسلام،
وموقظ الشرق الأكبر السيد جمال الدين الأفغاني رحمه الله تعالى الذي سعى طول
حياته لأجله، فإن لم توجد هذه الحكومة فالدواء تربية عدد كثير من المسلمين
وتعليمهم ما يجب من مداواة الداء والعمل بعد الشفاء، وكان هذا رأي حكيم الإسلام
الثاني شيخنا الأستاذ الإمام (رحمهما الله تعالى) وقد بيناهما مرارًا.
هذا وإننا نرى في آفاق الأقطار الإسلامية المظلمة، وما يحيط بها من
الأخطار نورًا يبشرنا بتحقيق أمل حكيمينا المصلحين كليهما، فأما أمل الثاني فما
أشرنا إليه في هذه الأجوبة من وجود أفراد من العلماء المصلحين وجماعات للهداية
الصحيحة وأكثرهم من تلاميذه أو الآخذين عنهم، وأما أمل الأول فهو وجود
الحكومة السعودية في نجد والحجاز، فإذا كان ما ظهرت آياته في الأقطار الإسلامية
من التنبه والشعور بالحياة الملية والإصلاح الإسلامي قويًّا؛ فإنه يؤيد هذا الرجل
النادر المثال في استعداده للإصلاح الاسلامي الديني المدني (ألا وهو عبد العزيز
آل السعود) يؤيده بالرجال وبالمال وبالرأي العام.
٤٦- قراءة العامي لكتب الدين
قد سبق أن سُئلنا هذا السؤال وأجبنا عنه، وخلاصة ما يقال فيه أنه لا ينبغي
للعامي أن يعتمد على فهمه في قراءة كتب الفقه والعقائد، بل عليه أن يتلقى ذلك عن
العلماء، ثم يطالع ما يسهل فهمه مع مراجعتهم فيما يشكل منه.